قصص من الحياة الدخول إلى المتاهة (17-23) تابع الوهم


يقول حسن كنت اراه وهو يأتي الى العنبر... ولكنه لا يأتي الينا ولا يزورنا... ان زياراته لنا مقتصرة على دخول زنزانة الزعيم... يأتي مبكراً في الفجر... ونحن لاننام الا في هذا الوقت فكنت اراه دائماً... ثم يأتي ثانية آخر الدوام اي في الساعة الثانية ظهراً وهو وقت صحياتنا من النوم والتجهيز للغداء والافطار معا... انه حارس السجن... ذو شخصية قوية... يده كالمطرقة... يخشاه كل النزلاء إلى الزعيم... فإنه اذا دخل على الزعيم ترتسم على وجهه علامات الانكسار والذل... فما الذي يحدث... صرخات داخل السجن وكأنها... مظاهرة... يابووه ولكن هذه المرة كان السجناء يقولونها بفرح شديد... واتجه الجميع نحو باب العنبر... زنزانة الاحوال... من القادم الجديد؟
واخذت عيناي تتنقل بين المساجين لعلي اعرف القادم الجديد... من هو؟ هل هو مهم جداً لهذه الدرجة؟
آه انه الحارس... انه يلبس ملابس السجن وقد اختبأ خلف مسؤول العنبر ويشير الى زنزانة الزعيم... ما الذي جاء به الى العنبر... لعله متنكر.
ولكن بعد لحظات ومن خلال تهديد النزلاء له وطلب الاقتصاص منه... علمت بما لا يقبل الشك انه تحول من سجان الى سجين... فما هي الحكاية.
طلبت من احدهم ممن يقطنون زنزانة الزعيم ان يخبرني عن قصته.
قال: هو الذي جنى على نفسه.
قلت: كيف؟
قال: اللي يتنازل عن مبادئه وقيمه مرة واحدة يتنازل عنها طول عمره ولايستطيع التراجع.
نزلاء السجن اذكياء جداً ولكن في الجانب السلبي... فهم عباقرة في ابتكار طرق تهريب المخدرات الى السجن ولهذا فهم ينجحون في ذلك مرات كثيرة... لنحسبها... كم نزل في السجن؟
لنقول 400 نزيل كل هؤلاء هدفهم في الحياة هو تعاطي المخدرات... صـــدقوني ليس لديهم هدف آخر... يعني 400 عقل يفكر كيف يهرب المخدرات إلى السجن.
وهم ايـــضا محترفــــون بشـــيء آخر الا وهو الـــــتـــأثــــير على الآخــــريـــن ودراســـــــة حالـــــتـــهم النفسية... فــــما فعـــلوه بالحــــارس المســـكيــــن؟ هذا ما سنعرفه غداً عنه ان شاءالله.