إشراقات من الحكم / ستر الله

تصغير
تكبير
| بقلم علي يوسف السند |

 طبع الله الخلق على النقص وملازمة الزلل، لكن من رحمته بهم ان اسدل عليهم جميل ستره، وانما يتعايش الناس بفضل ستر الله عليهم، اذ لو كشف الله خفايا الناس لما جلس احد الى صاحبه او قريبه، لذلك فان الستر منه تعالى من اعظم النعم على عباده، يقول ابن عطاء: «من اكرمك فإنما اكرم فيك جميل ستره فالحمد لمن سترك، ليس الحمد لمن اكرمك وشكرك»، لانه لولا ستر الله لما مدحك او شكرك احد، فالناس في الحقيقة لا يحمدون احدا لذاته، وانما يحمدون جميل ستر الله على عباده، فالفضل والاحسان الحقيقي هو من الله تعالى، وما اضافته للعباد الا على سبيل المجاز، لان الله سبحانه هو العليم بما نخفي من عيوب توجب نفرة الناس منا ومع ذلك اخفاها عنهم وامر عباده ان يشكروا المحسن ويمدحوا المتفضل، وهذا من غاية الكرم الإلهي.


ويقسم ابن عطاءالله الستر الى قسمين فيقول: «الستر على قسمين: ستر عن المعصية، وستر فيها» والمقصود بالستر عنها هو ان يكون بينها وبين العبد حجاب فلا يراها، واذا رآها فانه لايستحسنها، وان استحسنها فلا يتمناها، اما الستر فيها فيكون بالحجاب عن الفضيحة بين الناس بعد الوقوع في المعصية فهم [يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم].


ثم قسم ابن عطاء الناس من حيث طلبهم للستر، فقال: «فالعامة يطلبون من الله تعالى الستر فيها، خشية سقوط مرتبتهم عند الخلق، والخاصة يطلبون من الله الستر عنها، خشية سقوطهم من نظر الملك الحق «فالعامة من الناس لايفرون من المعصية ابتداء، وربما تناسوا ما تجره من فضيحة، فاذا وقعوا فيه فإنهم يسألون الله الستر، ولكن اذا تحصلت لهم المعصية مع الامن من وقوع الفضيحة فانهم لايستنكفون عنها. اما الخاصة فانهم يطلبون الستر عن المعصية بألا تخطر لهم على بال وذلك خوفامن ان يسقطوا من عين الله تبارك وتعالى، فالدافع لذلك الحياء والهيبة والاجلال والتعظيم، حتى وان غفر الله لهم ما اقترفوا، فهم يريدون ان يحجبوا عن اي طريق قد يؤدي بهم - ولو بالخاطر - إلى مخالفة اوامر الله، لذلك كان من دعاء الصالحين: «اللهم إنا نسألك التوبة ودوامها، ونعوذ بك من المعصية واسبابها، وذكرنا بالخوف منك قبل هجوم خطراتها، واحملنا على النجاة منها ومن التفكر في طرائقها».


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي