إحياء أُمّة
الخير متأصل في أمتنا، معلومة لا تحتاج إلى تأكيد.كثير من أغنيائنا يخصّصون جزءاً من أموالهم لعمل الخير، هذه الأموال تُصرف عادة للمحتاجين من فقراء المسلمين، والقليل منها يُخصّص لمساعدة طلبة أو مرضى، لكن اليوم نحن بحاجة إلى تغيير لهذا النمط، نحتاج إلى متبرعين يخصّصون جزءاً من أموالهم لمساندة القيم.تخصيص الأموال للفقراء والمحتاجين من أبواب الخير العظيمة والمسلم لا يستطيع أن يخرج بزكاته عن أبواب الزكاة المحددة، ولكننا ننسى أن خالقنا -جلّ وعلا- جعل أبواب الصدقات لتسعة أبواب؛ ومجالات متعددة لاسيما ما يوصي به الأغنياء في تركتهم، ومن هذه الأبواب التي لا نراها متوافرة، رغم أهميتها، باب العلم الذي يُنتفع به.رسالتي إلى أغنياء أمتنا ممَنْ يفكرون بترك جزء من تركتهم لأعمال الخير، عليهم أن يخصّصوا صناديق لدعم القيم والحاجيات الأساسية التي تحافظ على أمتنا، فهذا الباب هو من الأبواب التي لا تنقطع بموت صاحبها أبداً.يمكن أن نتخيل صندوقاً لمحاربة الشذوذ؛ وصندوقاً للدفاع عن لغتنا العربية وإعادة مكانتها كلغة للعلم؛ وصندوقاً للتصدي لآفة المخدرات، مثل هذه الصناديق التي تتوافر لديها الأموال ستُساهم بلا شك في إحياء العلوم النافعة وعودة القيم النبيلة لمجتمعاتنا من أجل أجيال تفتخر بثقافتها.اليوم، إذا أردت مساعدة مرضى ستجد كثيراً من الأغنياء يسارعون مشكورين لمساعدتهم، ولكن إذا طلبت دعم مشروع لإنشاء جامعة باللغة العربية لن تجد أحداً يهتم، يشتكي الجميع من انتشار المخدرات ولم يتبنَ أحد من الأغنياء مؤسسة تقوم على العلم من أجل رصد وتحليل هذه المأساة وتوفير المصدّات والحلول لها، اليوم أيضاً، هناك هجمات تزداد شراسة في الإعلام الغربي من أجل اعتبار الشذوذ ممارسات طبيعية، تلك الهجمات لا تجد أمامها مصدات من مؤسسات تكشف زيف ادعائها وتُظهر حقيقة فطرة الإنسان السّوي.اليوم، نحن جميعاً نشاهد ما يحدث في بلادنا العربية من شراسة في الهجوم على لغة أمتنا، هجوم كاسح يسعى إلى إحلال اللغة الإنكليزية بدل لغتنا العربية، العلماء يعرفون خطورة ذلك على مستقبل أمتنا وعلى تقدمها ولكن لم يجدوا أحداً من الأغنياء يُخصص ثلثه من أجل إنشاء مؤسسة تقوم على البراهين للبدء في إنشاء المؤسسات العلمية والتربويّة التي تُعلّم باللغة العربية، لغتنا التي تحتاج إلى فرصة للمنافسة وإظهار الحقيقة.أسأل الله أن يقرأ هذا المقال مَنْ يستطيع أن يجعل جزءاً من ثلث موتاهم للقيم، فهذا العلم سيبقى أثره ليس على أشخاص بل على الأمة كاملة، كما أطلب ممَنْ مازالوا على قيد الحياة من الأثرياء الذين يبحثون عن باب ينفعهم في يوم لقاء ربهم، أطلب منهم أن يجعلوا جزءاً من أموالهم للعلم النافع بإنشاء مؤسسة ذات هدف محدد؛ وبأيادٍ أمينة تسعى، مثلاً، لإحياء لغة العرب وفتح المدارس التعليمية التي تكون لغتنا هي لغة العلم فيها، هذا هو المال الذي يُستثمر في إحياء أمّة.