«كورونا» سدّد «ألفيّته» في مرمى الإرباك الرسمي

لبنان بين «مُعْجِزة» تُفْرِج عن الحكومة أو «رايحين ع جهنّم»

1 يناير 1970 11:05 ص

لم يكن أدلّ على الحائط المسدود الذي بَلَغه تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان من وضْع رئيس الجمهورية ميشال عون هذا الملف بين حدّيْ
«إما معجزة» تتيح استيلادَها الذي تَأخَّرَ عن المُهَل الفرنسية «المُتَناسِلة» وإما «رايحين ع جهنّم» تتّسع رقعتُه سياسياً ومالياً واجتماعياً كما على جبهة فيروس «كورونا» المستجد.
وحتى هذه «المعجزة» التي باتت تحتاج إليها «حكومةُ المَهمة»، وفق «خريطة طريق» الرئيس إيمانويل ماكرون، بَدَتْ مستحيلةً وفق ما عبّرت عنه خبايا إطلالة عون أمس، في مستهلّ الأسبوع الرابع على تكليف الرئيس مصطفى أديب تشكيلَها الذي سرعان ما وَقَع في شِباك الاشتباك الأميركي - الإيراني الكبير.
وجاءت الكلمة التي وجّهها عون أقرب إلى إعلان نَعْيٍ للحلول القريبة رغم مبادرةٍ قدّمها وبدا كأنها تحمل «بذور فشلها» في ضوء الاستعصاء المتمادي في إيجاد مَخْرَجٍ للمعادلة التي رسَمها الثنائي الشيعي «حزب الله» - رئيس البرلمان نبيه بري على قاعدة «حقيبة المال لنا مهما كان الثمن».
واستوقف أوساطاً واسعة الاطلاع مجموعة مفارقاتٍ طبعتْ أول كلام مستفيض لرئيس الجمهورية في الملف الحكومي منذ انطلاقِ رحلةِ التأليف بقوة دفْعٍ فرنسية لم تتّسق سرعتُها مع إيقاعِ لعبة «الشدّ والرخي» التي تضبطها طهران على توقيت المكاسَرة مع واشنطن في ساحات العمق الاستراتيجي، وأبرزها:
* أن عون قام بـ«توزيع المسؤوليات» في ما آل إليه ملف التشكيل بما يشبه التساوي بين طرفيْن:
الأول أديب ومن خلفه رؤساء الحكومة السابقون الذين سمّاهم في معرض تحديد العقد أمام التأليف بكلامه عن «ان الرئيس المكلف لا يريد الأخذ برأي رؤساء الكتل في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء ويطرح المداورة الشاملة، ويُسجَّل له أنه يرفض التأليف إن لم يكن ثمة توافق وطني على التشكيلة الحكومية».
والثاني ثنائي «حزب الله» - بري ، حيث تصرّ «كتلتاهما على التمسك بوزارة المال وتسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية الكريمة. ويُسجَّل لهما التمسك بالمبادرة الفرنسية».
* أن رئيس الجمهورية عَكَس في تَصَوُّره للحلّ المحكومِ بالفشل، تمايُزاً عن الثنائي الشيعي بدا من الصعب فصْله عن العقوبات الأميركية المتدحْرجة على البيئة السياسية الحاضنة لـ «حزب الله» في لبنان كما عن الأبعاد العميقة لتَمسُّك الحزب وبري بوزارة المال واستثنائها من مبدأ المداورة في الحقائب الذي يصرّ عليه أديب وجعْل تكريسها للمكوّن الشيعي مفتاحاً لشراكته «الدائمة» في السلطة التنفيذية عبر التوقيع الثالث.
وعبّر عون عن ذلك بتأكيد أن غالبية الكتل التي استمْزج آراءها بعدما «تفاقمت المشكلة واستعصت» طالبت بالمداورة، مقدّماً «مرافعةً» في هذا الإطار ارتكزت على «أن الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة أو لأي فريق كما لا يمكن منْح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور» وأن «جميع الوزراء متساوون كل في شؤون وزارته ومن خلال العضوية في مجلس الوزراء، وليس لأحد أن يفرض سلطته على الآخَر من خارج النصوص الدستورية»، وصولاً الى القول رداً على سؤالٍ حول الأصوات المُطالِبة بفك تفاهم مار مخايل (بينه وبين حزب الله) «هذا الأمر لم يجْر ولكن ذلك لا يمنع أن يُبْدي كل فريق رأيه عندما لا يكون هناك تفاهم حول موضوع ما، وأنا هنا أبدي رأيي المبني على الدستور».
وجاء هذا التمايُز عن «حزب الله» فيما كان سجالٌ من العيار الثقيل ينْدلع وبمكبّرات الصوت بين النائب زياد أسود (من كتلة التيار الوطني الحر - حزب عون) ومستشار بري وزير المال السابق علي حسن خليل المكلف التفاوض في الملف الحكومي، وصف فيه الأول وزارة المال «الأمس واليوم» بأنها «نموذج فاقع عن حالات فساد»، ومتوّجهاً إلى خليل «إنتو صناعة وطنية بالسرقة المنظّمة»، ليردّ الأخير مهاجماً عون دون تسميته «عهدكم الأسود هو النموذج الذي لم يسبقه أحد بالفساد من أعلى المقامات الى أدنى متوتر يكذب نفسه والناس».
* أن عون صوّب ضمناً على الرئيس السابق للوزراء سعد الحريري من دون أن يُسقِط الجسور في الوقت نفسه مع رؤساء الحكومة السابقين الذين يُتّهَمون بالتدخل في ملف التأليف فـ «صحيح هم يتدخّلون، ولكن من جهة أخرى هم لم يخسروا حقوقهم المدنية وبإمكانهم المساهمة، وكل الأحزاب تفعل ذلك»، بعدما كان أخذ على أديب استبعادَه الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة «وهذا لا يجوز»، وعلى الحريري دون تسميته «فرْض وزراء وحقائب من فريق على الآخَرين، وخصوصاً أنه لا يملك الأكثرية النيابية».
* أنه انطلق من «اننا اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، ومع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالباً ومغلوباً، وطرحْنا حلولاً منطقية ووسطية ولكن لم يتم القبول بها من الفريقين»، ليقترح «إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سُميت بالسيادية (المال والدفاع والداخلية والخارجية) وعدم تخصيصها لطوائف محدّدة (تتوزع حالياً بين ماروني، أرثوذكسي، سني وشيعي من دون تخصيص كل حقيبة لطائفة) بل جعْلها متاحة لكل الطوائف فتكون القدرة على الإنجاز هي المعيار في اختيار الوزراء».
وسارعتْ الأوساط الواسعة الاطلاع إلى اعتبار أن هذا الطرح، الذي أطلقه قبل أيام رئيس «التيار الحر» جبران باسيل هو أقْرب إلى «الهروب إلى الأمام» من عدم القدرة على جعْل الثنائي الشيعي يَتراجَع عن التمسك الحاسم والذي لا رجوعَ عنه بحقيبة المال وصولاً إلى المعلومات عن أن «حزب الله» رَفَض حتى مخْرجاً اقترحه رئيس الجمهورية على رئيس كتله نوابه محمد رعد بأن تكون «المالية» من حصته، وسط إشارةٍ لافتة أطلقها عون بكلامه عن «ان لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيُجْدي».
وفيما بدا الرئيس اللبناني في إطلالته وكأنه ينْفض اليد من «جهنّم» التي «سنذهب إليها» ما لم تتمّ الموافقة على ما طرحه، رابطاً إمكان ولادة الحكومة قريباً بـ «أعجوبة يمكن أن تحصل»، رأت هذه الأوساط أن البيان الذي أصدره أديب صباح امس لم يخْلُ من البُعد «اليائس» نفسه، إذ أعلن الرئيس المكلف أن «لبنان لا يملك ترف إهدار الوقت وسط كمّ الأزمات غير المسبوقة التي يمر بها والتي تستوجب تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج، سبق أن تعهدت الأطراف دعمها، مؤلفة من اختصاصيين وتكون قادرة على وقف الانهيار»، مؤكداً أنه أنه لن يألو جهداً لـ «تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية».
وفيما فاقَمَ من الأفق الحكومي البالغ القتامة انكشافُ تَداخُله مع العصْف الإقليمي واسترهان الواقع اللبناني لمقتضيات المواجهة الإيرانية مع واشنطن ووضعيّة on hold التي علّقت طهران «بلاد الأرز» عليها بانتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية، قبض على لبنان كابوس وقوع البلاد في عين أعتى موجةٍ لـ«كورونا» الذي سجّل يوم الأحد، «ألفيّته» الأولى مع 1006 إصابات و11 وفاة، في ظل ارتباكٍ رسمي في التعاطي مع هذا الخطر المُرْعب الذي يُنذر بأسوأ السيناريوات وصولاً إلى سجالٍ عنيف لم يَخْلُ من تقاذف اتهاماتٍ بين وزيريْ الصحة والداخلية في حكومة تصريف الأعمال بعد مطالبة الأول بالعودة إلى الإقفال التام لأسبوعين وهو ما لم يتم الأخذ به واستعيض عنه بالتوصية بإقفال البلدات التي تشهد انتشاراً كبيراً للفيروس والتشدّد في إجراءات الوقاية.

بلغاريا: المؤبد لعنصرين
من «حزب الله» فجّرا
حافلة إسرائيلية في 2012

صوفيا - أ ف ب - قضت محكمة بلغارية، أمس، بسجن شخصين من أصل لبناني، تمّت محاكمتهما غيابياً، بالسجن المؤبد على خلفية التفجير الدامي الذي استهدف حافلة كانت تقل سياحاً إسرائيليين في مطار بورغاس في بلغاريا.
وأسفر الاعتداء الذي وقع في يوليو 2012 عن مقتل خمسة إسرائيليين بينهم امرأة حامل وسائق حافلتهم البلغاري إضافة إلى اللبناني الفرنسي الذي كانت المتفجرات بحوزته، كما أسفر عن إصابة 35 شخصاً.
واعتبُر الاعتداء الأكثر دموية ضد إسرائيليين في الخارج منذ العام 2004.
وحمّلت السلطات البلغارية والإسرائيلية «حزب الله» اللبناني مسؤولية الاعتداء، وهو أمر لعب دوراً في قرار الاتحاد الأوروبي الذي أعقب الهجوم بتصنيف الجناح العسكري للحزب على لائحة المنظمات «الإرهابية».
وحكمت القاضية اديلينا ايفانوفا على الرجلين، اللذين فرا من بلغاريا ويحاكمان غيابياً، «بالسجن المؤبد من دون إمكانية الإفراج المشروط» عنهما، لكن لا يزال الحكم قابلاً للاستئناف لدى محكمة أعلى خلال 15 يوماً.
وتم التعريف عنهما على أنهما لبناني أسترالي يدعى ميلاد فرح، كان يبلغ من العمر 31 عاماً عند وقوع الهجوم، واللبناني الكندي حسن الحاج حسن (24 عاماً)، واتّهما في منتصف العام 2016 بأنهما شريكا منفّذ التفجير.
وبناء على تحليل الحمض النووي، تم تحديد هوية منفّذ العملية على أنه لبناني فرنسي يبلغ من العمر 23 عاماً، ويدعى محمد حسن الحسيني.
ووقع الهجوم عندما فجر الحسيني قنبلة في حقيبة ظهر كان يحملها بالقرب من حافلة لسياح إسرائيليين في المطار، حيث قُتل الرجل، الذي قالت السلطات إنه يُدعى محمد حسن الحسيني، في الهجوم.