اهتزت مشاعر العالم بأسره عقب مشاهدته لبعض لقطات انفجار مرفأ بيروت، وما خلّفه من خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
فقد أشارت آخر الإحصائيات إلى مقتل أكثر من 220 شخصاً، وإصابة أكثر من 6000 آخرين، و حوالي 110 أشخاص في عداد المفقودين، كما نزح أكثر من 300 ألف شخص من مساكنهم، وأدى الانفجار إلى تدمير كبير في مرافق الدولة والقطاع الخاص، وقُدّرت الخسائر الأولية ما بين 10 إلى 15 مليار دولار!
هذا الانفجار المدمّر - والذي ما تزال السلطات اللبنانية تحقق في أسبابه والمسؤولين عنه - سيزيد الطينة بلة في مأساة الشعب اللبناني الشقيق، والذي كان وما زال يعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية وسياسية وعسكرية.
من أبرز الملاحظات التي أعقبت الانفجار، هو الهروب الكبير من جميع الفرقاء في لبنان من تحمل المسؤولية، والهروب إلى الأمام من خلال توجيه الاتهام إلى الأطراف الأخرى!
كذلك كان من اللافت تلك العريضة المزعومة، والتي يقال إنه تم فيها جمع تواقيع أكثر من 36 ألف لبناني، يُطالبون فيها بعودة الاستعمار الفرنسي كي يخلّصهم من معاناتهم التي يعيشونها!
وإذا صدق هذا الخبر فإن هؤلاء الموقعين على العريضة ينطبق عليهم المثل القائل: (كالمستجير من الرمضاء بالنار)!
فمتى جلب المستعمر الأجنبي الخيرَ للبلدان التي احتلها؟
كان من اللافت أيضاً سرعة استجابة بعض الدول العربية والإسلامية والغربية لنداءات الاستغاثة والدعم، التي أطلقها المسؤولون اللبنانيون، وفي مقدمة هذه الدول الكويت وتركيا، وقد أرسلت الأخيرة نائب الرئيس و وزير الخارجية من أجل إعلان التضامن مع الشعب اللبناني.
ما حصل في لبنان لا بد وأن تستفيد منه الكويت وتأخذ منه العظة والعبرة، والعاقل مَنْ اتعظ بغيره.
فمعاناة اللبنانيين اليوم، إنما هي من عواقب تقديم المصالح الحزبية والطائفية والخاصة على مصلحة الوطن، ومن آثار الصمت عن الفساد المنتشر في البلاد، والذي تم السكوت عنه طويلاً لاعتبارات عدة، فكانت النتيجة تلك الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات.
الكويت لا بد أن تحذر من الوقوع في المأساة نفسها، فالفساد استشرى في مؤسسات عدة، وصدر من شخصيات عدة كان لها نفوذ في البلاد، مثل صندوق ضيافة الداخلية، وصندوق التأمينات، والصندوق الماليزي، وقضية النائب البنغالي، وغسيل الأموال، وتجار الإقامات وغيرها من الفضائح الكبرى.
إذ لا بد في هذه القضايا من المحاسبة، ومعاقبة كل المتجاوزين على الأموال العامة، وكل مَنْ جمع الأموال الطائلة بطرق غير مشروعة!
فمَنْ باع ضميره من أجل أطماع الدنيا، لن يكون مستبعداً عنه أن يبيع الوطن وأمنه وسلامته واستقراره للأطماع نفسها.
فهل نتعلّم من دروس الآخرين؟
Twitter: @abdulaziz2002