أمير الدروس الصعبة... خطاك السو... وخطانا

1 يناير 1970 01:41 ص

كان صباحاً مُشرقاً وجميلاً ومتفائلاً... صباح يوم أمس الذي بشّرنا فيه بيان الديوان الأميري بنجاح العملية الجراحية التي أجراها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بعد ليلة صعبة من القلق وقض المضاجع ترقباً لبزوغ الشمس وتلمس الأخبار عن صحة العود.
هل كان كل هذا القلق الذي عاشته الكويت وأهلها مبرراً؟... نعم... كان مبرراً، لأنه الشيخ صباح، إنه مدرسة كبيرة في السياسة الخارجية مثلما هو مدرسة كبيرة في الحكم والسياسة الداخلية.
شهدنا كيف تمكنت الكويت على مرّ التاريخ المعاصر - والشيخ صباح أحد أبرز وأهم أركانه - من تجاوز كل العواصف الإقليمية في الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات، ثم العاصفة الكبرى أول التسعينات مروراً بكل تصدعاتها وآثارها وتداعياتها، وهذا كله بفضل القيادة الكويتية الحكيمة والشيخ صباح من أركانها.
مثلما شهدنا ذلك، شهدنا أيضاً مدرسة الشيخ صباح في السياسة الداخلية وكيف تمكن سموه بحنكة يصعب إيجاد مثيل لها من تجاوز أزمات واضطرابات تسبّبت لدى الغير ببحور من الدماء والضحايا والخسائر، لكنها مرّت علينا برداً وسلاماً مع قدرة عالية على التجاوز والتسامح والبدء من جديد.
حتى من كان لا يتفق مع منهج مدرسة الشيخ صباح في وقت معين وكانت له وجهة نظره المبرّرة آنذاك، نراه اليوم يتفق مع ما كان يرفضه بالأمس، وما أقنعه ليس القوة ولا البطش ولا التنكيل... بل هي النتائج التي تجنيها خبرة السنين وعصارة معتركات الأيام التي تشكّل قدرات يصعب محاكاتها.
والسؤال الآن... هل انتهت الدروس؟... لا والله لم تنته... وإليكم آخر الدروس... ها هو صاحب السمو الأمير، وهو في قمة الصبر وتحمل الآلام والمرض، يعطينا درساً في تحمّل المسؤولية لمَن قبل أن يكون في موقع المسؤولية... إنه الأمر الأميري بالاستعانة بأخيه سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، العضيد الأمين بممارسة بعض اختصاصات صاحب السمو الأمير الدستورية موقتاً.
إنه درس والله عظيم، فالمسؤول لا يترك أي أمر معلّقاً، ولا يترك الباب مفتوحاً أمام أي احتمال... حتى لو كان يعاني معاناة فوق الاحتمال، فالمسؤول لا يستسلم لآلامه ولا يقصّر في الأمانة التي هو مُساءل عنها أمام رب العالمين.
لله درُّك يا أمير الدروس... شفاك الله وعافاك وسدّد إلى الحق خُطاك... وأبقاك ذخراً وسنداً للكويت، وعنواناً لأهلها.