سمو الرئيس... «لا تميل»!

1 يناير 1970 01:32 ص

«الكويت بلد الأزمة الواحدة»، سمعتها قديماً من سياسي خاض في حياته الكثير من المعتركات، كان دوماً يأخذ على الكويت حكومةً وبرلماناً وشعباً أنها تغرق في أزمة واحدة ولا تحسن التعامل مع أزمات عدة في آنٍ واحد.
لهذا، من الطبيعي أن تنشغل الدنيا الكويتية بأزمة غسيل الأموال وحدها لأيام فتكون هي الشغل الشاغل للجميع، ثم ينشغل الجميع بقضية البنغالي وما رافقها من اعترافات واتهامات مثيرة، وقبل الأزمتين انشغلنا بقضية الضابط المتهم بالاتجار بالإقامات والبشر، وقبل كل هذه الأزمات انشغل الجميع في صندوق الجيش مثلما انشغل الجميع في يوم من الأيام بضيافة الداخلية!
هبينا فجأة في يوم من الأيام بالنصب العقاري وكان شغلنا الشاغل، وهبينا في تزوير الجنسية وما يمنع نهب في الصلبوخ المتطاير من الأسفلت، مع شوية استثمارات خارجية على صناديق استثمارية، وليش ما نحول على الشهادات المزورة؟... وإذا مللنا منها ندور على التركيبة السكانية... ونروح ونرجع على أكذوبة «التكويت»!
فجأة كلنا نخترع من هبوط أسعار النفط بالماينس... ونحوس في فضيحة استمرارنا على الدخل الواحد... وتالي نغوص في غيرها وغيرها من المشاكل أو الفضائح... والرابط المشترك في كل مرة أن كل هذه القضايا لن تُحل.
نعم، لقد تعودنا تاريخياً ألا نركز في أكثر من أزمة ولا في أكثر من مشكلة، وربما هذا هو سر تراجعنا الدائم وعدم إيجاد حلول حقيقية لأي من مشاكلنا التي تتحول إلى مشاكل مزمنة، نجترها من آن إلى آخر، ثم نرحلها إلى مخازن الذكريات المطوية.
وإذا كنا كشعب أو برلمان أو إعلام نعاني من (متلازمة عدم التركيز في أكثر من أزمة واحدة)، فالمفترض بالحكومة وعلى رأسها سمو رئيس مجلس الوزراء ألا تعاني من هذه المتلازمة مثلنا، لأنها من يمتلك كل خيوط اللعبة مثلما تمتلك كل الحلول، وبالتالي يتعين عليها أن تركز في كل الأمور معاً.
المهمة صعبة وقاسية... نعم، والموروث صعب ومؤلم... نعم، و«الشق عود»... نعم ونعم ونعم...، وكلما تفكرت في ما نشاهده من رؤوس جبال الخراب والفساد والترهل الثلجية أدركت عمق وضخامة تبعاتها المختفية تحت السطح، فأرفع يدي إلى خالقنا داعياً ألا يرتطم المحمل الكويتي بها فيصيبه ما أصاب «تايتنك».
سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر، أَعلم أنك كلما حفرت حفرة لتغرس فيها شجرة الأمل تفاجأ بالدنس والنتن المدفون تحتها، أَعلم أن المهمة صعبة وقاسية ومتشابكة... ومحرجة كذلك، ولكن يا سمو الرئيس اعلم أن الأمل معقود عليك اليوم، فإياك أن تميل تعباً أو يأساً... فكلنا نتكئ عليك اليوم، وإن مِلتَ أنت... سقطنا... والله المستعان.