رأي قلمي

معارج العطاء والنمو...!

1 يناير 1970 05:03 ص

ما زلنا نكتب ونحث أنفسنا والآخرين على الاهتمام بالوقت والمحافظة عليه من الهدر والإسراف، فالوقت هو حياتنا، وأغلى ما نملك، وهناك مبادئ وآليات تساعدنا على الاستفادة منه. كلنا يعلم أن العمل الشاق يؤدي إلى التعب، والعمل الذكي يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، ولذا فإن الهدف من إدارة الوقت ليس أن نعمل بجهد أكبر بل أن نعمل بذكاء أكثر، فالمقياس لنجاحنا في إدارة أوقاتنا ليس زيادة ساعات العمل وإنما الثمار اليانعة التي نقطفها من ورائها.
إن الواحد منا مهما أبدى من الكفاءة والعبقرية في تنظيم وقته واستغلاله، فإنه لن يستطيع أن يستثمر وقته على نحو تام، فالعنصر الروحي الذي يتمتع به الإنسان يجعل عمله مغايراً لعمل الآلة، والظروف المختلفة المحيطة هي الأخرى تحول دون ذلك، فلا بد إذاً أن نقنع بمناهزة الكمال عن الوصول إليه.
على الواحد منا أن يحاول التخلص من حالة هدر للوقت، ولا سيما تلك الأوقات التي تفصل بين أوقات العمل وأوقات الفراغ، وهذا يعني أن نحاول إلى أقصى حد ممكن تقليل مدة التهيؤ للعمل، ونستخدم الصرامة مع أنفسنا في هذا الأمر. وقد لوحظ مثلاً أن الرد على هاتف من أحدهم لا يعطل المرء عن متابعة عمله فقط وإنما يضيّع عليه أربع دقائق أو خمساً قبل أن يتمكن من العودة إلى ما كان فيه من قبل.
إن الرتابة المكروهة تقتل تفتّح الروح والعقل، إلا أننا يمكن أن نستخدم شيئاً منها استخداماً نافعاً في بعض الأحيان، كأن يُلزم الإنسان نفسه بأن يخصص بعد إفطار الصباح من كل يوم نصف ساعة للقراءة أو العبادة أو المشي أو قضاء بعض الأشياء المهمة، وهذا يعني اقتطاع جزء من الوقت الضائع لاستخدامه في أشياء نافعة ومهمة.
غالباً الوقت سيضيع من غير تخطيط واضح، وسيجد المرء نفسه منجذباً إلى عمل الأشياء السهلة، لذا كان لا بد من الالتزام بأهداف سنوية للتطوير الشخصي، والأهداف السنوية يتم تقسيمها إلى أهداف شهرية وأسبوعية، وسيكون من المفيد في هذه الحالة أن يخصص المرء عشرين دقيقة في مطلع كل أسبوع وخمس دقائق في مطلع كل يوم لكتابة قائمة بالأعمال التي سيتم إنجازها. والعمل الذي لا يتمكن أحدنا من إنجازه يبقيه في القائمة ليضاف إلى قائمة أعمال اليوم التالي.
كثيراً ما يذهب الوقت في تجزئة العمل وتشتيته، وكثير من الناس يبدؤون عملاً ثم يقفزون إلى غيره قبل إتمامه، ثم يعودون للأول وهكذا ... ولذا فليحاول الواحد منا ألا يركز اهتمامه في أكثر من عمل في وقت واحد، وإذا بدأ في عمل فلا يتركه حتى ينهيه، وهذا في الحقيقة يحتاج إلى العزيمة والمثابرة.
لا يخفى على أحد منا أن الزمن قد احتل أهمية فريدة في تركيبة كل ما يتصل بعصرنا، وأن الأمة المتقدمة والمتفوقة ليست تلك التي تتحدث عن السنين والشهور وتتعامل مع الأحداث من خلالها، وإنما تلك التي تستخدم الآن الدقائق والثواني. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على احترام الزمن ومحاولة استغلاله إلى أقصى حد ممكن، وبإمكان الواحد منا أن يجعل من استخدامه لوحدات الزمن مقياساً لحرصه عليه، ومقياساً لارتقائه في معارج العطاء والنمو والنجاح.

‏M.alwohaib@gmail.com
‏@mona_alwohaib