اسمحوا للكويتي بـ «التعدد»!

1 يناير 1970 01:18 ص

تحدثنا بالأمس عن كذبة الحكومة الإلكترونية، وتلك الجريمة المسماة «بيروقراطية» التي ارتكبتها الحكومات في حق الناس، وثبت يقيناً أنها تحدث مع سبق الإصرار والترصد من نموذجين، الأول، مسؤولون مملوؤن بعُقَد النقص التي لا تنفرج إلا بإذلالهم الغير! والثاني، مسؤولون فاسدون يحتاجون بيئة البيروقراطية التي توضع بحجة منع الفساد، وهي في الواقع أخصب بيئة فساد ينطلق منها صغار الفاسدين وكبارهم.
اليوم، نحن بحاجة إلى طرق باب آخر نحتاج إلى فتحه، بعدما واجهناه ونواجهه مع أزمة «كورونا»، حيث تبين أن الدرس الأكبر الذي تواجهه الكويت مع التراجع الفجائي والحاد في مداخيلها والضغط الشديد والحاد على مخزونها الغذائي والمائي والكهربائي في ظل غلاء أسعار النقل عالمياً، والتهيؤ لدخول الأيام الحارة في هذا الصيف هو باب التركيبة السكانية والوافدين.
هذا الباب، باب التركيبة السكانية التي نسمع أكذوبة حكومية سمجة أطلقت بقوة منذ الثمانينات واستمرت في ترديدها حتى اليوم، بعد نحو أربعين عاماً من انطلاق شعارات التكويت و(....) الليالي... وتبيّن أنها ليست إلا أحباراً يسود فيها الورق ونقاشات يمضي معها الوقت وملفات تمتلئ بها الأدراج، ولا أحد حقيقة يرغب في التنفيذ.
لو كنت مسؤولاً حكومياً فلن يكون أمامي هاجس أهم من هاجس التركيبة السكانية اليوم، فهي مرتبطة بالهاجس الصحي والهاجس الأمني والهاجس الغذائي والمصاعب اللوجستية، كل شيء في النهاية سوف يقودنا إلى هذه النقطة.
ونحن ندرك أن إصلاح مثل هذا الخلل لن يكون بين ليلة وضحاها، ولكن هناك خطوات وإجراءات تضعنا على أول الطريق على الأقل، ولا بد من العمل عليها بأسرع وقت، وأهمها:

- إعادة قيمة العمل، كل أنواع العمل، إلى المجتمع، علماً بأن قيمة العمل الشريف ضاعت منذ عشرات السنين.
- ربط مخرجات التعليم بحاجة سوق العمل في القطاعين العام والخاص.
- السماح للكويتي بـ«التعدد»، والمقصود هنا ليس تعدد الزوجات الذي كشف الحظر الكلي عن انتشاره، ولكن المقصود السماح للكويتي بالعمل في جهات عدة في الوقت ذاته والجمع بين القطاعين العام والخاص في الوقت ذاته، فكل وظيفة يعمل فيها كويتي حتى لو نصف دوام ستقل معها الحاجة إلى وافد.
الكويتي يحتاج إلى تعديل ظروفه المعيشية والحياتية، والدولة التي تترنح موازنتها ما بين «البوق» وتراجع أسعار النفط وتهاوي الاستثمارات الخارجية والسفه في الإنفاق، لن تكون قادرة على تلبية كل احتياجاته، وليس كل الكويتيين جاهزين ليتحولوا تجاراً أو ملاك مشاريع صغيرة ناجحة، ولن يفتح كل كويتي مطعماً و«كافيه» ويمتلك «فرانشايز» يسوقه في دول الخليج.
اعطوه فرصة ليعمل في الحكومة ويعمل أيضاً في القطاع الخاص، فهذا يستنزف طاقته الفائضة ويملأ وقته بالعمل ويدعم رصيده بالراتب ويوفر له حياة أفضل ويوفر على الدولة وافدين سيشكل دخولهم عبئاً إضافياً على كل القطاعات الخدمية والاستهلاكية.
اغلقوا الأبواب أمام توظيف الوافدين، خصوصاً من اختلت التركيبة وصرخت بوجودهم، واعطوا الكويتيين فرصة، واعلموا أن الكويتي لن يترك وظيفته الحكومية الآمنة ليعمل في القطاع الخاص الذي يدفع كويتيوه في كل أزمة ثمن تصديقهم وعود الدولة، ولهذا دعوه يعمل في الحكومة ودعوه «يعدد» عمله في القطاع الخاص... هو يحسن من معيشته والحكومة تخفف من أعبائها، وتمضي الحياة.