حروب و«هدّامة» ومحاولة اغتيال للأمير... وانقطاع كهرباء «في عز الصيف»
تاريخ البلاد يزخر بأحداث خلال الشهر الكريم فاقت صعوباتها ما تمرّ به وخرجت منها قوية... ومنتصرة
وقائع كبرى سجلها تاريخ الكويت في شهر الصوم:
- الانتصار في معركة الرقة 1783
- «غزو الدبا» 1890
- بناء السور الثالث 1923
- «سنة الهدامة» 1934
- المشاركة في حرب أكتوبر 1973
- تعرض الأمير الشيخ جابر الأحمد لمحاولة اغتيال 1985
- الدخان الأسود من حرائق آبار النفط يغطي سماء الكويت 1991
هلّ هلال شهر رمضان المبارك لهذا العام، وسط أوضاع استثنائية تشهدها الكويت، والعالم بأسره، نتيجة تفشي وباء فيروس «كورونا» المستجد، اضطرت معه الحكومة إلى اتخاذ إجراءات احترازية وصحية طالت حتى الشعائر الدينية والعادات الاجتماعية للشهر الفضيل، فلا صلوات جماعة في المساجد ولا إحياء لليالي المباركة، ولا زيارات عائلية أو تجمعات ولا جولات تسّوق للعيد، وكل ذلك بفعل قرار حظر التجول الذي يمتد بين الساعة الرابعة عصراً وحتى الثامنة من صباح اليوم التالي.
وفيما يرى البعض بأن «رمضان 2020» سيكون الأصعب على الكويتيين بسبب هذه الأوضاع الاستثنائية، إلا أن ثمّة رأياً آخر لتاريخ البلاد والذي يزخر بأحداث و«ابتلاءات» شهدتها الكويت خلال الشهر الكريم، وجاوزت في صعوباتها ما نمرّ به هذه الأيام، وفي النهاية خرجت منها قوية... ومنتصرة.
ولعل من أصعب الأيام التي عاشتها الكويت، وتزامنت مع الشهر الفضيل، تلك التي شهدت خوض حروب وتصدياً للمعتدين، ويزخر تاريخ البلاد بمعارك «وجود» خاضها الكويتيون في شهر رمضان، تركت آثارها البليغة على أوجه الحياة في البلاد، وأسهمت بكتابة التاريخ الحديث للإمارة التي تقع شمال شرق الخليج العربي.
كانت «معركة الرقة» في 13 رمضان 1197 هجري، الموافق 12 اغسطس 1783 في عهد حاكم الكويت الثاني الشيخ عبدالله بن صباح، بمواجهة قبيلة بني كعب حكام عربستان، أول اختبار عسكري تخوضه الكويت، غير أن المعركة أفضت إلى نتائج رائعة، تمثلت في انتصار كبير، رغم الفوارق في الإمكانات العسكرية والبحرية، التي كانت تميل إلى بني كعب.
وشهدت أواخر شهر رمضان من العام 1338، الموافق 14 يونيو 1920 وبعد ما يعرف بـ«موقعة حمض»، تحدياً أمنياً آخر للبلاد بعدما رأى أهل الكويت، وعلى رأسهم حاكم البلاد التاسع الشيخ سالم المبارك، ضرورة إقامة سور حول الكويت، يقيها من الغارات ويحفظها من أطماع الطامعين. فقام الأهالي جميعهم ببناء السور الثالث والإنفاق عليه، حيث كانوا يخرجون أفواجاً وجماعات من أحياء الكويت، بعد تناولهم وجبة الإفطار، يحملون معهم المصابيح والماء والطعام وأدوات البناء. واكتمل بناء السور خلال 60 يوماً، وكان من أكبر الأسوار التي بنيت في تاريخ الكويت، حيث أحاط بمدينة الكويت كاملة، بطول خمسة أميال وارتفاع 20 قدماً، بأبراجه الخمسة وبواباته الخمس: الجهراء والشامية والبريعصي وبنيد القار والمقصب.
وظل السور قرابة 37 عاماً، حيث أصدرت الحكومة العام 1957 قراراً بهدمه، نظراً للتوسع العمراني، في حين تم الإبقاء على بواباته الخمس.
وفي العام 1973، وتحديداً في شهر رمضان 1393 هجري، شاركت الكويت في «حرب أكتوبر» بين الدول العربية وإسرائيل، من خلال إرسال قواتها على الجبهتين المصرية والسورية، فضلا عن مشاركتها في حظر تصدير البترول للدول الغربية الداعمة لإسرائيل.
وتابع المواطنون بقلق، أنباء الحرب والجيش الكويتي المشارك في الجبهة، بعدما أغارت الطائرات الإسرائيلية على موقع القوات الكويتية المرابطة، واستشهد 37 عسكرياً كويتياً في 15 أكتوبر الموافق 19 رمضان.
وفي 25 مايو 1985 الموافق للسادس من رمضان 1405، أمضت الكويت ساعات من القلق والخوف، بعد تعرض الأمير الشيخ جابر الأحمد، إلى محاولة اغتيال، عندما كان في طريقه إلى مكتبه في قصر السيف، وكانت هذه المحاولة عن طريق سيارة مفخخة، ونجا الأمير الراحل بأعجوبة فيما استشهد في تلك العملية اثنان من مرافقيه.
وعاشت الكويت خلال رمضان 1411، والذي صادف حلوله بعد أقل من شهر من تحرير البلاد من براثن الاحتلال العراقي الغاشم، خلال شهري مارس وأبريل العام 1991 أياماً عصيبة، حيث كان الدخان الأسود الناتج عن حرائق آبار النفط التي أشعلها المعتدون، يغطي سماء الكويت ويحجب نور الشمس، إضافة الى عدم وجود الكهرباء، وصعوبات الحصول على المواد الغذائية، بسبب تأثر البنية التحتية للبلاد جراء الغزو.
وشهد شهر رمضان في مطلع ثمانينات القرن الماضي، انقطاع التيار الكهربائي عن أغلب مناطق البلاد، ما اضطر الأهالي إلى تناول الإفطار على ضوء الشموع، بالاضافة الى ابتكار طرق لمواجهة حرارة الطقس في تلك الفترة.
«سنة الهدامة»
وضعت الطبيعة بصمتها على أيام في شهر رمضان، ضمن التاريخ الحديث للكويت، فكان ما يعرف بـ«سنة الهدامة»، ففي غرة شهر رمضان لعام 1353 الموافق الثامن من شهر ديسمبر عام 1934، تعرضت البلاد لأمطار غزيرة، اذ تساقطت المياه بمعدل 300 ملليمتر خلال ساعة ونصف الساعة، ما أدى الى تهدم نحو 500 بيت وتضرر نحو 18 ألف مواطن، وكانت المنطقة الأكثر تضررا، تلك الواقعة بين دروازة العبدالرزاق وقصر نايف، فيما قامت البلدية بمساعدة المنكوبين من الأمطار، التي استمرت ثلاثة أيام بغزارة لم تعرفها الكويت من قبل، وظهر نتيجة السيول نقص حاد في الاحتياجات الأساسية والحياتية، لكثير من المواطنين، مما أدى الى تنادي الشعب طواعية لنجدة بعضه بعضا، خاصة بالمال، وأصبح أهل الكويت يؤرخون لتلك السنة.
«غزو الدبا»
قبل ذلك بـ44 عاماً، وتحديداً في 12 من رمضان 1307، المصادف الأول من شهر مايو عام 1890، ابتليت الكويت بغزو من الدبا (صغار الجراد) أصاب المزارع، وأتلفها وملأ آبار المياه وأقلق المواطنين وأطار النوم من عيونهم، وبخاصة الأطفال، وبلغت شدته في الأسبوع الثاني من ذلك الشهر، لكن الكويتيين قاوموا هذا الجراد بالصبر والعمل الجاد والتعاون، وعرفت تلك السنة بـ«سنة الدبا».