صحيح أن ليفربول توّج، في الموسم الماضي، بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، للمرة السادسة في تاريخه، مؤكداً ريادته قارياً من خلال اللقب «الأغلى» في اعتبار «كبار القارة العجوز»، غير أنّ حنين مشجعيه وإدارته وأفراد الفريق، لاعبين وأجهزة، بقي مسمَّراً على أمل العودة إلى منصة التتويج المحلي، من بوابة الدوري الممتاز الغائب عن خزائنه منذ العام 1990.
لسوء حظ الـ«ريدز» أن الإنجاز كان قاب قوسين أو أدنى من رؤية النور، في الموسم الراهن، إذ وجد الفريق، بقيادة المدرب الألماني يورغن كلوب، نفسه على بُعد 6 نقاط فقط من التتويج قبل 9 مراحل على الختام، إلى أن أطلّ فيروس «كورونا» برأسه وأطاح بمعظم البطولات حول العالم، حتى بات مصير «لقب ليفربول المنتظَر»، في مهب الريح، ومعلَّقاً على مدى تراجع تفشي الجائحة من عدمه، وسط دعوات من غير طرف لإلغاء الموسم برمّته، وبالتالي ضياع حلم «النادي الأحمر» الذي يستحق، دون شك، اللقب، بالنظر إلى أدائه، طيلة عمر الموسم.
ولكن، هل يعتبر ليفربول الوحيد الذي خسر لقباً عزيزاً في وقت كان مؤهلاً للتتويج به؟
إيفرتون الثمانينات
في منتصف ثمانينات القرن الماضي، كان إيفرتون الإنكليزي يقدم أداءً ولا أروع، حتى أنّ رجال المدرب هاوارد كندال نجحوا في التتويج باللقب المحلي في الموسم 1984-1985، حاصدين 90 نقطة، ومتقدمين على الجار اللدود ليفربول بـ13 نقطة كاملة.
ليس هذا فحسب، بل أن «ذي توفيز» - وهو لقب إيفرتون - نجحوا في انتزاع لقب كأس الكؤوس الأوروبية في روتردام (هولندا)، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق «الثلاثية» لولا الخسارة في نهائي كأس إنكلترا.
كان الطموح كبيراً للسيطرة على أوروبا، لذا سعى كندال إلى تعزيز الصفوف من خلال ضم غاري لينيكر، الذي توّج لاحقاً بلقب هداف كأس العالم 1986 في المكسيك برصيد 6 أهداف، بيد أن آمال «الزرق» ذهبت أدراج الرياح لأسباب لا علاقة للنادي فيها.
ففي موسم الثنائية ذاته، بلغ ليفربول المباراة النهائية لكأس أبطال الأندية الأوروبية (دوري الأبطال حالياً) حيث التقى يوفنتوس الإيطالي على «ملعب هيسل» في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 29 مايو 1985.
في ذاك اليوم المشؤوم، انهار جدار تحت ضغط الجمهور الهارب نتيجة لأعمال شغب قبل بداية المباراة. 39 شخصاً لقوا حتفهم، 32 منهم من مشجعي يوفنتوس، فيما أصيب 600 شخص.
الاتحاد الأوروبي للعبة ألقى باللائمة على جمهور ليفربول: فقبل حوالي ساعة من موعد انطلاق النهائي، قامت مجموعة كبيرة من مشجعي الـ«ريدز» بكسر السياج الفاصل بينهم وبين جماهير يوفنتوس التي «هربت» باتجاه الجدار الصلب، حيث كانت هناك جماهير أخرى جالسة بالفعل، فحصل التدافع، الأمر الذي أدى إلى انهيار الجدار.
كثيرون صعدوا إلى أعلى، بينما توفي آخرون تحت الضغط أو تعرضوا لإصابات بليغة.
أقيمت المباراة، رغم الكارثة، وفاز يوفنتوس بهدف الفرنسي ميشال بلاتيني من نقطة الجزاء، بيد أن المأساة أدت إلى حظر الأندية الإنكليزية كافة من المشاركة في المسابقات الأوروبية لمدة خمس سنوات كاملة، فيما استبعد ليفربول سنة إضافية.
لا شك في أن إيفرتون «المرعب»، ونتيجة استبعاد الأندية الإنكليزية، حُرم من لقب أوروبي موعود، علماً أنه خسر دوري 1986 في اليوم الأخير، قبل أن يعود ويتوَّج به في 1987.
وخلال فترة إيقاف الفرق الإنكليزية، توّجت أندية «عادية» بالكأس الأوروبية المرموقة: ستيوا بوخاريست الروماني، بورتو البرتغالي، وأيندهوفن الهولندي، ما طرح السؤال التالي: ماذا لو خاض إيفرتون الصراع القاري على الأقل في الموسم 1985-1986؟
الذكرى تعتبر قاسية على مشجعي الـ«توفيز» خصوصاً وأن الأندية الإنكليزية كانت مهيمنة على اللقب القاري الأسمى، في تلك الفترة، فقد توج ليفربول به في 1977 و1978، ونوتنغهام فوريست في 1979 و1980، ثم عاد ليفربول إلى النقطة الأعلى من منصة التتويج القاري في 1981، قبل أن ينتزع أستون فيلا اللقب في 1982. وكسر هامبورغ الألماني الاحتكار الإنكليزي في 1983 قبل أن يعود الـ«ريدز» إلى القمة في 1984، ويخسر «نهائي 1985» أمام يوفنتوس.
كان إيفرتون مهيّئاً لتزعُّم أوروبا، لكن ظروفاً خارجة عن إرادته حرمته المجد الموعود.
يوغوسلافيا «الموهوبة»
بعيداً عن إنكلترا، عاشت يوغوسلافيا «السابقة» فترة ذهبية كروياً بفضل نجوم كان مقدّراً لهم أن يذهبوا بها إلى منصات التتويج، بينهم ديان سافيسيفيتش، دراغان ستويكوفيتش، روبرت بروسينتشكي، دافور سوكر، بردراغ ميياتوفيتش، وزفونيمير بوبان. كانت تملك، في مطلع التسعينات، إحدى أكثر التشكيلات موهبة في العالم، ولم يكن مفاجئاً أن نجد لاعباً يوغوسلافياً على الأقل في تشكيلة كل نادٍ أوروبي كبير.
وبعد تتويجها بكأس العالم للشباب 1987، بلغت يوغوسلافيا الدور ربع النهائي من كأس العالم 1990 في إيطاليا.
لكن بعد سنتين حصل ما لم يكن في الحسبان، فقد أنزلت الأمم المتحدة عقوبات بحقها، على الصعد كافة، وبينها الرياضية، على خلفية حرب البلقان الإثنية التي عاشتها، الأمر الذي أدى إلى استبعادها من كأس أوروبا 1992 في السويد، فضلاً عن كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة الأميركية، ما دفع البعض إلى التسليم بأنها حُرمت من فرصتين حقيقيتين لاعتلاء منصات التتويج.
معلوم أن الدنمارك التي حلت مكان يوغوسلافيا في «يورو 92»، حققت «المعجزة» وتوجت باللقب على حساب ألمانيا في المباراة النهائية.
ولا شك في أن نهائي دوري أبطال أوروبا العام 1994، كان شاهداً على مدى نبوغ اللاعب اليوغوسلافي. فقد كان سافيسيفيتش وبوبان عنصرين أساسيين في صفوف «ميلان الإيطالي العظيم» الذي سحق برشلونة الإسباني بقيادة المدرب الهولندي الفذ يوهان كرويف برباعية نظيفة.
وعادت دول البلقان - التي كانت تشكل الاتحاد اليوغوسلافي - لتظهر في «يورو 1996»، بعد توزُّع لاعبيها على خمس دول مستقلة.
وفي كأس العالم 1998 في فرنسا، أنهت كرواتيا، وهي إحدى تلك الجمهوريات، البطولة في المركز الثالث، فيما بلغت يوغوسلافيا الفيديرالية دور الـ16.
حرس «تجاوز» الحدود
ننتقل إلى أفريقيا، وتحديداً إلى مصر. ففي الأول من فبراير 2012، وقعت أحداث بورسعيد أو ما يسميه البعض «مجزرة بورسعيد» عقب مباراة الأهلي ومضيفه «المصري» ضمن منافسات الدوري المحلي، وراح ضحيتها 72 قتيلاً، فضلاً عن مئات المصابين، فكانت أكبر كارثة في تاريخ الرياضة في البلاد.
بعد التحقيقات، قررت السلطات السياسية إلغاء الدوري على الرغم من الخسائر الكبيرة التي كان من المنتظر أن تتكبدها الأندية، بحجة عدم القدرة على «تأمين» المباريات.
لدى اتخاذ القرار، كان حرس الحدود متصدراً الترتيب العام أمام الأهلي بفارق نقطة مع مباراة أقل.
الفريق السكندري فرض نفسه مفاجأة الموسم بامتياز، خصوصاً أنه كان متقدماً على قطبَي القاهرة، الأهلي والزمالك.
الأجواء المضطربة في مصر، في تلك الفترة، أفضت إلى تجميد كرة القدم التنافسية حتى الموسم 2013-2014، حيث عاد حرس الحدود ليلعب دوراًَ ثانوياً على مستوى المنافسة في منتصف الترتيب.
لا يوجد الكثير من الأمثلة على بطولات جرى تعليقها ولم تستكمل لاحقاً، ومن يدري؟ ربما كان حرس الحدود قادراً على المضي قدماً نحو منصة التتويج في ذلك الموسم.
«هاتريك برشلونة»
فرض برشلونة بقيادة المدرب «الفيلسوف» جوسيب غوارديولا، نفسه أحد أفضل الفرق في تاريخ اللعبة، وبالتالي كان مرشحاً لسيطرة مطلقة على دوري أبطال أوروبا، بيد أنه لم يتمكن من التتويج باللقب القاري مرتين متتاليتين كانعكاسٍ لقيمته الفنية الهائلة.
اكتفى «العملاق الكاتالوني»، في عهد غوارديولا، بلقبين في 2009 و2011، على الرغم من سيطرته على مجمل الألقاب المتاحة، داخلياً وخارجياً، حيث حقق 14 لقباً في غضون 4 سنوات، بينها سداسية تاريخية نادرة.
فشل «بيب» في نسخ إنجاز كرويف اللاعب مع برشلونة عندما توج بثلاث كؤوس أوروبية متتالية بين 1971 و1973.
ولكن ما السبب في ذلك؟
في ربيع العام 2010، أدى بركان في آيسلندا إلى تجميد الحركة في أوروبا. فقد انفجر وتطايرت حممه وخيمت سحبه على الأجواء، الأمر الذي أدى إلى تعطيل معظم الرحلات الجوية.
وبناءً عليه، توجّب على برشلونة أن ينتقل إلى مدينة ميلانو بالحافلة في رحلة امتدت يومين، لخوض مباراة ذهاب الدور نصف النهائي من الـ«تشامبينز ليغ» أمام إنتر ميلان الإيطالي.
رحلة من هذا النوع تعتبر مرهقة على أي فريق، وهذا ما تأكد من خلال نتيجة المباراة حيث خسر «برشلونة العظيم» 1-3، ولم يتمكن في مباراة العودة على استاد «كامب نو» سوى من تسجيل هدف واحد، الأمر الذي وضع إنتر في النهائي حيث تفوق على بايرن ميونيخ الألماني بهدفي الأرجنتيني دييغو ميليتو.
ويبقى السؤال: ماذا لو حصل برشلونة على الوقت الكافي للتجهيز لـ«مباراة الإنتر» أو كانت الرحلات الجوية ممكنة؟
كثيرون يعتقدون بأن «بركان آيسلندا» حرم برشلونة من «هاتريك» أوّل في دوري الأبطال بمسمّاه ونظامه الجديدين، وهو ما نجح في تحقيقه الغريم ريال مدريد بقيادة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان، وتحديداً بين 2016 و2018.