«حزب الله» نفّذ عملية صامتة على الشريط الحدودي... الرسالة لاسرائيل وصلتْ

الأرض السياسية «تغلي» في لبنان مع تَرَنُّح الهدنة بين الحكومة وخصومها

1 يناير 1970 08:57 م

 

 ... كأنها "الأرض تغلي" في لبنان، على "خطوط التماس" الداخلية المتعددة المحور، وعلى الجبهة مع اسرائيل بعدما "استفاقتْ" لعبةُ الرسائل المتبادلة بين تل ابيب و"حزب الله"، فيما يَمْضي "كوفيد - 19" بمنحاه الانحداري الذي لم يُخْمِد المخاوفَ من "خلايا نائمة" قد تستولد موجاتٍ كورونية قاصمة للنظام الصحي.   

ولم يكن عابراً في الساعات الماضية ارتسام مؤشراتٍ مُقْلِقة بإزاء أفق الواقع اللبناني الذي لا تنقصه أساساً اضطراباتٌ فيما هو يسير على حبل رفيع مشدود وبلا أي شبكات أمان حتى الآن يمكنها أن توقف السقوط المالي الكبير الذي بدأ في هاويةٍ يبدو قعرُها مدجّجاً بألغام قابلة للانفجار.   

وأبدت أوساطٌ واسعةُ الاطلاع في هذا السياق عدم ارتياحٍ لمَظاهرٍ معاودة تَحَرُّك "الفوالق" على خط الصراع "الهامد" بين رعاة حكومة الرئيس حسان دياب وبين الأطراف المعارضين لها، فيما "انتفاضةُ 17 أكتوبر" تستكمل عُدّة الـ "ثورة 2" التي تجهز أرضيتها الإعلامية والشعبية بما يشي بانفجار غضبٍ أوسع في زمن الانهيار المالي الذي فاقم "كورونا" من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية على وهج "احتراق" العملة الوطنية وانخفاض قيمتها في شكل غير مسبوق أمام الدولار الذي يواصل "التحليق" بسعر صرف ناهز أمس 3250 ليرة.

وفي هذا الإطار، بدا أن المناخَ السياسي الذي أتاح لحكومة دياب التي تشكل الأكثريتان المسيحية (التيار الوطني الحر) والشيعية (حزب الله وحركة أمل) قاطرتها "فترة سماح" لنحو 3 أشهر، انقلب في ظلّ حماوةٍ متصاعدة اندفعتْ معها الحكومةُ إلى ممرٍّ عاصِفٍ باتت فيها محاصَرة:

* على يمينها خصومها الذين يشتمّون محاولاتٍ لحرْف مسار الإنقاذ المالي نحو انقلابٍ على النظام الاقتصادي - المالي اللبناني واقتصاصٍ من "الحريرية السياسية" بما هي في جانبٍ منها امتداد اقليمي لإكمال "القبضة" على السلطة والتعديلات الممنهجة على التوازنات.

* أما على يسارها فثورةٌ متجدّدةٌ بدأتْ تستعيد حضورها الميداني في أكثر من منطقة من خلف "عازل كورونا"، مستفيدةً من تَمَدُّد الأهوالِ المعيشية التي يصبّ الزيت على نارها الكلامُ عن خياراتٍ موجعة لمعالجة الخسائر المالية في الطريق إلى إعادة هيكلة الدين العام، وهي الخيارات التي يؤجج من وقْعها الصعودُ الصاروخي للدولار، من دون أن تنجح عملية "الإنزال" المباغتة للمصرف المركزي عبر ضخِّ العملة الخضراء في سوق الصيرفة في فرْملة المسار المدمّر للقدرة الشرائية للبنانيين.

ولم تكن عابرة ارتدادات الوضعية الهجومية التي عبّر عنها كلام رئيس الجمهورية ميشال عون ودياب في الجلسة الأخيرة للحكومة مستهدفاً الخصومَ وفي شكل خاص الزعيم الدرزي وليد جنبلاط دون تسميته، لينبري الأخير إلى "ردّ التحية" بأعنف مخاطباً رئيس الوزراء بأن "السطو على أموال الناس فكرة الأمنيين جماعة رستم (غزالة) في السرايا ومستشار رئيس البلاد (...) لأنكم تحضّرون انقلاباً مالياً سياسياً للاستيلاء على البلد على طريقة البعث، وما مذكرة الجلب بحق مروان حمادة إلا لتذكرنا بإرهاب الوصاية".

وشكّل "أول دخول" الرئيس سعد الحريري بعد عودته عصر الجمعة إلى بيروت معلناً أنه طلب إبلاغ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان "بما غرّد به النائب جميل السيد (في 11 الجاري) لجهة إقراره بصورة مواربة أن مبلغ 27 مليون دولار قبضه ثمن قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري"و"أن كتلة "المستقبل" تدرس طلب رفع الحصانة النيابية تمهيداً لملاحقته"، إشارةً إضافية إلى أن الهدنة مع الحكومة سقطتْ وهو ما يفترض أن يتبلور أكثر في الجلسة العامة التي يعقدها البرلمان في 21 و 22 و23 الجاري خارج مقرّه - ساحة النجمة (في قصر الاونيسكو) وسط رصْد لأداء قوى "ثلاثي المعارضة" الحريري - جنبلاط وحزب "القوات اللبنانية" والذي يتقاطع في بعض الجوانب مع "معارضة حكومية" يعبّر عنها الرئيس نبيه بري.

واعتُبر "إحباط" الزيارة التي كان يُفترض أن يقوم بها دياب أمس لمدينة صيدا وتحديداً لموقع المستشفى التركي التخصصي للحروق والصدمات لإطلاق الأعمال في عملية إعادة التجهيز وبالتالي البدء بالتشغيل، في إطار المعركة السياسية مع رئيس الحكومة وتحديداً من "تيار المستقبل" الذي تُعتبر عاصمة الجنوب من مناطق نفوذه (ناهيك عن أنها مسقط الرئيس الشهيد رفيق الحريري) والذي لم يشأ إعطاء دياب "شرعية" سنية وشعبية من "عقر داره" ومن أحد أركان نادي رؤساء الحكومة السابقين، وهو ما كان سيشكّله حصول الزيارة برفقة الرئيس فؤاد السنيورة وسط معارضة من النائبة بهية الحريري، الأمر الذي حدا برئيس البلدية إلى التمني على دياب إرجاء الزيارة وهو ما حصل.

وفي موازاة ذلك، وعلى وقع الإيجابية التي شكّلها تسجيل 4 حالات جديدة فقط بـ "كورونا" رفعت إجمالي الإصابات إلى 672، خطفت الحدود اللبنانية - الاسرائيلية الأضواء مع تَكَشُّف "عملية صامتة" نفّذها "حزب الله" على الخط الأزرق وبدت بمثابة "إنذار مع وقف التنفيذ" في سياق استعادة "معادلة الردع" مع تل أبيب بعد استهداف "درون" اسرائيلية قبل أيام سيارةً كانت تقلّ عناصر من الحزب بصاروخين عند نقطة جديدة اليابوس الحدودية بين سورية ولبنان (في المقلب السوري) من دون تسجيل إصابات.

ولم يكن ممكناً عدم قراءة "الرموز" التي حملها اكتشاف الاسرائيليين قطع الشريط الشائك في 3 نقاط قريبة من مستوطنات المطّلة ويفتاح وأفيفيم، وتحديداً لجهة "هزّ العصا" للجانب الاسرائيلي بأن تنفيذ عملية ثانية "عابرة للحدود" (على غرار ما حصل رداً على الإغارة بالمسيّرات على الضاحية الجنوبية في اغسطس الماضي) وفي الداخل الاسرائيلي أمرٌ متاحٌ مجدداً بحال تجاوزتْ تل ابيب إطار "الرسائل النارية"، وهو ما استُشف من عملية جديدة يابوس، وذلك على طريقة "الرسالة بالرسالة" أما الضربة فبالضربة ومن حيث "لا تتوقّعون".