كلمات ناطقة

تحدّيات الحظر الشامل

1 يناير 1970 01:25 ص

في ظل الظروف التي نعيشها، أصبحنا نترقب كل اجتماع لمجلس الوزراء لمعرفة القرارات الجديدة التي يصدرها، وكلما قلنا لم يعد هناك ما يمكن إقراره تأتي الجلسة التالية لمجلس الوزراء لتحمل شيئاً جديداً، ولا شك أن كل ما صدر وسيصدر من قرارات هدفه مواجهة التحدي الكبير الذي تواجهه الكويت بكل مفاصلها الحكومية، لتطويق انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» الذي نتابع خط إصاباته البياني في تصاعد مستمر، وهو ما يزيد التخوف من خروج الفيروس عن السيطرة، ولا سيما أنه انتشر بين العمالة الآسيوية، والهندية بشكل خاص، الأمر الذي دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر شدة بهدف محاصرة الانتشار.
فبعد إقرار الحظر الجزئي للتجول في الكويت، الذي لم يفلح في إقناع الكثيرين بضرورة البقاء في البيوت وعدم الخروج، خصوصاً الشركات الخاصة التي تشغل مئات الآلاف من العمالة، كان لا بد من إجراء أقوى يقيد حركة العمالة، ويقيد معها حركة انتقال الفيروس، فكان قرار عزل منطقتي جليب الشيوخ والمهبولة، عزلاً تاماً، كونهما تضمان الغالبية الساحقة من العمالة، والعمل على فحص جميع قاطني المنطقتين، للتأكد من عدم الإصابة بالفيروس. ثم جاء اجتماع مجلس الوزراء الاستثنائي يوم الخميس الماضي، ليقرر من ضمن ما قرره، تكليف لجنة تضم جهات متعددة، بوضع الترتيبات والخطة اللازمة للتعامل مع «الحظر الشامل» على الكويت، إذا تم إقراره، وهو ما أدخل التوجس والخوف في قلوب الجميع، انعكس حركة تسوق خانقة يوم الجمعة وما بعده، تحسباً لإقرار الحظر الشامل، بعد متابعة إجراءات العزل لمنطقتي الجليب والمهبولة.
وفي اعتقادي أن مسألة إعلان حظر شامل في الكويت، تواجهها تحديات كبيرة، قد تجعل الحكومة تعدّ للألف قبل إقراره، فقد تابعنا مناظر التدافع الكبير وأزمة الغذاء في الجليب والمهبولة من العمالة، رغم الجهود الحكومية والأهلية الحثيثة لتوفير سلال الغذاء، ولكن العدد الهائل لسكان المنطقتين الذي يتجاوز 523 ألف نسمة، وضع الحكومة أمام تحديات كبيرة، فما بالنا إذا كان الحظر الشامل سيطبق على الكويت كلها، فلن تستطيع الحكومة بجهازها الرسمي، والمعاون المتمثل في الجمعيات الخيرية والمتطوعين أن تبسط جهودها على جميع المناطق، وبالتالي يصعب تطبيق الحظر الشامل، وحتى لو سمح بالتجول لفترة ثلاث ساعات فإن الكارثة ستكون أكبر، حيث سنرى التدافع والتزاحم على الأسواق والجمعيات، ليكون ذلك ضرباً لكل التعليمات والإجراءات الاحترازية الصادرة عن وزارة الصحة، بضرورة عدم التجمع وترك مسافة بين الشخص والآخر لا تقل عن متر في أضيق الأماكن. وعندها يمكن لمصاب واحد أن يتسبب بكارثة، عندما ينقل الفيروس لآلاف الأشخاص الذين سينقلونه بدورهم إلى آلاف أخرى بالمخالطة، وعندها تكون «السبحة فرطت» ولاسيما أننا نعلم أن العمالة الآسيوية تسكن بشكل متكدّس في العمارات، وقد رأينا كيف ضبطت محافظة العاصمة شقتين فيهما 95 عاملاً هندياً، وبواقع 42 عاملاً في كل شقة، أي 21 في كل غرفة، وهذه بيئة خصبة للعدوى.
فوفق ما أرى أن الحظر الجزئي الذي مدد ساعتين، أتى بمفعوله، والقيام بعزل منطقتي المهبولة والجليب ساعد أكثر على التحكم بحركة الشارع، مع التشديد على الشركات والمؤسسات الأهلية بضرورة تعطيل عملها لمدة أسبوعين على الأكثر، لتتم محاصرة الفيروس والوصول إلى «صفر» من الإصابات، وهذا ليس بصعب، مع كل التقدير والامتنان لما تبذله وزارة الصحة وأبطالها من جهود عظيمة في الصفوف الأولى، وندعو الله لهم بالقوة والسلامة.

h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan