لولا الذعر من فيروس «كوفيد - 19»، لاحتفل الديموقراطيون في الشوارع... لا لفوز نائب الرئيس السابق جو بايدن بالانتخابات التمهيدية في ستة ولايات، بل للحماسة الكبيرة التي أظهرتها القاعدة الشعبية للحزب الديموقراطي، اذ رغم «كورونا المستجد»، سجّلت نسبة المشاركة في الاقتراع ارتفاعاً بأكثر من 50 في المئة مقارنة بالانتخابات الحزبية للعام 2016، وهو ما يشي بأن «الموجة الزرقاء» التي انتزعت الغالبية من الجمهوريين قبل عامين لا تزال قائمة وساعية لاقتلاع الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، وحرمانه من الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.
ودفع الخوف من الفيروس المتفشي عالمياً، كلا من بايدن وساندرز لإلغاء الخطاب الذي يلي عادة اليوم الانتخابي واستبداله بكلمة متلفزة، فيما مد نائب الرئيس السابق، يده لمنافسه، مؤكداً أنهما سيهزمان «معاً» ترامب.
أكبر جوائز اليوم الانتخابي الطويل، الذي كانت حصيلته 352 موفداً انتخابياً من أصل 1991 للفوز بترشيح الحزب، تمثلت بفوز بايدن على ساندرز بولاية ميشيغن، عاصمة صناعة السيارات الأميركية، وهي تقع في الغرب الأوسط، وتسكنها جالية كبيرة من العرب الأميركيين، فضلاً عن نسبة كبيرة من السود. وشكّلت هزيمة ساندرز ضربة معنوية له، إذ هو سبق أن فاز في هذه الولاية في الانتخابات التمهيدية قبل أربعة أعوام بنسبة 62 في المئة من الأصوات، لتتراجع نسبة أصواته إلى النصف.
وكانت كبرى منظمات العرب والمسلمين الأميركيين أعلنت مساندتها ساندرز. ويقدّر عدد المسلمين المسجّلين بمليون ناخب، من أصل 130 مليون أميركي مسجل للانتخاب. وأخذ العرب، من أمثال عضو الكونغرس من أصل فلسطيني رشيدة طليب، يحشدون لمصلحة ساندرز. لكان مثلما فشلت زميلتها عضو الكونغرس من أصل صومالي الهان عمر، في منع هزيمة ساندرز في ولايتها مينيسوتا، لم تستطع طليب تحسين فرص ساندرز، الذي عانى هزيمة قاسية، وأظهر انعدام تأثير الكتلة العربية في مجريات الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي.
وإلى اكتساحه ميشيغن، فاز بايدن، وبفارق كبير في نسب الأصوات، في ولايتي ميسيسيبي وميسوري الجنوبيتين. في الأولى، بنسبة 80 في المئة من الأصوات، مقابل 15 في المئة لمنافسه، وفي الثانية، فاز نائب الرئيس السابق بنسبة 60 في المئة من الأصوات، مقابل 34 في المئة لساندرز.
وعلى الساحل الغربي، حيث جرت الانتخابات التمهيدية في ثلاث ولايات كان اكتسحها ساندرز قبل أربعة أعوام، كانت النتائج لا تزال تشير، حتى مساء أمس، الى احتدام السباق بين الاثنين، مع أفضلية لبايدن في ايداهو، ولساندرز في نورث داكوتا.
وقال بايدن، الذي يمثل التيار المعتدل في الحزب الديموقراطي، في كلمة متلفزة لأنصاره: «أود أن أشكر بيرني ساندرز ومناصريه على شغفهم وطاقتهم التي لا تنضب».
وأضاف في خطاب هادئ أنه يتشاطر مع ساندرز «هدفاً مشتركاً»، مؤكداً «معاً سوف نهزم دونالد ترامب (...) وسنوحد هذه الأمة».
ولفت بايدن الى التفاف الحزب الديموقراطي حول ترشيحه، وقال انه حصل على تأييد منافسيه السابقين والمرشحين سابقاً للرئاسة، بيت بوتيجيج، ايمي كلوباشار، مايك بلومبرغ، كوري بوكر، وكمالا هاريس.
وأعلن أنه يكافح من أجل «روح هذه الأمة».
ويبقى السؤال مطروحاً حول الموقف الذي سيتبناه ساندرز، وقد اشتد ضغط قيادة الحزب الديموقراطي فوراً من أجل أن ينسحب من السباق تحت شعار توحيد الصف بمواجهة الرئيس الجمهوري.
وقرر السناتور الذي عاد إلى معقله فيرمونت، ألا يدلي بأي موقف مساء الثلاثاء، لازما صمتاً يكشف عن المعضلة التي يواجهها السناتور الداعي إلى «ثورة سياسية» والذي أثار حماسة جماهير غفيرة ولا سيما من الشبان، أيدت وعوده بتوفير ضمان صحي شامل ودراسة مجانية.
وأقرت النائبة الديموقراطية الواسعة الشعبية ألكساندريا أوكازيو كورتيز الداعمة لساندرز «انها أمسية صعبة».
غير أن ناطقة باسم السناتور، دعت مؤيديه إلى ترقب المناظرة التلفزيونية المقبلة التي ستقتصر للمرة الأولى على المرشحين السبعينيين، وقالت بريانا جوي غراي متهكمة: «الأحد ستستمع أميركا أخيراً إلى بايدن يدافع عن أفكاره أو بالأحرى عن عدم أفكاره».