حسناً فعل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، عندما ألغى الدعوة إلى جلسة خاصة لمجلس الأمة، كانت مقررة في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الإثنين، معللاً الإلغاء بأنه «إعلاء للمصلحة العامة». وسواء أكان القرار بمبادرة من الغانم أم بطلب من الحكومة - لا سيما أنها منشغلة بمتابعة عمليات إجلاء المواطنين من إيران - فإنه خطوة جيدة، أنهت سجالاً نيابياً غير صحي، كان سيتطور إلى ما لا يمكن التنبؤ به وما لا تحمد عقباه، من وضعي غير صحي بين نواب الأمة.
الجلسة كانت مقرّرة، للوقوف على الاستعدادات الحكومية والإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، وقد أعلن عنها في أعقاب ارتفاع نبرة السجال النيابي الذي يصنف وفق مصطلح «الطائفي» وسط احتقان ساد الساحة المحلية، في أعقاب وصول أول دفعة من الكويتيين الذين تم إجلاؤهم من إيران، والسماح لهم بالعودة إلى منازلهم وتطبيق ما عرف باسم «الحجر المنزلي» والذي سرعان ما تكشف أن بعضهم يحمل الفيروس وسجلت حالات عدة منهم، مع مخاوف أن يكون الفيروس قد انتقل لمخالطين لهم من خارج المنزل.
القضية أخذت بُعداً سياسياً كبيراً، وشهدت ارتفاعاً في نبرة الخطاب حتى وصل إلى مستوى غير مقبول ولا معقول، بين فريقين يرى الأول أن السماح للعائدين بالذهاب إلى بيوتهم وعدم تطبيق الحجر الصحي عليهم، استهتار كبير بالمرض، وتساهل في ملف الأمن الصحي وخضوع سياسي، لنواب أرادوا أن يسجلوا مواقف انتخابية عند حاضنتهم الشعبية، بينما قاد الفريق الثاني هجمة مرتدة وصل فيها الهجوم إلى حد اتهام الفريق المقابل بالتآمر على البلد. في ظل هذه الأجواء لا يمكن أن تكون الجلسة صحية وتصل إلى بر الأمان.
فالقضية أكبر من سجال سياسي انتخابي بالدرجة الأولى، لأنه يتعلق بمصير بلد وأمنه الصحي، فالجلسة كان في صلب جدول أعمالها عرض وزارة الصحة لواقع المرض، والحالات التي سجلت، وما قامت به من جهود لتطويق انتشاره من جهة، والتعامل مع الحالات التي أعلن إصابتها من جهة ثانية، إضافة إلى موضوع الحجر الصحي لمن وصلوا من إيران أو سيصلون تباعاً، ولكن الأجواء السياسية خلال الأسبوع الماضي كانت تنبئ بأن الأمور لن تسير على هذا النحو، بل ستخرج عن السيطرة، مع حالة الاحتقان والسجالات التي تشتعل في الفضاء الإلكتروني، وهو ما دفع الغانم نفسه، ليقول في بيان إلغاء الجلسة إن من مبررات القرار «منع أي محاولات للتكسب على حساب وحدة المجتمع»، وهي عبارة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والإشارات، تلخص ما عنونا به المقال بأن الديموقراطية مضرة في بعض الأحيان، لا سيما عندما لا يقدر من يمارسونها - أو يدعون ممارستها - عواقب ما يقومون به.
ولكن اليوم ليس كالأمس، فالقضية تمس أمن الوطن ووضعه الصحي، وما عدا ذلك يبقى هامشاً لا قيمة له، فليؤجل النواب سجالاتهم وخلافاتهم إلى ما بعد انتهاء الأزمة وانكشاف الغمة بالسيرة على انتشار المرض وتطويقه، ثم يعودون إلى فضائهم الإلكتروني، وليبثوا في مواقع التواصل ما يشاؤون بعد أن تحولت تلك المواقع إلى ساحات حرب وتصفية حسابات، مع انفلاتها وعدم انضباطها.
إذاً، فلنحافظ على وحدتنا، ونلتف حول الحكومة وجهودها في مواجهة الوباء، ونشد على يدها، ولا سيما أن الكويت، وباعتراف منظمة الصحة العالمية، من الدول المتقدمة في إجراءاتها لمواجهة الفيروس، فلنكن يد بناء وتعمير لا معول هدم وتدمير، حتى نتجاوز محنة «كورونا» وبعدها لكل حادث حديث، ولكل ديك منصته التي يصيح عليها.
h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan
Dr.alasidan@hotmail.com