تكبّد ثلاث خسائر كبرى في علاقته مع بوتين

أردوغان يستغيث بواشنطن من موسكو

1 يناير 1970 01:48 ص

نائب تركي سابق: لدى أردوغان الكثير ليخسره في انفصاله عن بوتين

- يراهن على بقائه السياسي  عن طريق التماهي مع الأنظمة الاستبدادية

- لا مغزى لأي تغيير طالما بقي أردوغان على رأس السلطة

 

باشر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتوجيه نداءات استغاثة الى الولايات المتحدة عبر القنوات الديبلوماسية، باسم الصداقة وحلف شمال الأطلسي الذي يجمعهما، لإنقاذه من الورطة التي وجد نفسه فيها في وجه ما يبدو أنه قرار روسي حازم بانتزاع أراضٍ سورية تسيطر عليها أنقرة بمساعدة ميليشيات سورية موالية لها.
وكانت القوات التركية تعرضت، الإثنين، لثاني هجوم من نوعه في أسابيع قليلة، أوقع قتلى في صفوفها، ما أجبرها على الرد بقصف ما أعلنت أنها 105 مواقع عائدة لقوات الرئيس السوري بشار الأسد. على أن أنقرة حرصت على إرفاق ردّها بالاشارة الى أنها لا تنوي التصعيد، وأن ردّها كان ردة فعل على هجوم قوات الأسد ضدها.
لكن الأتراك يعرفون، حسب المصادر الأميركية، أن الهجمات ضد قواتهم ستتكرر، وأن روسيا حسمت قرارها بانتزاع الأراضي السورية التي تسيطر عليها أنقرة. وتزامن قرار موسكو مع حملة في الإعلام الروسي ضد تركيا مشابهة للحملة التي تلت إسقاط تركيا مقاتلة روسية في العام 2015. ومن الاتهامات بحق تركيا أنها تدعم وتسلّح وتموّل مجموعات إسلامية إرهابية متطرفة، مثل «جبهة فتح الشام» وغيرها.
وللرد على موسكو، أعادت أنقرة فتح مكاتب تمثيلية لـ«مجلس شعب القرميين التتار» و«الحركة القومية للقرميين التتار». والتتار هم شعوب تركمانية يشكلون كبرى الأقليات في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي تحتلها روسيا. ولم تكتفِ أنقرة بتحريك المعارضة القرمية لروسيا، بل قام أردوغان بزيارة كييف، وأطلق منها تصريحات سلبية بحق نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
على أن أردوغان يدرك أن عودة المناكفات مع روسيا لا تكفي لضمان استمرار سيطرته على أراض سورية، وان هذه السيطرة تحتاج الى قوة عسكرية تركية. أما مشكلته الوحيدة، فمفادها بأن روسيا تسيطر على سماء إدلب، ما يجعل من التحليق التركي، المطلوب لتأمين حماية للقوات الارضية، محفوفا بالمخاطر.
وعلى الرغم من عضوية تركيا في حلف الأطلسي، إلا أن ميثاق «الناتو» لا يقضي بتقديم أي دعم عسكري غير مساعدة الدول الاعضاء الدفاع عن أراضيها، وفي حالة محافظة إدلب، لا يعتبر التحالف انها جزء من الاراضي التركية.
واعتبر المراقبون في واشنطن، أن أردوغان تكبد ثلاث خسائر كبرى في علاقته مع بوتين، أولها ان إصراره على شراء منظومة «اس 400» الروسية، كلّفت بلاده الاستغناء عن مشاركتها في صناعة مقاتلات «اف 35» الأميركية المتطورة، وثانيها أن أنقرة تكبدت ملياري دولار ثمن منظومة الدفاع الجوي، وثالثها انه رغم نمو العلاقات، وخصوصاً الدفاعية، بين أنقرة وموسكو، يمكن أن تخسر تركيا، ادلب.
وفيما بدأ البعض في واشنطن، يعبّر عن الشعور بالشماتة من أردوغان وسياسته الخارجية، دعا آخرون إلى إعادة دعم تركيا، أطلسياً، شرط انتهاء هيمنة أردوغان.
وفي مقابلة مع «الراي»، قال النائب التركي السابق المقيم في واشنطن آيكان اردمير، انه «رغم ان المصالح الوطنية لتركيا وروسيا ليست متطابقة في سورية، إلا أن لدى أردوغان الكثير ليخسره في انفصاله عن بوتين، إذ ان رجل تركيا القوي، أعطى موسكو نفوذاً كبيراً في تركيا من خلال التعاون الوثيق في مجالات الدفاع والديبلوماسية والطاقة والتجارة».
وأضاف أن أردوغان «يراهن على بقائه السياسي عن طريق التماهي مع الأنظمة الاستبدادية، مثل روسيا والصين وإيران».
ويعتقد المسؤول السابق أن «اعادة التوجه نحو الغرب ومعاييره الديموقراطية يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة لحكم أردوغان الفردي»، لكن «الانتكاسة في العلاقات التركية - الروسية تقدّم فرصة للولايات المتحدة لتحسين العلاقات المتوترة مع أنقرة، ولهذا السبب سارع وزير الخارجية مايك بومبيو إلى إدانة الاعتداءات المستمرة وغير المبررة على شعب إدلب، وأعلن دعم واشنطن لتدابير الدفاع عن النفس التركية المبررة رداً على ذلك».
وتابع اردمير انه إذا قررت أنقرة العودة إلى قيم الديموقراطية التي يمثلها الأطلسي، «على واشنطن أن ترحب، مع الحذر من أن أي تغيير في الاتجاه التركي لا مغزى له طالما بقي أردوغان على رأس السلطة».
ويمكن للرئيس «أن يبدأ بكبح خطابه التحريضي المعادي للغرب، وإنهاء التمويل الذي قدمه للإسلاميين المتطرفين»، بحسب ما يختم النائب السابق.