ما طرحه رئيس مجلس الأمة في الجلسة البرلمانية الماضية من غرائب وعجائب التزوير في ملف الجنسية الكويتية لعله أصاب الكثير بالصدمة، إلا أن الحقيقة التي لا مفر منها أن كل أبناء المجتمع الكويتي يعرف عشرات القصص - إن لم تكن مئات - لأشخاص تشبه قصتهم قصة الشبح «عمرة» - بحسب مصطلح السيد مرزوق الغانم الذي استخدمه لشخوص هذه القصة - فهناك مئات القصص المشابهة التي استخدمها أشخاص تزويراً واحتيالاً للحصول على الجنسية الكويتية.
عمرة أوغريسة هذه الشخصية الشبح ذات الاسمين لها قانونها ونظامها الخاص، الذي تعاملت به مع الوضع القائم في الكويت، ليس في ملف التجنيس فقط بل في كافة مناحي الحياة، أينما توجد عوائد مالية ومنافع ومصالح تجد أشخاصاً يتبعون نظام وقانون «عمرة وغريسة»، ولعلنا لا نبالغ إن قلنا إن هذا النظام هوالسائد الآن!
النظام التعليمي في الكويت يخضع لقانون عمرة وغريسة، الكل يعلم علم اليقين أن ثورة الشهادات الجامعية العليا في السنوات الأخيرة، التي اجتاحت الكل في عمومها الأغلب بلا أي تحصيل علمي جاد وصادق، «جلب» الكثير شهادات علمية من جامعات من دون تحصيل، هذه حقيقة لا تحتاج إلى إثبات، بل إن جولة ليوم واحد فقط بين طلبة الكويت في الجامعات داخل البلاد يعرف فيها الإنسان مدى انهيار نظام التحصيل العلمي، بمشاركة من القائمين على العملية الدراسية، فالطلبة في الكويت - في الغالب - يتبعون نظام عمرة وغريسة! الغش منتشر في كل المراحل وبعض مدرسي الجامعات يتساهلون تساهلاً مشيناً في تقييم الطلبة وإعطاء الدرجات، وتخضع هذه العملية في أحيان كثيرة إلى معايير غير معايير التحصيل العلمي، ومستوى الطلبة بعد التخرج في الثانوية العامة وبعد 12 سنة دراسة يوضح لك ترسخ نظام عمرة وغريسة في طريقة تحصيلنا العلمي.
السلم الوظيفي، المناصب ذات المنافع، الأعمال التجارية، المناقصات، كل ما فيه منفعة من دون أداء واجب كل هذا للأسف تابع لنظام وقانون عمرة وغريسة في البلاد.
للأسف أن القناعة الراسخة في الأجيال القادمة من الشباب الكويتي وعلى جميع المستويات، هي أن هذا القانون هو العامل الفاعل في المجتمع، ولا قانون غيره يفعل شيئاً، حتى المقيمون في الكويت كلهم يعي ويفهم أثر هذا القانون على بيئة الأعمال وإنجاز المعاملات في البلاد.
بحجم ومرارة الغصة التي كانت تملأ كلام رئيس مجلس الأمة، وهو يستعرض الخلل في بعض ملفات الجنسية بذات الحجم والمرارة يتابع المراقبون بقية النواحي في حياتهم اليومية، والتي أصابها الخلل نفسه، والإشكالية الأهم أن الكل فاقد الأمل في الحل!
@lawyermodalsbtl