كلمات ناطقة

اليد على الزناد

1 يناير 1970 09:15 ص

مع ارتفاع مؤشر التصعيد في المنطقة إلى قمة المستوى الأحمر، تبدو الأحداث مرشحة للانفجار في أي لحظة، وهو ما يوجب أخذ الحيطة والاستعداد لأي طارئ، فمقتل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ليس حدثاً صغيراً، بل سيكون له تداعيات كبيرة، وسنعيش أوقاتاً تحبس الأنفاس مع إعلان إيران رسمياً ودينياً عن «رد عنيف» على الولايات المتحدة الأميركية، بعد تصفية أحد أبرز قادتها فجر الجمعة لدى عودته من بيروت إلى بغداد.
وقبل الدخول في تفاصيل ما قد نعيشه، ففي خبر مقتل سليماني شيء معروف ولكن لم يشر إليه أحد، فسليماني كان قادماً من لبنان إلى العراق، ويتنقل بين البلدين كما لو أنه يتنقل بين محافظتين إيرانيتين، وهذا يؤكد أن البلدين، إضافة لسورية واليمن، أصبحت مرتهنة لإيران وتتصرف بها كيفما شاءت، وهو أمر معروف للجميع ولكنه لم يصور بصورة أن مسؤولاً عسكرياً إيرانياً يتنقل بين عاصمتين عربيتين، بيروت وبغداد، ويودع هناك ويستقبل هنا من ميليشيات تابعة للحرس الثوري، عبر نائب رئيس الحشد الشعبي «أبو المهدي المهندس» الذي قتل معه، وليس عن طريق الدولة ومسؤوليها، ليتأكد أن القرار في البلدين، ومعهما دمشق وصنعاء، مختطف ويصنع في طهران.
أما في أجواء ما بعد تصفية سليماني، فالأمر مرشح للدخول في حالة من الفوضى والتصعيد العسكري، لأن إيران ترى أن كرامتها خدشت بقتل أبرز قادتها العسكريين، ولن يستطيع قادتها الصمت أو تجاوز الحدث، فالأمر أصبح مسألة سيادة ووجود، وهنا يجب أن يراعى أن الرد لن يكون مباشرا «إيرانيا - أميركيا» وإنما سيكون عبر عملاء طهران، على امتداد المنطقة من اليمن إلى لبنان، مروراً بالخليج والعراق وسورية، وهنا يجب أن تتنبه الحكومة الكويتية إلى أن البلاد ستكون مستهدفة، ولا سيما المصالح الأميركية فيها، في ظل ما سبق أن حذر منه مراقبون كثر عن وجود خلايا نائمة للحرس الثوري تتخفى على شكل عمال.
فلنتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وليكن لنا عين على الخارج وتطوراته، وأخرى على الداخل وأمنه، ولنا في سابق الأحداث عظة ومثل. فالطيش الإيراني لن يستثني دولة تقوم سياستها على الوفاق والسلام، فما يهم لدى الملالي الانتقام وإعادة الكرامة المهدورة، حتى لو كان ذلك على حساب أي دولة وكيان. وهنا تبدو مهمة وزارة الداخلية ومعها وزارة الدفاع كبيرة للحفاظ على الوطن وحمايته من أي تداعيات للأزمة.
أما خارجياً، فالأمر سيكون أكثر غموضا وترشيحا لكل احتمال، من استهداف المصالح الأميركية في الخليج، وحتى استهداف دول الخليج نفسها، بعد التهديد الإيراني الشامل، إلى القوات الأميركية في العراق وسورية، وصولاً إلى استهداف الكيان الصهيوني، على اعتبار أن ذراع إيران في لبنان - حزب الله - يرى أن المتسبب الأكبر في تصفية سليماني هو إسرائيل التي تعمل على تحجيم دور إيران في سورية. وهو ما تحسب الولايات المتحدة حسابه، وتعد العدة لمواجهته، فترامب الذي لم يمهل المعتدين على سفارة بلده في بغداد أكثر من 24 ساعة حتى قتل المحرض «سليماني» والمنفذ «المهندس» لن يبقى واقفاً وصامتاً تجاه أي تهديد لوجود قوات بلاده ومصالحها في الشرق الأوسط، وعليه فإن الساحة ستكون على موعد من النار في أي بقعة، ولكن بشكل غير مباشر، عبر وكلاء إيران كما قلنا، والرد أيضا سيكون على الوكلاء. والمهم أن تكون الكويت مستعدة لأي تطورات وقادرة على استيعاب الأحداث وتخفيف تداعياتها على الداخل.

h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan
Dr.alasidan@hotmail.com