ملف الإرهاب ومحاربته من أهم الملفات التي تتم مناقشتها في كل الاجتمعات سواء دولية أو إقليمية، ويسعى العالم كله للحد من هذه الأعمال والأفكار والمناهج الإرهابية التي باتت تنتقل من مجتمع إلى مجتمع ومن قارة إلى قارة، ودول الخليج بمحيطها العربي الجغرافي من أكثر الدول التي يعنيها هذا الملف، لأنها عانت منه كثيراً ولأن محيطنا الجغرافي مرتع لمثل هذه الأعمال والأفكار.
التحدي الذي يواجه دول الخليج ليس أمنياً فقط بل هو فكري قبل أن يكون أمنياً.
أولاً... ما تعريف الإرهاب والأعمال الإرهابية؟ ما يراه البعض إرهاباً وأعمالاً مجرّمة يراه آخرون جهاداً ونصرة لدين الله والمستضعفين من الناس!
نتفاخر نحن بوقوفنا ضد الإرهاب ومحاربته وغيرنا يتفاخر بأعمال القتل والعنف! مثل هذه الأفكار التي ترى في هذه الأعمال قربة إلى الله وجهاداً في سبيله منتشرة في مجتمعاتنا الإسلامية، وعلى أعلى المستويات الفكرية، التحدي الفكري الذي يواجهنا ليس بإقناع هؤلاء ببطلان فكرهم فالأمل فيهم قد يكون ضعيفاً، لكن في حماية المجتمع من التأثر بمثل هذه الافكار وعدم انتشارها، إذاً هناك تحدٍ فكري مهم: ما الإرهاب؟ وكيف نقيّم بعض الأفعال؟
والتحدي الفكري الثاني الذي يواجه مجتمعاتنا هو تحديد مفهوم الحرية، وهل هناك حريات مطلقة أم أن كل حرية يجب أن تكون مقيدة بالقوانين التي تعمل في تلك الدول؟
هذا المفهوم اليوم يواجه عبثاً كبيراً بأطروحات شاذة تدعو إلى حريات مطلقة لا حد عليها ولا قيد ومثل هذه الأفكار من أخطر الأمراض على المجتمعات.
ولأن مفاهيم الإرهاب ترتبط تلقائياً بمفاهيم الجهاد وغيرها من المسائل الدينية؟ ولأننا في المسائل الدينية مختلفون في كل شيء تقريباً، فلا تكاد مسألة دينية إلا ويحفها كم هائل من الخلاف، ولهذا كله من الطبيعي أن تجدنا على طرفي نقيض في تعريف الإرهاب.
ومن الطبيعي أيضاً أن يكون قتل الأرواح وقطع الرؤوس عند البعض عملاً مقرباً الى الله! ولهذا فإن مواجهة مثل هذا التحدي لا يكون إلا بفرض الصبغة الدينية للدولة على الجميع، ولأن كل دولة من دولنا لها وزارة شؤون إسلامية وهيئة فتوى، فالأصل أن ما تراه الدولة إرهاباً، هو إرهاب حالها في ذلك حال سن القوانين والنظم، فالقانون الذي تسنه الدولة يجب أن يعمل ويحترم ويطبق، والحال نفسه في رأيها السياسي الديني تجاه القضايا.
وإن كانت تلك الآراء الخاصة بالدولة غير ملزمة للأفراد، فلا أحد يجبرهم على الاقتناع أو الإيمان بها، إلا أن اللازم هو عدم مخالفتها حالها حال كل القوانين. فالالتزام بها واجب سواء اقتنع بها الشخص أم لم يقتنع.
مع أهمية مواجهة الإرهاب والإرهابيين أمنياً، إلا أن مواجهتهم فكرياً هو الأهم في اعتقادي... حماية لمجتمعاتنا من التأثر بهذا المرض العضال.
@lawyermodalsbti