يأتي معرض «أسرار عمرانية في تاريخ ومعمار الكويت» للباحث الكويتي بشار محمد خالد خليفوه - والذي أقيم ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب - منسجماً مع الإرث الكويتي المتعلق بالمعمار، وما يتضمنه هذا الإرث من تنقلات في عناصره ومواده وأشكاله وصولاً إلى مضامينه ودلالاته، ومن خلال ما احتواه المعرض من ترتيب وتنسيق في مواده العلمية والبحثية والتراثية، ستجد أننا أمام معرض متكامل في أركانه متناغم في أفكاره وأهدافه وتطلعاته تلك التي ترغب في إلقاء الضوء على هذا التاريخ المعماري للكويت، من خلال تتبع بداياته، ثم تلمس تطوراته التي أنتجت هذا الشكل المعماري الذي نحن بصدده «الحديث».
يقول خليفوه: «أحياناً يكمن الشغف في أعماق النفوس وتأصيل الهوية، من خلال دخول الذات لمعرفة الفرق بين الأنا والأنا الأخرى، فكل له طريقة خاصة يفسرها مفهوم الهوية، التي استمدها من الماضي فأثرت في واقعه الحاضر، من خلال تلك المؤثرات التي تلعب على وتر السلوك والعاطفة وطريقة التفكير، بل ربما تصنع مفهوماً أكثر دقة، حيث تصل بمؤثراتها وتحدد على أي شيء نضحك أو نبكي».
موضحاً أن الهوية العمرانية خليط فكري بين الزوايا الجغرافية في مواقع الأرض، وبين الأشكال العمرانية، مما ينتج لنا صورة لها أوصاف وملامح واضحة تحدد الوجه الثقافي في بنية المجتمع، نحو نظريات ومدارس الفن المعماري.
وقسم الباحث قاعة عرضه إلى أربعة أركان كل ركن مختلف عن الآخر حسب الترتيب، ويعرض في الركن الجغرافي - في بداية القاعة - صوراً وأعمالاً فنية وثائقية تتحدث عن أبرز الأوصاف التي تميز الجغرافيا الكويتية المؤثرة في جذب العمران والمعمار.
وتضمن الركن المعماري لوحة فنية وثائقية يتم من خلالها عرض أبرز محطات الجذب والتطور التاريخي لعمران ومواقع في الكويت، من خلال دراسة النشأة العمرانية الجغرافية للمدن، وذلك في تكوين المناطق والأحياء والطرق والمواقع العامة، مع توضيح وبيان الاتصال التاريخي المرتبط بالمواقع القديمة وأثرها في تكوين المواقع الحديثة.
ويبرز الركن المعماري ملامح المعمار الكويتي القديم، من القصور والأبنية القديمة المشهورة والمساجد، وذلك بعرضها ودراسة نمطها المعماري السائد فيها، كما يعرض صوراً وأعمالاً ومنحوتات لفن تشكيل الخشب على شكل مجسمات صغيرة، لدراسة وتوثيق الزخرفة والنقوش القائمة على بعض الأبنية التراثية، مع الشرح والتعليقات المناسبة تحت كل عمل.
حيث تجسد كل زخرفة تم توثيقها بعمل فني منحوت على الخشب المرفق معه صورته الأصلية، ليتم المقارنة والتقريب لصورته ولإضفاء المتعة البصرية والتذوق الفني والحسي.
وركن قصر السيف يتم من خلاله دراسة أبرز ملامح النمط المعماري السائد في قصر السيف، مع دراسة أشكال بعض القطع المعمارية وتنفيذها كمجسمات على أرض الواقع.
وأوضح خليفوه أن من مميزات تقسيمه لمعرضه خدمة التسلسل الفكري والحسي حيث التدرج المعلوماتي والتاريخي من الركن الأول حتى الركن الأخير، فكل ركن له موضوع مستقل بذاته عن الآخر.