أكد نائب السفير العماني لدى البلاد الوزير المفوض هلال بن علي الشنفري، أن السلطنة تتميز بأنها واحة للأمن والاستقرار في منطقة تموج بالصراعات الجيوسياسية الإقليمية، لافتا إلى أن ما يتسم به المجتمع العماني من صفات المسالمة والبعد عن العنف انعكس على الدور المتميز الذي تلعبه الديبلوماسية العمانية لإحلال السلام، من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وخاصة ما تقوم به حاليا في ظل ترؤس السلطنة الدورة الحالية لمجلس التعاون.
وقال الشنفري، في كلمة بمناسبة العيد الوطني الـ49 لسلطنة عمان، إن الزيارة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية يوسف بن علوي إلى الكويت مطلع العام الحالي، واستقبال سمو الأمير له، ومحادثاته مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، من الدلائل المهمة على التعاون المستمر في هذا الإطار بين الجانبين.
وأعرب عن الاعتزاز الكبير بالعلاقة الخاصة التي تجمع بين جلالة السلطان قابوس بن سعيد، وسمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، حيث إنها علاقة فريدة في نمطها بين الإخوة والأشقاء، أساسها المودة والتفاهم وتبادل المشورة والنصح الصادق والحرص على الاستمرارية في ظل الظروف الدقيقة والقاسية التي تمر بها المنطقة والإقليم، الأمر الذي انعكس إيجاباً على مختلف أوجه التعاون في العلاقات العمانية - الكويتية بجميع جوانبها، لا سيما تلك التي تتعلق بالشؤون السياسية حيث تتطابق الرؤى حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية فيما تتجسد آثارها الإيجابية على بقية العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليم والصحة والرياضة وغيرها، وتم توطيدها بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من خلال التعاون المستمر والزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين بين البلدين والشعبين الشقيقين.
ورفع نائب السفير التهاني والتبريكات الى مقام جلالة السلطان قابوس بن سعيد وللشعب العماني الكريم بمناسبة العيد الوطني التاسع والأربعين المجيد، سائلا الله أن يعيد هذه المناسبة على جلالته بموفور الصحة والعافية والعمر المديد، وأن يديم سبحانه وتعالى جميع النعم التي منّ بها علينا ويحفظها من الزوال.
وذكر أن قيادة السلطنة الحكيمة ما إن تولت مقاليد الحكم، حتى بدأت مرحلة جديدة من العمل الوطني ومسيرة التنمية غيرت مجرى الحياة في السلطنة بأن وضع لنا جلالة السلطان، رؤية شاملة ومتكاملة لبناء عُمان الحاضر والمستقبل الواعد، أدركت من خلالها السلطنة منذ بدايات عهد النهضة المباركة أهمية التخطيط في تعزيز مسارات التنمية، حيث يتم تنفيذ جميع مراحل خطط التنمية وفقا لرؤيته الحكيمة بدقة وإتقان، ويتضح ذلك جليا في إطار مواكبة التطورات في المواثيق التنموية الدولية، حيث اشتملت خطة التنمية المستدامة بالسلطنة على مجموعة من الأهداف ذات العلاقة بأهداف التنمية المستدامة 2030 التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2015.
المجال الاقتصادي
وذكر الشنفري أن السلطنة اتخذت مسارات عدة لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام للجميع، ولتحقيق معدلات للنمو تحافظ بها على مستوى الدخل وتعمق رفاه المواطن العماني، إذ إن متوسط الدخل يقدر بنحو 26000 دولار سنويا، لذا قامت بتنويع مصادر الدخل وتنمية القطاعات الواعدة وفي مقدمتها الصناعة التحويلية، حيث رفعت مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 في المئة، وبالنسبة لقطاع النقل والخدمات اللوجستية يتوقع أن تصل مساهمته إلى 6.8 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي ويتم حاليا استكمال اجراءات اعتماد الاستراتيجية الوطنية للابتكار 2040 من قبل الجهات المختصة، كما تحرص السلطنة على تأهيل وتدريب قوة العمل الوطنية وخاصة الشباب لزيادة نسبة المواطنين العاملين في القطاع الخاص والمقدرة بحوالي 12 في المئة، عن طريق تغيير المسار التعليمي حتى تتناسب مخرجات التعليم والتدريب مع هيكل الطلب المتوقع وخاصة في القطاعات الواعدة والمشاريع الكبرى.
وأشار إلى أن أحد المشاريع الاستراتيجية العمانية الكويتية الضخمة القائمة حاليا في السلطنة، وهو مشروع مصفاة الدقم البالغ تكلفته الاستثمارية 7 مليارات دولار، وبطاقة تكريرية تبلغ 230 ألف برميل يوميا من النفط الخام، حيث وضع الجانبان حجر الأساس له خلال شهر أبريل من العام الماضي 2018، فيما ينتظر إحياء مشاريع مماثلة بنفس الحجم بين البلدين الشقيقين في منطقة الدقم التي ستكون مع اكتمال مشروع مصفاة الدقم عام 2022 مركزا لصناعة البتروكيماويات في العالم.
وقال ان مجالات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري تشهد بين البلدين نموا جيدا، وإن كان لا يرقى الى الطموحات بالنظر الى الإمكانيات المتوافرة لدى الجانبين والعلاقات الثنائية المتميزة بينهما، وهناك اهتمام بتشجيع الزيارات المبتادلة لرجال الأعمال وإقامة المعارض التجارية ومشاركات قوية في الفعاليات والملتقيات الاقتصادية وتعاون مستمر بين غرفتي التجارة والصناعة العمانية والكويتية، وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين 426 مليونا عام 2017، وبلغ حجم الصادرات والمنتجات العمانية الى الكويت ما قيمته 147 مليون ريال عماني حتى عام 2017، كما يبلغ عدد الشركات الكويتية العاملة في السلطنة نحو 500 شركة، تعمل في مجالات عدة كالتجزئة والطاقة والمقاولات والسياحة، فيما بلغ حجم الاستثمارات المشتركة 210 ملايين ريال عماني تبلغ مساهمة الكويت فيها 94 مليون ريال، وتقدر بنسبة 44 في المئة تتوزع على 577 شركة، تتركز أعمالها في قطاعات التجارة والإنشاء وقطاعات أخرى، منها الاتصالات التي بلغت فيها حصة مجموعة عُمانتل «أكبر شركة اتصالات في عُمان» من رأس مال شركة زين الكويتية 22 في المئة.
التعليم والمرأة
وفي ما يخص إطار الاستراتيجية الوطنية للتعليم في السلطنة، أشار نائب السفير إلى أنه تم توفير فرص عمل منتجة ومجزية للمواطنين، من خلال تعديل مسار التعليم والتدريب في السلطنة، بحيث يستهدف المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل، فيما تُعدّ استراتيجية عمان الرقمية أحد أهم المشاريع الإستراتيجية في السلطنة والتي استُحدِثت بموجبها العديد من مشاريع البنية التحتية الرئيسية التي تشكل الأساس لطريق قوي ومستدام للمعلومات، مثل شبكة الحكومة الموحدة ومركز البيانات الوطني والدفع الإلكتروني والأمن السيبراني والسياسات القانونية والتنظيمية التي تهدف إلى تحويل السلطنة إلى مجتمع معرفي مستدام من خلال توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز الخدمات الحكومية وإثراء الأعمال وتمكين الأفراد. وتشير الإحصائيات إلى أن السلطنة تحتل المرتبة الأولى عربيًا والرابعة دوليا في مجال جاهزية الأمن السيبراني، وحصلت على المرتبة الثانية عربيًا في مؤشر الخدمات الإلكترونية، وعلى المرتبة 52 دوليًا في تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2018، كما صُنّفت السلطنة كواحدة من ضمن أفضل عشر دول عالميًا، والأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر تقييم حقوق النفاذ الرقمي (DARE)، كما نالت السلطنة نحو 19 جائزة دولية مرموقة، منها 11 جائزة من الأمم المتحدة للخدمة العامة و8 جوائز من القمة العالمية لمجتمع المعلومات، وهناك نحو 20 جائزة حصلت عليها سلطنة عُمان من جوائز الحكومة الإلكترونية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وفي مجال المساواة بين الجنسين وتمكين العنصر النسائي، ذكر أن السلطنة حققت تقدما مرموقا عكس جهودها في القضاء، على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في فرص التعليم والتوظيف، حيث تشير التقديرات أن نسبة الإناث ستكون 47 في المئة من الداخلين الجدد في سوق العمل، مقابل 53 في المئة للذكور، وهو ما يقرب من المساواة الكاملة بين الذكور والإناث من مخرجات نظم التعليم والتدريب الذي يقدر بنحو 185.989 خريجا.
وأشار إلى أن السلطنة حققت جزءاً كبيراً من هدف حصول الجميع بشكل منصف على مياه الشرب المأمونة والميسورة التكلفة بحلول عام 2030، حيث قامت الحكومة بتوفير الموارد المائية عبر مشاريع إنشاء محطات جديدة لتحلية مياه البحر أكثر، بهدف تعزيز الاستدامة البيئية ومواجهة المخاطر الطبيعية، إذ تتمتع كافة أرجاء السلطنة بما فيها المناطق القروية والجبلية بوصول المياه الصالحة للشرب وتوفر أدوات الصرف الصحي. كما استهدفت ثوابت سياسات الحكومة توفير خدمات الطاقة والوقود للاستخدام الانتاجي والمنزلي بأسعار ميسورة، ودعم قطاع الكهرباء، كما تقوم الحكومة بإعداد استراتيجية وطنية للطاقة حتى 2040، من شأنها تحقيق زيادة كبيرة في حصة الطاقة المتجددة في مجموعة مصادر الطاقة العالية.