دراسة بحثية

أدمغتنا تخضع لعملية «تنظيف» أثناء النوم!

1 يناير 1970 11:35 م

النوم مهم لإعادة تنشيط وضبط وظائف الدماغ، ولكن اتضح حديثاً أن للنوم دورا حيويا إضافيا يتمثل في إفساح المجال للدماغ كي يتخلص من «نفاياته» من خلال عملية «تنظيف». فكيف ذلك؟

اكتشفت دراسة بحثية طبية جديدة نشرتها مجلة «ميديكال نيوز توداي» البريطانية المتخصصة أن السائل النخاعي يتدفق ذهاباً وإياباً في أمواج أثناء النوم، وذلك على نحو يساعد الدماغ على تنظيف نفسه والتخلص من نفاياته التي تتراكم خلال ساعات اليقظة.
فمن بين اكتشافات عدة، لاحظ الباحثون الذين أجروا الدرسة أن السائل النخاعي يحوي خلايا مناعية متخصصة تصبح أكثر نشاطاً في الدماغ أثناء ساعات النوم، وتتحرك للقيام بمهام أشبه بأعمال التنظيف والصيانة.
الباحثون التابعون لجامعة بوسطن في مدينة ماساتشوستس الأميركية لاحظوا من خلال دراستهم البحثية الجديدة أن ما يحصل في أثناء النوم هو أن السائل النخاعي الموجود في المخ وفي تجويف العمود الفقري يتحرك ذهابا وإيابا في أمواج مكوكية بطيئة تساعد الدماغ على تصريف والتخلص من عوادمه وشوائبه التي تعرف بـ«القمامة الأيضية المتراكمة».
وأوضحت الباحثة لورا ليويس التي شاركت في الدراسة: «صحيح أننا كنا نعلم في السابق عن وجود موجات كهروكيماوية تسري في الخلايا العصبية، لكننا اكتشفنا للمرة الأولى من خلال هذه الدراسة وجود موجات في السائل النخاعي».
*عملية تزامنية معقدة
استندت الدراسة الجديدة إلى نتائج تجارب سريرية أجريت على 13 متطوعا شاباً تراوحت أعمارهم بين 23 و 33 عاما بعد أن وافقوا على الخضوع لسلسلة فحوصات لأدمغتهم أثناء النوم.
لكن عملية الفحص لم تكن بسيطة، حيث تعين على كل متطوع أن ينام في داخل جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي معتمرا خوذة طبية خاصة مخصصة لرصد وتخطيط الموجات الدماغية، وهي الخوذة التي تسمح للباحث بقياس ومراقبة تحركات أنشطة الدماغ أثناء النوم.
وعن العملية الاجرائية قالت الباحثة ليويس: «أول صعوبة واجهتها الدراسة تمثلت في أن النوم في داخل جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي هو أمر صعب، وذلك لأن تلك الأجهزة تكون صاخبة للغاية إلى جانب أنه ليس من السهل على اي شخص أن يعتاد بسهولة على أن ينام في داخل أنبوب معدني ضخم ورأسه في خوذة متصلة بمجسات.
لكن بعد إدخال بعض التعديلات على الأجهزة، نجح الباحثون في مساعدة المتطوعين على التغلب على تلك الصعوبة، وتمكنوا - ربما للمرة الأولى - من مراقبة نشاط السائل النخاعي في أدمغة المتطوعين خلال استغراقهم في النوم.
ومن أبرز الملاحظات التي رصدها الباحثون أن السائل النخاعي يتحرك جيئة وذهابا على نحو «متزامن» مع الموجات الكهروكيماوية الدماغية، وأنه يقوم خلال تلك التحركات بحمل نفايات الدماغ ونقلها خارجا كي يتم تصريفها.
واتضح أن تلك «النفايات» تتألف من عوادم وشوائب يمكنها إذا تراكمت في داخل الدماغ أن تعرقل تدفق المعلومات والاشارات بين الخلايا والمراكز العصبية.
*أهمية نتائج الدراسة
وعن مدى جدوى هذه الدراسة، أوضح الباحثون أن نتائجها ألقت ضوءا غير مسبوق على الآليات الأساسية التي تقف وراء حالات مثل مرض ألزهايمر الذي تلعب فيه تلك النفايات المتراكمة دورا رئيسيا في فقدان الذاكرة والمشاكل الإدراكية الأخرى التي تنجم عن ذلك المرض.
ومن بين الأمور المهمة التي أظهرتها نتائج هذه الدراسة أن وتيرة الشيخوخة ترتبط بضعف قدرة الدماغ على تنظيف نفسه ذاتيا.
وهذا يبشر بأنه من الممكن إبطاء وتيرة الشيخوخة إذا نجحنا في تنشيط قدرة الدماغ على التخلص من نفاياته.