«هورمونات البهجة» هو مصطلح يُطلق على نواقل كيماوية بيولوجية يفرزها جسمك وتتسبب لدى سريانها في أعضائك في منحك مشاعر إيجابية ومبهجة، كالسرور والتفاؤل والاطمئنان والنشوة والأمل. فلنلق نظرة عامة على تلك الهورمونات.
دوبامين... «هورمون السعادة»
يرتبط هورمون الدوبامين بآليّة المكافأة والثواب في الدماغ. فلقد لاحظت دراسات علمية أن إفرازات الدوبامين ترتفع عند خوض الشخص أي مواقف يحقق فيها فوزاً أو نجاحاً أو إنجازاً بعد بذل جهد. وصحيح أن معظم المواد المسبّبة للإدمان تعمل أيضا على تنشيط إفراز هذا الهورمون، لكنه يكون نشاطاً مفرطاً ومضطرباً وضاراً من الناحيتين البدنية والنفسية. وإلى جانب ذلك يلعب أدواراً مهمة في التأثير إيجابياً على الوظائف الذهنية والشعوريّة كالذاكرة، والتركيز، والتعلّم، والنوم، والحال المزاجية، بالإضافة إلى تحسين أداء الجهاز الحركي عموماً.
وهناك عادات يومية وممارسات روتينية يمكن أن تساعد على تنشيط إفراز الدوبامين، ومن بين تلك الممارسات: التعرّض للضوء الطبيعي واستنشاق الهواء المنعش، وممارسة الرياضة البدنية، وجلسات التأمّل الذهني، والاتصال الجسدي الحميم (المعانقة والجماع)، والتدليك، والمشاركة الاجتماعية، والأعمال التطوعية الخيرية.
أما أبرز الأغذية التي تنشط إفراز الدوبامين فتشمل:
• الأغذية البروتينية: لاحتوائها على حمض تايروزين وحمض فينيللانين، وهما حمضان أمينيان ضروريان لتكوين الدوبامين.
• الأطعمة البحرية: لغناها بأحماض أوميغا -3.
• الخضراوات الغنية بالمغنيزيوم، حيث يمنح المغنيزيوم خواص مضادة للاكتئاب مرتبطة بزيادة الفعاليّة الدوبامينيّة في الدماغ.
• التوابل: الكركم والبردقوش على سبيل المثال يزيدان تركيز الدوبامين عن طريق تثبيط مفعول إنزيم أكسيداز أحادي الأمين (MAO).
• الدهون الدسمة غير المشبعة: توجد في زيت الزيتون النقي، وزيت الأفوكادو.
سيروتونين... هورمون المزاج!
هورمون السيروتونين هو عبارة عن ناقل عصبي أميني يعمل على إطلاق إشارات معينة بين الخلايا العصبيّة لتحسين المزاج، وفي الوقت ذاته يمارس تأثيرات على أعضاء الجسم بشكل عام وعلى الجهاز الهضمي بشكل خاص.
يؤدي السيروتونين مجموعة كبيرة من الوظائف، بما في ذلك ضبط وتنظيم المزاج والسلوك الاجتماعي والشهية والهضم والنوم والذاكرة والاستقلاب وافراز الحليب لدى الإناث المرضعات وتجدّد خلايا الكبد.
وأثبتت دراسات علمية وجود علاقة ارتباطية بين نقص السيروتونين والاصابة بالاكتئاب. لكن ما زال ينبغي التأكد مما إذا كان نقص السيروتونين هو الذي يسبّب الاكتئاب أم أن الاكتئاب هو الذي يسبّب نقص السيروتونين.
ومن الممكن زيادة نشاط السيروتونين من خلال المواظبة على ممارسة العادات ذاتها المذكورة آنفا في ما يتعلق بتحفيز إفراز الدوبامين.
وغذائيا، تسهم الأطعمة التالية في تنشيط إفراز هورمون السيروتونين:
• البيض: أظهرت نتائج أبحاث أن صفار البيض تحديدا يحوي مادة التربتوفان الضرورية لتصنيع السيروتونين.
• الأجبان: هي مصادر ممتازة للتربتوفان.
• الأناناس، وسمك السالمون، والحبوب والمكسّرات، والبقوليّات.
أوكسيتوسين... «هورمون الحب»
يشتهر هذا الهورمون بلقب «هورمون الحب»، وذلك لكون إفرازه يزداد بشكل ملحوظ عندما يدخل الشخص في علاقة غرامية، أو في تفاعلات اجتماعية إيجابية، وكذلك عند الوصول إلى ذروة النشوة خلال الجماع. ويلعب هذا الهورمون دورا مساعدا على الشفاء من الأمراض البدنية والنفسية. ولوحظ من خلال دراسات علمية أن مستوى هذا الهورمون في الجسم عموما ينخفض في حالات التشاؤم والتفكير السلبي ولدى تعرض الشخص للإهانة والاحباط الشديد.
ولزيادة مستويات هذا الهورمون، يُنصح بالمواظبة على تناول أطعمة غنيّة بالبروتين، والزيوت التي تحوي مستوى عاليا من الكولسترول الجيّد عالي الكثافة (HDL)، وفاكهة الأفوكادو.
إندروفين... «أفيونات طبيعية»!
الإندروفين هو واحد من أهم مسكنات الألم التي يفرزها الجسم طبيعياً. وعند إفرازه من خلايا الدماغ أو من الغدة النخامية، فإنه يرتبط بمستقبلات الألم في الدماغ وبالتالي يخفف الشعور بالألم بالطريقة نفسها التي تعمل بها بعض العقاقير الأفيونية المسكنة للألم كالمورفين والكوديين، لكن الإندورفين الذي يفرزه الجسم طبيعياً لا يؤدي إلى الإدمان مثلما تفعل العقاقير الأفيونية. ومن بين وظائف الإندورفين الأخرى: خفض الشعور بالإجهاد، وتعزيز الجهاز المناعي، وتحسن المزاج، وتحفيز مشاعر السرور والسعادة، إلى جانب أنها تسهم في كبح مشاعر القلق والتوتر والألم النفسي.
ولأن الإندروفينات تمنح تأثيرات مشابهة للعقاقير الصيدلانية الأفيونية المسكنة للآلام، فإنها تشتهر بلقب «الأفيونات الطبيعية».