حذّرت نتائج دراسة علمية جديدة من أن أنواعاً معينة من الفطريات التي تعيش في الأمعاء يمكن أن تنتقل إلى البنكرياس وتتسبب في تفعيل خلايا خبيثة تصيبه بالسرطان.
الدراسة الحديثة، التي نشرتها مجلة «نيتشر» العلمية المتخصصة، أجراها باحثون في مركز بيرلماتر للسرطان التابع لجامعة نيويورك الأميركية، وتصف نتائجها كيف تم استكشاف سلوكيات الفطريات التي تعيش في أمعاء فئران وأشخاص مصابين بسرطان البنكرياس، حيث اتضح أن أنواعا معينة من تلك الطفيليات المجهرية يمكن أن «تتسلل» حتى تدخل القناة البنكرياسية، وهو ذلك الأنبوب الذي تنتقل من خلاله العصارات البنكرياسية إلى مجرى الجهاز الهضمي.
واكتشف الباحثون أيضا معالجة الفئران المصابة بسرطان البنكرياس بأدوية مضادة للفطريات قد أدى إلى تقليص الأورام بنسبة وصلت إلى أكثر من 40 في المئة.
وتعليقاً على نتائج الدراسة قال الدكتور جورج ميلر الذي شارك في الدراسة، إن هذه النتائج تثبت للمرة الأولى أن فطريات الأمعاء تلعب دوراً في استثارة الأورام السرطانية في البنكرياس، فضلا عن أن نوع الفطر يحدد طبيعة ونمط نمو تلك الأورام.
وأوضح الدكتور ميلر أن هناك أنماطاً متنوعة من سرطان البنكرياس، وهي الأنماط التي تتحدد وفقا لنوع الأنسجة المصابة ومنطقة المنشأ، مشيراً إلى أن النمط الأكثر شهرة على نطاق واسع – وهو موضوع الدراسة - هو سرطان القناة البنكرياسية (PDA)، حيث إنه يتفشى بين حوالي 90 في المئة من مصابي سرطان البنكرياس.
في سياق الدراسة، قام الدكتور ميلر مع زملائه الباحثين بإجراء تحاليل مختبرية لبراز فئران تجارب بعضها مصاب بسرطان البنكرياس وبعضها الآخر غير مصاب به، ثم استخدموا أجهزة جينومية متطورة لفحص أنواع وكميات الطفيليات على مدار أكثر من 30 أسبوعا.
ومن خلال رصد وتحليل منهجي للبروتينات الفلورية الموجودة في الطفيليات، استطاع الباحثون أن يتتبعوا المسار الذي سلكته تلك الطفيليات من الأمعاء حتى وصلت إلى البنكرياس.
ومن خلال إجراء مقارنات، لاحظ الباحثون أن البنكرياس المصاب بالسرطان يختلف عن البنكرياس غير المصاب في أمور فسيولوجية وبنيوية عدة من بينها الحجم وطبيعة الخلايا والأداء الوظيفي، وهي الاختلافات ذاتها التي لاحظوها لدى بشر مصابين بسرطان البنكرياس.
والسمة الأكثر وضوحاً التي رصدها الباحثون هي أن الزيادة في تعداد الفطريات في الأنسجة المسرطنة تكون عادة في الأنواع التي تنتمي إلى جنس Malassezia.
لكنّ هناك أنواعاً طفيلية أخرى تنتشر بدرجة أقل عند الاصابات السرطانية البنكرياسية.
وأوضحت الباحثة المشاركة الدكتورة ديباك ساكسينا إن فطريات Malassezia
لا تعيش في الأمعاء فقط، بل توجد أيضا في بيئات أخرى كثيرة من بينها جلد الإنسان وتحديدا في فروة الرأس حيث تكون مسؤولة عن قشرة الرأس وبعض أشكال الأكزيما.
وأضافت أن الدراسات الحديثة قد اكتشفت وجود علاقة ارتباطية سببية بين هذا النوع من الفطريات وبين الاصابة بسرطان القولون وسرطان المستقيم.
واكتشف الباحثون أنه يمكن معالجة الفئران بسرطان البنكرياس الناجم عن طفيليت الأمعاء، وأن أفضل علاج هو أنواع قوية معينة من مضادات الفطريات خصوصا تلك التي تحوي مادة أمفوتريسين B، حيث إنها أثبتت فاعلية في تقليص الورم السرطاني بنسبة تراوحت بين 20 إلى 40 في المئة. بالإضافة إلى ذلك، أدت المعالجة بتلك المضادات إلى كبح جماح النمو الشاذ للقناة البنكرياسية بنسبة 20 إلى 30 في المئة، وهو النمو الذي يكون بداية تمهيدية لنمو سرطان البنكرياس.
وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت نتائج الدراسة أن العلاج بمضادات الفطريات يدعم كفاءة العلاجات الكيميائية لسرطان البنكرياس، وذلك بنسبة من 15 إلى 25 في المئة.