ناشرو الكتب في الولايات المتحدة جنوا إيرادات بلغت 26 مليار دولار خلال العام المنصرم
الصيغة الورقية ما زالت المفضلة لدى اثنين من بين كل ثلاثة أميركيين
إذا أعجبك كتاب جديد صدر حديثاً في الأسواق، فهل تفضل قراءة طبعته الورقية أم نسخته الإلكترونية؟
كان هذا السؤال محوراً لاستطلاع رأي أميركي جديد قد تكون نتائجه مفاجئة بالنسبة إلى كثيرين، حيث أظهرت أن الصيغة الورقية ما زالت هي المفضلة لدى اثنين من بين كل ثلاثة أميركيين – أي بمعدل الثلثين – وذلك على الرغم من الانتشار الملموس للوسائط الرقمية.
استطلاع الرأي أجراه مركز «بيو» الأميركي للأبحاث، واتخذته شبكة CNBC التلفزيونية الأميركية ركيزة لتحقيق خاص استهلته المذيعة لوسي هاندلي بالتساؤل التالي: لماذا لا يزال الناس يفضلون القراءة من نسخ مطبوعة ورقياً على راحة القراءة من على شاشات هواتفهم الذكية؟ لماذا ما زالت الكُتُب الورقية تفوق نظيراتها الإلكترونية؟
التحقيق سلط الضوء على أن ناشري الكتب بجميع أشكالها في الولايات المتحدة جنوا إيرادات إجمالية بلغت 26 مليار دولار أميركي خلال العام المنصرم، وهو الرقم الذي كان للكتب الورقية منه النصيب الأكبر بنحو 22.6 مليار دولار أميركي، بينما حصدت الكُتُب الإلكترونية 2.04 مليار دولار أميركي فقط، وفقاً لما جاء في نسخة العام 2019 من التقرير السنوي لجمعية الناشرين الأميركيين.
وفي حين أقر التحقيق التلفزيوني بأن الوسائط الإلكترونية قد أربكت أدوات وصناعات النشر التقليدية – بما في ذلك المطبوعات الورقية وصناعة الاسطوانات الموسيقية وغير ذلك – فإنه نقل عن ميريل هولز، العضو المنتدب لجمعية باعة الكتب في المملكة المتحدة، قولها إن الحاصل على أرض الواقع حالياً هو أن الناس ما زالوا يعشقون امتلاك كتب ورقية.
وتابعت هولز قائلة: «أعتقد أن فقاعة الكتب الإلكترونية قد انفجرت إلى حد ما، فمبيعاتها توقفت عن النمو، وأعتقد أن الصيغة المادية الملموسة (أي الكتاب الورقي) محتفظة بجاذبيتها. فناشرو الكتب الورقية ينتجون كتباً رائعة بشكل لا يصدق، وتصميمات أغلفتها غالباً ما تكون رائعة بشكل يجعل منها مقتنيات جميلة على الأرفف».
وأضافت: «الناس يحبون أن يعرضوا ما قرأوه. كما أن عاشق القراءة يحب أن يكون لديه سجل بما قرأه، وهذا قد يتعلق بالرغبة في توجيه إشارة معينة إلى الآخرين. كما أن الأمر قد يتعلق بتزيين المنزل بتك الكتب الأنيقة، وبهواية تجميع المقتنيات الملموسة».
ورأت هولز أنه «على الرغم من أنه قد مر أكثر من عقد من الزمن منذ أن أطلق موقع Amazon قارئ Kindle الإلكتروني، فإنه ما زال هناك تعطّش إلى المعلومات ورغبة في الهروب من الشاشات. المسألة تتعلق بالمشهد السياسي جزئياً، فالناس يبحثون عن الهروب، لكنهم يبحثون في الوقت ذاته عن المعلومات. لذا، فإنهم بدأوا يعودون على نحو متزايد إلى الصيغ المطبوعة ورقيا لأسباب كثيرة ومعقدة... وأعتقد أنه من الصعب أن تكون هنالك علاقة وجدانية مع ما تقرأه إذا كان على شاشة قارئ إلكتروني».
واستشهد التحقيق بتقرير أصدرته «مؤسسة نيلسن العالمية للكتب»، وهو التقرير الذي لاحظ أن محبي قراءة وجمع الكتب الورقية يميلون إلى تزيين أرفف مكتباتهم وطاولات الشاي في منازلهم بكتب ورقية، في مقدمها تلك التي عن الطبيعة ثم الطهو ثم كتب الأطفال، وفي المقابل فإن الذين يفضلون قراءة قصص الجرائم والروايات الرومانسية والإثارة يميلون أكثر إلى النسخ الإلكترونية.
وأوضح التحقيق أنه على الرغم من أن شريحة الشباب أسهمت طوال السنوات العشرة الماضية بجزء كبير من العزوف عن صيغ النشر التقليدية والإقبال على الصيغ الإلكترونية، فإن هذا التوجه قد بدأ في التراجع حيث إن الأرقام الإحصائية تشير إلى أن أفراد الشريحة ذاتها (الشباب) هم الذين يقودون حالياً تيار العودة إلى المطبوعات الورقية. فوفقًا لتقرير مؤسسة «نيلسن»، اتضح أن نسبة 63 في المئة من الكتب الورقية في المملكة المتحدة خلال العام الفائت اشتراها أشخاص تقل أعمارهم عن 44 سنة، في حين أن 52 في المئة من الكتب الإلكترونية اشتراها أشخاص ممن تجاوزت أعمارهم 45 عاماً.
وأشار التحقيق إلى أن الصورة تبدو مماثلة على الجانب الغربي من المحيط الأطلسي، حيث أظهرت نتائج استطلاع أجري في الولايات المتحدة أن نسبة 75 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً قالوا إنهم قرأوا كتاباً ورقياً على الأقل خلال العام الفائت، موضحين أنهم كانوا في الأعوام الخمسة التي قبل ذلك لا يقرأون إلا الصيغ الإلكترونية.