البريطانيون يريدون الجواز الأيرلندي لحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي
مونتنيغرو تشترط استثمار 274 ألف دولار... و110 آلاف رسوم الطلب
صحيح أنه ليس جديداً أن هناك دولاً حول العالم لديها برامج حكومية تعرض بموجبها جنسيتها للبيع وفقاً لشروط وضوابط معينة، لكن ربما كان الجديد في هذا الصدد هو أنه لوحظ أن مواطني بعض الدول العظمى والثرية - بما في ذلك خليجيون وأميركيون وبريطانيون وروس وصينيون - باتوا يسعون على نحو متزايد لشراء المواطنة في تلك الدول حتى إذا استدعى ذلك أن يتخلوا عن «جناسيهم» وجوازات سفرهم الأصلية.
وعلى الرغم من وجود برامج التجنيس منذ العام 1984 عندما أطلقت حكومة دولة «سانت كيتس آند نيفيس» الكاريبية التابعة للتاج البريطاني أول برنامج حكومي تحت عنوان «الجنسية من خلال الاستثمار»، فإن الاهتمام بتلك البرامج عاد إلى دائرة الضوء مجدداً خلال الآونة الأخيرة بعد أن بدأ عشرات آلاف من المواطنين البريطانيين في تقديم طلباتهم إلى برنامج «الجنسية مقابل الاستثمار» الأيرلندي كي يحملوا جنسية تلك الدولة المجاورة قبل الموعد المتوقع لانسحاب بلادهم من اتفاقية «بريكست» في 31 أكتوبر الجاري.
ووفقاً لتحقيق خاص أجرته شبكة «سي إن إن» الأميركية حول هذا الموضوع، فمن الواضح أن هؤلاء البريطانيين يريدون «شراء» جوازات سفر أيرلندية لأسباب عدة من بينها أنها ستتيح لهم تفادي جزء كبير من الضرائب التي ستبدأ بلادهم في فرضها على مواطنيها بعد انسحابها من تلك الاتفاقية، إلى جانب أن جواز السفر الأيرلندي سيمنحهم حرية تنقل أكبر بين دول الاتحاد الأوروبي، مقارنة بنظيره البريطاني الذي سيصبح حامله أقل تمتعاً بتلك الحرية بعد الخروج من «بريكست».
وفي خطوة تبدو هادفة إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من أولئك البريطانيين الساعين إلى أن يحملوا جنسية ثانية، أعلنت جمهورية مونتنيغرو (الجبل الأسود) قبل يومين - وتحديدا في الرابع من أكتوبر الجاري - عن فتح الباب لقبول طلبات 2000 من الراغبين في الاستفادة من برنامجها الجديد الذي يشترط على المتقدم أن يستثمر ما يعادل 274 ألف دولار أميركي في مشاريع تنموية في مونتنيغرو إلى جانب دفع مبلغ 110 آلاف دولار كرسوم لكل طلب، وهي الرسوم التي ستذهب لتمويل خطط تنمية المناطق الأكثر فقراً في الدولة.
وأشار التحقيق نقلا عن استشاري بارز في هذا المجال إلى أن برامج «الجنسية مقابل الاستثمار» كانت في بداياتها لا تستقطب سوى رجال الأعمال والأثرياء الذين يحملون جنسيات دول العالم الثالث التي يتفشى فيها الفساد ولا توفر حكوماتها البيئة الصحية للاستثمار ولنمو أعمال القطاع الخاص، لكن دائرة الاستقطاب اتسعت مع مرور السنوات حتى أصبحت تشمل «زبائن» من دول عظمى غنية كروسيا والصين إلى جانب أثرياء من دول شرق أوسطية نفطية من بينها دول خليجية.
ولوحظ إقبال أعداد متزايدة من مواطني تلك الدول الغنية على «شراء» جواز سفر دولة أخرى من خلال برامج «الجنسية مقابل الاستثمار» حتى وإن كلفهم ذلك أحيانا التخلي عن جنسياتهم الأصلية.
الاستشاري نوري كاتز، مؤسس ومدير شركة «أبيكس كابيتال انترناشيونال»، قال: «معظم الأشخاص الذين يقبلون على هذا النوع من الاستثمار في شراء الجنسيات يتراوح إجمالي ثروة الواحد منهم بين مليونين و15 مليون دولار أميركي»، مشيراً إلى أنه شخصياً واحد من هؤلاء حيث إنه أميركي الجنسية أصلا لكنه «اشترى» حتى الآن جنسيات 4 دول أخرى هي: إسرائيل وكندا و«سانت كيتس آند نيفس» وأنتيغوا.
كاتز أوضح أنه يستفيد بطرق متنوعة من وراء استثماره في «شراء» الجنسيات، بما في ذلك أنه يتفادى بها مثلا قوانين أميركية تفرض ضرائب على أنشطة الأميركيين الاقتصادية سواء مارسوها في داخل الولايات المتحدة أو خارجها.