افتتحت رابطة الأدباء الكويتيين موسمها الثقافي الجديد باحتفالية أبّنت فيها الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل «رحمه الله» عنوانها «عام في سمائه النائية»، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى على رحيله، وتأكيداً على دوره الريادي في مختلف المجالات الأدبية، واعترافاً من الرابطة بقيمته الأدبية محلياً وعربياً، وشارك في التأبين نخبة من المبدعين والأدباء والأكاديميين، وبحضور الأمين العام لرابطة الأدباء الدكتور خالد عبداللطيف رمضان، وأصدقاء ومحبي الراحل.
ومن الملفت في هذه الاحتفالية الدموع الساخنة التي لم يتمكن بعض الحضور من إخفائها حزناً على رحيل هذه القامة الإبداعية، التي كانت لها بالغ الأثر في ريادة الرواية الكويتية وتصدرها المشهد العربي.
وفي الاستهلال تحدث مدير الاحتفالية الشاعر عبدالله الفيلكاوي عن الموسم الثقافي للرابطة وما سيتضمنه من جديد في منتدياته وملتقياته وأنشطته الأسبوعية، فيما أشار هاشم الموسوي عن الشعار الجديد للرابطة واستخداماته في الدعاية للأنشطة والفعاليات المختلفة.
وبدأت الاحتفالية بعرض مرئي خاص من الفيلم التسجيلي الذي يحكي فيه مخرجه طارق هاشم عن تشكيل قناع لوجه إسماعيل، متحدثاً عن صداقته بالراحل، وإنسانيته التي جعلته محبوباً من الجميع، وأشار هاشم إلى دعم إسماعيل له خلال مسيرته الفنية، ومساندته في كل أحواله، التي كادت أن تعصف بحياته.
وألقى رمضان كلمته المؤثرة، تلك التي أبدى فيها سعادته بأن يكون تأبين إسماعيل هو أول فعالية تستهل بها الرابطة موسمها الثقافي، ليصفه بالزميل والصديق والعزيز، وأنه لم يكن روائيا فحسب، بل كان مبدعاً ومسرحياً وكاتب سيناريست، وتربوياً واشتغل في مهام إعلامية عدة أداها بتفوق، وكشف أنه تعرف عليه في الستينات من خلال إبداعاته والتقاه في نهاية عام 1969، وبداية عام 1970، حينما كان يترأس الوسائل السمعية في التربية، وبحكم حبه للأدب أشرف على تمثيليات تخدم المراحل التعليمية المختلفة، وتابع أنهما تزاملا في رابطة الأدباء ثم التحاق الراحل بالفنون المسرحية قسم إعداد النصوص المسرحية، كما أنه مارس دوره في مؤسسة البرامج المشتركة للأطفال، وتقييم الأعمال فيها، وأنه كان داعماً ومشجعاً لجيل الشباب، وعلاقته طيبة مع الجميع.
والفنان التشكيلي والمخرج المسرحي البحريني عبدالله يوسف تحدث عن علاقته الوطيدة بالراحل، والصداقة التي جمعتهما منذ زمن ودوره في رسم أغلفة أعماله الروائية، وكيف أن اللقاء جاء صدفة في قاعة الفنون في ضاحية عبدالله السالم، خلال مشاركته في معرض أقامه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، في عام 1973، وأنه من خلال هذا اللقاء ترسخت العلاقة وامتدت إلى رحيله الموجع.
وعاد يوسف بذاكرته إلى عام 1978 حينما تأكدت علاقته بالراحل ومن ثم حظي بثقته والسماح له بالاطلاع على مخطوطاته الأدبية، التي كان يكتبها بقلمه الرصاص وبخط جميل ومنمّق، وبيّن يوسف أن من أهم الأعمال الأدبية التي نفّذ أغلفتها للراحل رواية «إحداثيات زمن العزلة»، والتي تعد ملحمة أدبية خالدة، حظي بقراءتها في طور المخطوطة.
وجاءت كلمة الكاتبة منى الشافعي مسجلة... تحدثت فيها بتأثر شديد عن بعض ذكرياتها الجميلة مع الراحل، الذي وصفته بالمحبوب والتميز، تلك الذكريات التي لا تزال كلما استرجعتها تحس بالفقد الذي لا يمكن تحمله.
ثم ألقى الناقد الدكتور مرسل العجمي كلمته التي آثر فيها التطرق لجوانب أخرى في شخصية الراحل بصفته الصديق الذي أحبه وقدره، منوّها إلى مرات ثلاث عرفه فيها الأولى كقارئ أثناء مرحلة الجامعة من خلال كتاب «الحركة الأدبية في الكويت» للدكتور محمد حسن عبدالله، بالإضافة إلى قراءة رواياته، والمرة الثانية كانت نقدية تحديداً في عام 1981 عقب سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية واختياره لموضوع أطروحته، وطلبه من المشرف عليها أن يعطيه فترة زمنية للاختيار، ولكن فوجئ بأن المشرف نفسه يعرض عليه اختيار إبداعات الراحل لتكون مادة لرسالته، واكتشافه أن هذا المشرف الأميركي لديه معرفة تامة بكتب إسماعيل فهد إسماعيل، ومن ثم وقع اختياره على ما قدمه إسماعيل من إبداعات هو مادة أطروحته.
وأشار العجمي إلى أن المرة الثالثة التي تعرف فيها على اسماعيل كانت في عام 1997 في رابطة الأدباء حينما قدم ورقة نقدية عن روايته «إحداثيات زمن العزلة»، تلك التي قوبلت بالاستحسان من الحضور ومن إسماعيل نفسه كما أنه أعد كتاباً ضمن الإصدارات التي طرحت عام 2001 حينما كانت الكويت عاصمة للثقافة العربية، وختم العجمي بقوله: «عرفت إسماعيل... إنساناً نبيلاً ومبدعاً قلقاً وباحثاً وكاتباً».
وقدّم الشاعر والكاتب سليمان الخليفي قصيدة تحدث فيها عن صفات الراحل وحبه للناس وشغفه بالأدب، وألقى القصيدة نيابة عنه رئيس منتدى المبدعين الجدد الحارث الخراز.