دقت نتائج دراسة بحثية جديدة جرس الإنذار، محذرة من شكل خطير من أشكال الغش التجاري، بعد أن كشفت عن أنه يتم استخدام مادة كرومات الرصاص (PbCrO4) السامة في بنغلاديش، لإكساب جذور ومسحوق الكركم باللون الأصفر الزاهي، وهي مادة سامة محظور استخدامها عالمياً في معالجة المنتجات الغذائية، نظراً إلى أنها تؤدي في حال تعاطيها إلى رفع مستويات الرصاص في الدم وتسميم الأعصاب والإصابة بأمراض القلب والدماغ وإعاقة نمو مخ الأطفال.
وفيما لم تتطرق الدراسة إلى فحص عينات من مسحوق الكركم الذي تصدِّره بنغلاديش، بكميات تجارية ضخمة إلى دول كثيرة حول العالم - بما في ذلك الكويت وبقية دول الخليج - فإن النتائج المشار إليها تستوجب من باب الاحتراز إثارة التساؤل «هل يحتوي كركم الكويت كرومات الرصاص السامة؟).
أجريت الدراسة الموسعة على مستوى المناطق الأكثر إنتاجاً واستهلاكاً لمسحوق الكركم في بنغلاديش. ومن خلال إجراءات منهجية وتحليلية، خلصت الدراسة - التي أجريت تحت إشراف معهد ستانفورد وودز للبيئة، وشارك فيها 11 باحثا متخصصاً - إلى استنتاج مفاده أن تلك المادة السامة توجد بنسب مرتفعة في عينات الكركم التي تم تحليلها، وأن ذلك «هو على الأرجح المتسبب الأول في ارتفاع مستويات الرصاص في الدم بين البنغاليين».
وقالت الباحثة جينا فورسايث، التي قادت أبحاث الدراسة العلمية في معهد ستانفورد وودز للبيئة، «بات من الواضح أن الناس يستهلكون جذور ومسحوق الكركم، وهم لا يعلمون غشهما بمادة كيماوية ضارة، قد تسبب مشكلات صحية كبيرة. نحن نعلم الآن أن مسحوق الكركم المغشوش هو مكمن مركّب كرومات الرصاص، وبات علينا أن نفعل شيئًا حيال ذلك».
وأضاف كبير الباحثين أستاذ الطب مدير الأبحاث في مركز ستانفورد للابتكار في الصحة العامة ستيفن لوبي، انه «على عكس مُركَّبات معدنية أخرى، لا يوجد حد آمن للاستهلاك من مادة الرصاص عموماً ومادة كرومات الرصاص الثنائي، خصوصاً إنها عبارة عن سم عصبي في مجملها».
وتعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها في مجال أبحاث التأثيرات البيئية على الصحة العامة، واعتمدت على خطوات منهجية، بما في ذلك إجراء مقابلات مع كبار مزارعي ومعالجي وموزعي التوابل في المناطق الأكثر إنتاجاً واستهلاكاً للكركم في بنغلاديش.
يشار إلى أن تاريخ بدء استخدام مادة كرومات الرصاص لتلوين مسحوق الكركم في بنغلاديش، يعود إلى العام 1980 تحديداً عندما غمرت فيضانات هائلة آنذاك حقول الكركم وجعلت لونه باهتاً، ما أدى إلى تراجع الإقبال عليه. ولأن الطلب يزداد على الكركم كلما كان لونه الأصفر أكثر سطوعاً، لجأ كبار معالجي مسحوق الكركم في بنغلاديش إلى إضافة مادة كرومات الرصاص، وهي صبغة ذات لون أصفر فاقع ويشيع استخدامها في تلوين الأثاث والمنسوجات والمنتجات البلاستيكية. ومنذ ذلك الحين استمرت هذه الممارسة كوسيلة غش رخيصة لإكساب مسحوق الكركم اللون المرغوب فيه.