رسالة إلى «شيخة»! ... طب ما تمشي

1 يناير 1970 02:04 ص

غادرتُ مبنى جريدة «الراي» مساء الخميس ويختمرُ في ذهني وتنعقد في نيتي كتابة مقال في الرد على التصنيف المستفز الذي أصدرته إحدى المؤسسات ونشرت «الراي» نتائجه، والذي يصف الكويت بأنها «أسوأ وجهة للوافدين عالمياً»!...
عالمياً عاد؟... الله أكبر.
وكانت النيّة أن يتصدر المقال عنوان...«طب ما تمشي»، في دلالة على خطأ هذا التقرير وفساد استدلالاته، حيث لو كانت الكويت كما يصف، لما بلغ عدد الوافدين فيها أكثر من ثلاثة أضعاف المواطنين! بل إن الكويت لو شرعت أبواب فيزا دخولها أمام العالم، لبلغ تعداد سكانها عشرات الملايين ولضاقت صحاريها عن احتضان كل من يريدون العيش فيها باستقرار واحترام وسلام.
ولو كانت الكويت كما يصفون كذباً، لما حرص الوافدون على البقاء فيها جيلاً بعد جيل حتى صارت لدينا فئة من الوافدين القدامى الذين تواجد ذووهم منذ الأربعينات والخمسينات والستينات وما زالوا هنا... يتزوجون ويتناسلون ويتكاثرون وينالون نصيبهم من الثروة جزاء اجتهادهم وعَرَق جبينهم الذي تساقط على هذه الأرض الطيّبة الطاهرة.
لو كانت الكويت كما يصفون - سُحقاً لوصفهم - لما بقي فيها أحد من الوافدين ولكانوا قد «مشوا» عنها منذ سنين طويلة.
هكذا كانت النية معقودة، حتى جاءتنا رسالة صوتية قبيحة قميئة تنبعث منها روائح الكلمات الفجة والشتائم المقذعة والحث على الكراهية وازدراء فئة من المجتمع، عدا عن الإهانات الشخصية في حق المحافظ المستقيل الشيخ فيصل المالك الصباح وأسرته الكريمة.
لقد أصاب ذلك اللسان بسياطه عشرات الآلاف من أبناء الكويت ومن الإخوة الشيعة عموماً دونما أي اعتبار حتى للمناسبات الدينية التي يحيونها هذه الأيام ويقدمون خلالها كل التعاون مع الإخوة في وزارة الداخلية، كما أصاب هذا اللسان القانون وأصاب أواصر القربى والمصاهرة والنسب.
إن مثل هذه الأخطاء والتجاوزات والإهانات مرفوضة رفضاً تاماً إن صدرت من أي مواطن سفيه في هذا البلد، والرفض يتضاعف مرات ومرات إذا انبعثت هذه التجاوزات من فم أحد أبناء أو بنات الأسرة الحاكمة الذين عكس الدستور في كلماته علاقتهم الوطيدة بالشعب، واستقى في ذلك كلماته من «العقد الاجتماعي» الذي نصب الحكام حكاماً بالتراضي والقبول وطيب النفس، وليس بالقوة أو طول اللسان أو اليد والسلاح.
والصباح كأسرة من أقوى أسر الحكم في تجذرها بين الشعب وهم يدركون أن ضعفهم هو سر قوتهم، وهو الضعف المحبب المشابه لضعف الأب أمام أبنائه، وهذا ما جعل من الصباح أسرة أبوية محبوبة، وهي في موقعها بين الناس أشبه بنقطة ارتكاز الفرجار عندما يرسم دائرة، فتكون كل النقاط الأخرى على ذات الدائرة، وبالتالي يقعون على ذات المسافة من نقطة الارتكاز... هكذا هم الصباح وهكذا هم أبناء الكويت، ومن هنا يحق لنا التساؤل عن دور مجلس الأسرة الحاكمة في ضبط أبنائه... قبل أن يضبطهم القانون.