تعد ملحمة شهداء بيت القرين خير شاهد على وطنية وإرادة شعب قبل التحدي وقاوم الظلم في سبيل تحرير الوطن من الغزو العراقي الغاشم، إذ مازالت ذاكرة الكويتيين متقدة بأحداث ومواقف بطولية يرويها اليوم متحف «شهداء القرين».
ومثلت معركة «بيت القرين» التي وقعت في 24 فبراير 1991 وخاضها شبان المقاومة الكويتية ضد الاحتلال العراقي أبهى صورة للوحدة الوطنية في الكويت وليظل المتحف شاهدا حيا يروي تفاصيلها لأبناء الكويت جيلا بعد جيل. وجسدت المعركة التي قادها 19 شابا كويتيا ينتمون الى مجموعة المسيلة المقاومة ملحمة وطنية كويتية رائعة ذهب ضحيتها 12 شهيدا وكتب الله النجاة لسبعة في حين وقف القدر حائلا بين بقية أفراد المجموعة والمشاركة مع رفقاء دربهم إما بسبب وقوع بعضهم في الاسر وإما نتيجة لانقطاع سبل المواصلات والاتصال بهم.
بداية الملحمة، بدأت مذ الساعات الأولى للعدوان الغاشم على الكويت عندما عاث فيها فسادا ونكل بشعبها الآمن، فهب الشباب ليكونوا كل على حدة مجموعة خاصة تشكل بما يعرف بالمقاومة الشعبية.
وقد قامت مجموعة من احدى هذه المجموعات التي تشكلت من 31 شابا بتسمية نفسها بمجموعة المسيلة (قوة الكويت) واضطلعت المجموعة بمهام اهمها مقاومة القوات الغازية بكل الطرق والوسائل اضافة الى جمع السلاح فكان يجري ذلك اما من القواعد العسكرية وغيرها او عن طريق شراء السلاح من افراد الجيش العراقي نفسه الذي كان على استعداد لبيع سلاحه بأبخس الاثمان مقابل الحصول على الزاد والماء.
الدفاع عن الأرض
استمرت تضحيات المقاومة، حتى الرابع والعشرين من فبراير حين أعلن بدء الهجوم البري حيث طغى الفرح على نفوسهم، إذ انطلقت «المسيرة الخالدة» لأبطال بيت القرين في الساعة الثامنة من صباح هذا اليوم، عندما طلب القائد من افراد مجموعته لبس الزي الخاص بهم الذي اعده بنفسه وهو عبارة عن قميص ابيض اللون نقش عليه اسم المجموعة وشعارها وفي غمرة تجهيزهم للسلاح وصلت سيارة استخبارات عراقية كانت تجوب المنطقة بحثا عن الشباب الكويتي يتبعها باص صغير به عدد من الجنود العراقيين المدججين بالسلاح ووقفت امام منزل القيادة.
وترجل احد الضباط العراقيين من السيارة متوجها نحو المنزل وبدأ بالطرق على الباب فلم يستجب له أحد، وكعادتهم في هذه المواقف أمر الضابط أحد الجنود بالقفز من فوق سور البيت واقتحامه لتتسنى لهم سرقة محتوياته.
كان قائد المجموعة وبصحبته أحد افرادها يراقب الموقف من خلال النافذة المواجهة للشارع فأدرك القائد بأن الموقف بلغ نقطة حرجة ولابد من التصرف، فإما الخضوع للقوات العراقية والاستسلام للاسر فالإعدام المؤكد وإما الدفاع عن النفس والوطن فكان القرار الذي اتخذ هو الشهادة على ارض الوطن في ظل العلم الأبي. فبادر القائد الى إطلاق النار على الجندي العراقي ولكن لسوء الحظ فقد تعطل السلاح بيده ليبادر زميله الواقف الى جانبه بإطلاق النار، فكانت البداية لملحمة الصمود والتحدي التي أصيب على اثرها الضابط الواقف بجانب السيارة في حين لاذ بقية أفراد القوات الغازية الى الفرار، حتى وصلت جحافل الغزاة من كل حدب وصوب مدججين بالسلاح فحاصروا المنزل من جميع الجهات فأمر قائد المجموعة افراد مجموعته بعدم التمركز في مكان واحد والتوزع على جميع انحاء المنزل وفي المنازل المجاورة لتفريق قوة العدو.
بسالة الكويتيين...
مصدر فخرهم
استمرت المعركة بين الطرفين حتى الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه حيث استخدم الطغاة كل ما لديهم من اسلحة ثقيلة مقابل كل ذلك كان الشباب الكويتيون مجهزين بالسلاح الذاتي فقط، وهو سلاح خفيف مقارنة بتجهيزات العدو الضخمة.
ومع كل ذلك أبلى الشباب الكويتيون بلاء حسنا في هذه المعركة التي انتهت باستشهاد ثلاثة من ابناء الكويت في الحال واسر تسعة من افراد المجموعة والذين تم العثور على جثثهم في ما بعد ملقاة في مكان آخر، بعد ان كان جلاوزة صدام قد أذاقوهم التعذيب وقد كتب الله النجاة لسبعة من افراد المجموعة حيث تمكن اثنان من الناجين من الخروج في الساعات الاولى من المعركة الى المنازل المجاورة.
أما الخمسة الباقون فقد استمروا في المعركة حتى نهايتها بعد ان فشلت القوات العراقية من العثور عليهم وسط الانقاض والظلام الدامس نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي فقد نجى الله هؤلاء ليرووا لنا أحداث ملحمة القرين ويسطروها في سجل الخلود.
عن المعركة
مجموعة المسيلة
عدد أعضاء مجموعة المسيلة «قوة الكويت» بلغ 31 شاباً كويتياً شارك منهم في المعركة 19 شاباً واستشهد منهم 12، وكتب الله النجاة لسبعة في حين وقف القدر حائلاً بين بقية أفراد المجموعة والمشاركة مع رفقاء دربهم إما بسبب وقوع بعضهم في الاسر وإما نتيجة لانقطاع سبل المواصلات والاتصال بهم.
12 شهيداً
سيد هادي العلوي
عامر فرج العنزي
مبارك علي منصور
يوسف خضير علي
عبدالله عبدالنبي مندني
محمد عثمان الشايع
بدر ناصر العيدان
جاسم محمد غلوم
خليل خيرالله البلوشي
ابراهيم علي منصور
خالد احمد الكندري
حسين علي رضا
متحف
ترك هؤلاء الأبطال على أرض الكويت آثارهم شاهداً للتاريخ في أرض القرين، وقد تفضل الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، بزيارة هذا الصرح التاريخي وأمر بتحويل المنزل الذي كان كبقية المنازل المخصصة للسكن الى متحف وطني ليكون شاهداً حياً وباقياً على صمود الكويتيين ورفضهم للخضوع للمحتل وليكون رمزا للفخر ويمثل دربا يسير عليه الابناء والاجيال.