خلال أمسية نظمتها مبادرة اكساب في مكتبة الكويت الوطنية

سعد الأحمد وجعفر حجاوي أنشدا الشعر في أجواء موسيقية

1 يناير 1970 12:54 ص

في أجواء يغلب عليها الطابعان الموسيقي والشعري أقيمت في مكتبة الكويت الوطنية - في إطار مبادرة اكساب - أمسية عنوانها «الرسم بالكلمات»، أحياها الشاعران سعد الأحمد وجعفر حجاوي بمصاحبة عزف موسيقي أدته العازفة ناني العجان، وأدار الأمسية الشاعر محمد الحرسي.
ومن ثم فقد أنشد حجاوي قصائده، التي اتسمت بروح إنسانية تناول فيها الكثير من الرؤى، التي عبر فيها عن المعاناة والالم ليقول في قصيدة «كنت نسياً»:
كنت نسياً
حين قالت لي فتاة أحبك
كان قلبي قلعة رومية يبست على الجبل المقدس
لم تكن قربي سماء كي تظللني إذا اشتد احمرار الملح في عيني
واستطرد الشاعر في وصف مشاعره التي تميل إلى الحزن تارة والتأمل تارة أخرى ليقول: أنت يا اسماً لا يعنى/‏‏ أنت يا اسماً دون معنى/‏‏ غير أن الماء سال على يديك فصرت نهراً/‏‏ واستحم النهر فيك فصرت شفافاً.
ويصل الألم إلى مراحل متقدمة وهو يتحدث في قصيدته عن الطفولة: لا يزال الطفل يفرح/‏‏ كلما انتبهت خطاه إلى المخيم/‏‏ من هنا مر الملثم/‏‏ لا يزال القلب يصدح/‏‏ لا شريك لظلك الملقى خلف الجند/‏‏ إلا القيد/‏‏ أنت المطمئن إلى الغياب متى تعود.
أما قصيدة «خذني إلى البحر»، فقد اتسمت بالمفردات المتحركة في أكثر من اتجاه، وذلك وفق منظومة إنسانية تستدعي الذاكرة للتحدث عن الألم:
خذني إلى البحر... صوت البحر لا يصل
ولا خطاي وقد حارت بي السبل
خلعت ظلي في أرض مقدسة
لما سمعت عراء الرمل يبتهل
أمشي وحيدا وظلي في يد ويد
تجر خلفي أعوام قتلوا
وتحرّى الشاعر حجاوي في قصيدة «لو كان لي» مشاعره من أجل العبور إلى منابع الأمل، وتخطي الآلام التي تعترض الإنسانية:
لو كان لي قدم تشاء طريقها
لعبرت هذب الدرب نحوك
لا لشيء... غير أن أمشي إليك
وأستعين بلون عينيك البعيد
بينما جاءت قصيدة «حزن قديم لعلم جديد» - رغم مرارتها وآلامها - إلا أنها تبعث الامل وتبحث عن الفرحة بين الركام والخرائب، وتتقابل مع الإنسان بكل ما في خياله وآماله من نور: ضوءاً جديداً هذه الكلمات تعبر في لهاثك/‏‏ إذ تجر كلامك المنسوب زورا للغياب/‏‏ وتتبع الدم في عروق الليل/‏‏ أسود يا دم الكلمات تخرج نحو مرثاك الأخير معبأ حزنا.
وعبّر حجاوي في قصيدة «عادية إلى فتاة غير عادية»، عن مضامين شعرية متقنة، وذات إيقاعات موسيقية متناغمة مع المشاعر:
الليل أبيض يا جميلة أبيض
ينسل خيطاً خيطا
والموج يركض في عيونك يركض
والبحر يحمل سوطا
يخشى رحيلك في الصباح فيمرض ويتيه خلف الريح
وألقى الأحمد قصائده، من خلال ما تتمتع به رؤيته من تواصل مستمر مع الكثير من المفردات والتداعيات الشعرية، تلك التي ساقها في نصوص، بدت متحركة في أكثر من اتجاه ليقول:
موغلاً بكل تفاصيل الباب
موغلاً حتى في الرائحة
تتلبسني لحظةُ الوقوفِ على بابكِ...
ممزوجاً بكل بقاع التيه
ممنوحاً لكل قاع بحرٍ أسود
ومصلوباً فوق مصباح الليل...
واستلهم الشاعر رؤيته من خلال مضامين حسية تتفاعل مع الحياة بأكبر قدر من التكثيف ليقول:
مراوغاً في كل قضايا الحب
متصنعاً النصر الذي لا يجيء...
كالنصر الذي يرسمهُ حنظلةُ
فوق رأس مطر وقلمهُ
الموؤد في جسد...
ممتلئٌ بالمسامات التي
تجعلُ من كل متطفلٍ
يتطلعُ للون رئتي
واستطاع الأحمد أن يكشف أكثر مما يخفي، من خلال لغة متحركة، ومفردات رشيقة تعبر عن المشاعر التواقة للفهم وتتبع الأسرار من أجل فك طلاسمها:
لو لم تقرع طُبول السيرك
في جباهنا كُل ما سبقنا الرئةَ للنفس...
لو لم تؤذنا قوة القضم على أسنانا
وفركنا لها لابتكار القادم من الدهشة.
فقط لو لم نرسمُ المكابرةَ على جناحِ طيرٍ
بالكادِ يجدُ الريش الكافي ليطير،
وأجبرناهُ على أن يعبر عاصفة.