طارق الشميمري لـ «الراي»:
في المحكمة 15 قاضياً يتغير ثلثهم كل 3 سنوات وتتفرع إلى 25 محكمة كبيرة وخاصة
المحكمة ذراع قضائية للأمم المتحدة وتقدّم المشورة القانونية للهيئات الدولية التابعة للمنظمة
للمحاكم الخاصة مبانٍ مستقلة وميزانية... والرسوم تدفع جزءاً منها الدولة المعنية مثل لبنان
هناك مسميات تطلق في لاهاي على محاكم وهي في حقيقة الأمر مكاتب تجارية
تحافظ مدينة لاهاي الهولندية على هدوئها وجمالها، مسترخية باطمئنان، على الرغم من أنها ترقد على وسادة من براكين الغضب والخلافات التي تموج بمحاكمها الدولية، وعشرات من ملفات القضايا بين الدول، وجرائم ضد الانسانية وانتهاكات وحشية وملفات مليئة بروائح الدم والتفجير.
وفيما تسعى محكمة العالم إلى ان تطوي تلك الاحزان والانقسامات بين الدول، بفرح وانفراج، ما زالت تبحث في أروقتها 15 قضية. فمحكمة العدل الدولية ينظر إليها على أنها «محكمة العالم»، لأنها تفصل في النزاعات بين الدول وبعضها. وهي واحدة من 6 أجهزة رئيسية تتكون منها الأمم المتحدة.
ويمكن لجميع دول العالم الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة اللجوء الى المحكمة للتقاضي، وتقديم شكوى أو عرض خلاف قانوني للبت فيه، وللمحكمة صلاحيات إصدار الأحكام والحسم في حال موافقة الأطراف على النظر في القضية المعروضة أمامها، لتكون بذلك أحكامها ملزمة لتلك الأطراف، إلا أنها لا تملك سلطة فرض تطبيق تلك الأحكام والقرارات.
«الراي» زارت مقر المحكمة في المدينة، للتعرف عن قرب عن آلية عمل المحكمة، والتقت رئيس اللجنة المالية والادارية في المحكمة الدائمة للتحكيم المستشار طارق الشميمري الذي قال إن «محكمة العدل الدولية منظمة تابعة للأمم المتحدة ومختصة بتسوية النزاعات الدولية، وقد تأسست بتاريخ 26 يونيو 1945، وطريقة اختيار القضاة تتم بطريق الانتخاب كل 3 سنوات لانتخاب ثلث عدد القضاة البالغ عددهم 15 قاضياً يقومون بإصدار الأحكام بصفتهم القضائية دون اعتبار للدول التي يحملون جنسيتها أو التي رشحتهم.
وأضاف الشميمري أن مدة عمل القضاة 9 سنوات، حيث يتم تغيير ثلثهم كل 3 سنوات، وفي حالة الوفاة فإن دولة القاضي المتوفى ترشح بديلاً عنه ليحل محله في المحكمة الدولية، ويمكن لأي عضو في المنظمة الدولية اللجوء إليها في حال وجود تنازع او خلاف قانوني، وتشكل هذه المحكمة الذراع القضائية لمنظمة الأمم المتحدة بموجب أحكام المادة (93) من الميثاق الدولي، كما أنها تقدم المشورة القانونية للهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وتابع «حظينا بزيارات قانونية من جهات كويتية، منها النائب العام وجمعية المحامين وغرفة تجارة وصناعة الكويت، وممثلون من وزارة العدل وقسم الحقوق في جامعة الكويت، وهذا يفتح المجال لتوقيع اتفاقيات جانبية ونعطي نبذة عن أعمال المحاكم في مدينة لاهاي، وفك التشابك واللبس عن عمل المحاكم، لمعرفة اختصاصات عمل هذا المحاكم ونفتح آفاقا للتعاون والعمل المشترك والعديد منهم انضم لدورات تدريبية بعد زياراتهم ودول كثيرة تغبطنا على هذه الزيارات والحمد لله للكويت دور كبير هنا في المدينة ولدينا علاقات واسعة».
وأكد أن «عدد المحاكم 25 محكمة، ومنها محاكم كبيرة، وهناك محاكم خاصة، مثل محكمة العدل الدولي، ومحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة التحكيم، ومحكمة يوغسلافيا الخاصة، ومحكمة الحريري الخاصة، والمحاكم الخاصة لها مبان مستقلة وميزانية، والرسوم يدفع جزءا منها الدولة مثل لبنان والنصف الاخر يدفع من الامم المتحدة، ويعمل في المحكمة قانون خليط بين القانون المحلي والقانون الدولي ويسمونها المحاكم المختلطة».
وأشار الشميمري إلى أن محاكم حقوق الانسان موجودة في سويسرا وفيينا، وهناك مسميات تطلق في لاهاي حول جمعيات لحقوق الانسان يمنحونها صبغة حكومية، وهي في حقيقة الامر مكاتب تجارية وليس لها علاقة بالمحاكم، أما المحاكم في لاهاي تنظر في جرائم الابادات الجماعية، ولم يدخلوا في مسألة حقوق الانسان، وهناك سجون للمحكمة الجنائية تأسست عام 2002 وعدد القضايا التي تنظر بها قليلة، والكويت ليست عضوا فيها ولن تصبح لا هي ولا أي من دول مجلس التعاون، بينما الولايات المتحدة الأميركية أعلنت رغبتها بأن تصبح عضوا فيها ولم تنضم، وإسرائيل نفس الشيء ولم تنضم، بسبب الخوف من الملاحقة واستدعاء رئيس الدولة ولو كانت التهم جزافا، والفيلبين آخر الدول التي انسحبت من المحكمة الجنائية الدولية لانها تدخل في سيادة الدول والناس تتخوف من الانضمام بها. وبين ان المحكمة لها ميزانية ضخمة ومبنى تم إنشاؤه حديثا كلفته 200 مليون يورو، ورواتب الموظفين فيها ضخمة وفيها 1500 موظف وعدد أعضائها 110 دول وعدد قضايا قليل جدا، ولديها سجن خاص الذي توفي به رئيس صربيا سلوبودان ميلوسوفيتش توفي بنوبة قلبية داخل سجنه عام 2006 قبل صدور أي حكم ضده».
وزاد «محكمة العدل الدولية المعنية فيها الدول فقط، والانضمام مباشر إليها فور انضمام الدولة إلى منظمة الامم المتحدة، مبينا أن عدد القضايا المعروضة حاليا 15 قضية، وليس لها علاقة بالامور الجنائية ولا التجارية ويكون العرض للجلسات مباشرا، وحكمها يكون فيها نافذا، فإن المحكمة تنظر في النزاعات بين دولة وأخرى وكذلك بين المنظمات والهيئات التابعة للدول ضد دولة عضو بالمحكمة، وكذلك بين شركات ودول أيضا، بالاستناد الى القوانين المنظمة لذلك والصادرة عام 1899 والمعدلة في مؤتمر السلام الثاني عام 1907، وحسب قانون الاونستيرال (لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي) بموجب القواعد المنظمة لذلك عام 1976 والمعدلة عام 2010 محاكم خاصة كل محكمة عندها مبنى خاص بها وتدفع الرسوم بالاشتراك بين الامم المتحدة والدول، وهي محاكم مختلطة تأخذ القانون المحلي والقانون الدولي، بما لا يتعارض مع بعض محاكم لاهاي حددوها بالعدالة الدولية وربطوها بموضوع الجرائم مثل حظر الاسلحة لها علاقة في الابادة الجماعية».
عن اختصاص المحكمة الجنائية، قال إنها اسست في 2002 وعدد المحاكم فيها على اصابع اليد.
أما محكمة العدل الدولية، فذكر أنها «معينة فقط في قضايا الدول، أي أن الشكوى من دولة على دولة أخرى، وهذه المحكمة الوحيدة فيها ميزة نقل المحاكمة على الهواء مباشرة. أما محاكم المحكمة الجنائية تكون غير مباشرة، ويتم عرضها بعد نصف ساعة، والتحكيم يكون سريا، فلا يوجد عرض ولكل المحاكم الدولية حكم واحد لكن هناك طلب اعتراض يمكن أن تقدمه الدولة وينظر فيه جزء من اللجنة».
وحول تنفيذ الاحكام قال الشميمري إن «الحكم نافذ لان الدولتين تقدمتا للمحكمة ويحضر ممثلوهما كل الجلسات، لكن الاشكالية في الالتزام لان الدول الكبيرة لا تلتزم، بينما الدول الصغيرة تتعرض للضغوط وتفرض عليها عقوبات من خلال مجلس الامن»، مشيرا إلى ان 80 في المئة من القرارات تنفذ و20 في المئة لا تنفذ، وأن حكم محكمة العدل إلزامي عن طريق مجلس الامن، تتم مناقشته اذا ما نفذته الدولة، فيحاولون الضغط عليها من مجلس الامن.
من لاهاي
صومالي يرأس صومالي يرأس محكمة العدل
يرأس الصومالي الحاصل على الجنسية البريطانية القاضي عبد القوي أحمد يوسف محكمة العدل الدولية، وهو أحد خبراء القانون الدولي الكبار في أفريقيا والعالم. تخرّج في الجامعة الوطنية الصومالية بقسم القانون، ثم واصل مشواره العلمي في كل من إيطاليا وسويسرا، كما أمضى 25 عاماً كمستشار قانوني في الأمم المتحدة.وانضم عبدالقوي للمحكمة في العام 2009، وكان نائباً لرئيس المحكمة من 6 فبراير 2015 إلى 6 فبراير 2018، وتم انتخابه اعتباراً من 6 فبراير 2018 رئيساً للمحكمة، ومن المنتظر أن يزور عبدالقوي الكويت هذا العام.
«التحكيم» سرعةوبكلفة أقل
محكمة التحكيم تتعلق بالمنازعات التجارية، وفيها نحو 157 قضية، ويمكن الطرف فيها أن يكون فرداً أو دولة أو شركة ضد دولة أو هيئة تابعة لدولة. وبسبب مميزات التحكيم، ازدادت القضايا بشكل كبير، وأصبحت بعدد ضخم جداً، حتى أصبح الناس يترددون في الذهاب للغرف التجارية، وصاروا يفضلون محكمة التحكيم لأنها تابعة للأمم المتحدة وأحكامها سريعة ورسومها قليلة، على أمل أن تكون محكمة التحكيم في الكويت هي الاساس والفصل بأي نزاع تجاري، فميزة هذه المحكمة أنها تابعة لمنظمة الامم المتحدة وبعيدة عن الغرف التجارية واقل كلفة.
«الجنائية»... إبادة واعتداء على التراث
المحكمة الجنائية، أحكامها شخصية تنطبق على الاشخاص، «مثل شخصية اسلامية في السنغال، دمر اضرحة تابعة لليونسكو، وهذا الشخص خطيب وامام خطب في الناس، وطلب في خطبته ازالة الاضرحة واعترف بذلك، وقال هذا ما يقوله الاسلام، فتم الحكم عليه بالسجن سنة عن كل ضريح». والحكم في المحكمة يصدر سريعاً، وتختص بكل الجرائم الجنائية التي تخص الابادة والقتل والاعتداء على التراث.
أسباب التخوفمن الانضمام
عدد من الدول يتخوف من الانضمام للمحكمة، لأن كل رئيس دولة منضمة سيتم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة إذا اشتكى عليه أحد، حتى لو كان جزافاً، انه اعتدى على شعبه، فهناك سلطة لمحاكمة هذا الرئيس، لذلك هناك دول أعلنت انسحابها من المحكمة وآخرها الفيلبين، كما أن ميزانيتهم كبيرة وهم بنوا مبنى خاصاً تكلفته 200 مليون يورو من الدول وميزانيتهم 60 مليون يورو سنوياً، وفيها 1500 موظف، وعدد القضايا فيها لا تتجاوز 10 قضايا وغالباً ما تكون وسيلة ضغط لمحاكمة الجناة إذا ثبتت الجريمة، لكن كثيراً من القضايا ادعاءات.