تأبين / السفارة السورية في الكويت احتفت به رائدا ومعلما / سمير عطا الله: محمد خالد القطمة كان استاذا متواضعا وصديقا عملاقا فاطمة حسين: كم أتمنى أن تسعدك الكويت رداً لجميلك

1 يناير 1970 10:44 م
| كتب مدحت علام |
الراحل محمد خالد القطمة كان حاضرا بروحه، وصفاته في فضاء الاحتفالية، التي اقامتها السفارة السورية لدى الكويت، لتأبينه مساء السبت الماضي في حضور عدد من الشخصيات الكويتية العامة وبعض السفراء العرب.
واحتفالية التأبين جاءت من اجل الثناء على هذا الرائد في شتى الحقول الثقافية والصحافية، والتذكير بما قدمه من عطاءات مازالت باقية.
وكان الحضور كثيفا ومتميزا في هذه الاحتفالية، كما قدم اصدقاء الراحل كلمات عبرت عن مساحة الحب والتقدير، التي في افئدتهم تجاه هذه الشخصية الطيبة المعطاءة.
وقدمت الحفل المذيعة نسرين طرابلسي، كي يستهل الشيخ محمد مهران الفعاليات بآيات من القرآن الحكيم. ثم عرض فيلم مرئي يلقي الضوء على بعض الجوانب الانسانية والأسرية والعملية في حياة القطمة، وعرض مقتطفات من لقاءات اذاعية اجريت معه لنسمع بصوته قوله: «يستهويني ان اعمل لاترك بصمة في تاريخ الصحافة الكويتية من بعدي»، كما قال في معرض حديثه عن الكويت: «الكويت بالنسبة لي هي ليست بلدي الثاني... انها الوطن التوأم فهي وسورية وطن واحد».
وامتطى الشاعر السفير السوري لدى الكويت علي عبدالكريم صهوة الكلام، كي يؤكد على ان الحفل ليس تأبينا بقدر ما هو احتفاء لرجل كان مثال المروءة والعطاء، ثم القى قصيدة عنوانها «يا خالد الذكر الجميل»، اهداها إلى روح خالد القطمة.
والقى رئيس الجالية السورية في الكويت ابراهيم حجل كلمة اشار فيها إلى الراحل الذي كان يتمتع بكل الصفات الانسانية، كما كان مثال العطاء والحيوية، وانه كان علما في الصحافة والثقافة، كما كان رمزا للتواصل.
وعبرت الكاتبة فاطمة حسين في كلمتها عن بالغ حزنها لغياب القطمة ذلك الصديق الصدوق، واوضحت ان له على الساحة الكويتية فضل في تحويل الصحافة إلى مهنة، فزرع الحرفية إلى ذلك الشارع، ثم تذكرت الاوقات التي عملت معه فيها كاتبة متدربة... وقالت: «كان اجود من كتب المقال، وان له عوالم كثيرة، ولكن الصحافة كانت عالمه المعشوق».
وقالت في ختام كلمتها: «كم اتمنى ان تسعدك الكويت ردا لهذا الجميل الذي قدمته لها».
والكاتب اسامة الروماني كان له كلمته التي قال فيها: «اروع صحبة هي صحبة الروح والجسد، واقسى فراق هو فراق الروح للجسد، فارقت روح خالد قطمة جسده بعد صحبة دامت عمره الحافل بالمحبة والطموح والنضال والمهنية الرفيعة والاهم زرعه للمحبة حوله وعلى طول طريقه ينتابك حزن موجع، وانت تتذكر معارج حياة وشمائل وانجازات هذا الرجل النبيل، الذي ترك لعائلته ومحبيه واصدقائه وزملائه الكثير من الذكريات، التي تعبر عن طيبته وبشاشته وعزيمته وتفاؤله الدائم، والأهم... احترامه لمهنته».
والقى نائب رئيس تحرير جريدة الأنباء الزميل عدنان الراشد كلمة، تحدث فيها عن تجربته وعلاقته واتصاله بأستاذه القطمة، منذ أواخر العام 1979 حتى قبل وفاته بأسابيع قليلة، مؤكدا ان احتكاكه بتجربة القطمة كان ممتعا، وانهم تعلموا على يديه الخشونة في العمل الصحافي، والحذر والمصداقية، وعدم الاندفاع، ليقول: «كانت أجمل الفترات تلك التي عملت فيها مع «بونضال» في جريدة الأنباء، ويتفق معي في ذلك الزميل سمير عطا الله».
وأوضح الكاتب فهد المرزوق ان الراحل عاش معنا بروحه ومرحه وعشقه للحياة، وقال: «القطمة مدرسة في حد ذاته... لقد أخذ بيدي وجعلني أعشق الصحافة... وانه رمز للوفاء وشخص راق لأبعد الحدود».
وعبر كلماته التي تقترب من روح الادب القى الزميل الكاتب سمير عطا الله كلمته، تلك التي تذكر فيها العام 1963 حينما جاء الى الكويت للعمل للمرة الأولى، ومقابلته لمحمد خالد القطمة الذي كان مهاجرا حديثا وأبا مستجدا... ومن ثم اطلاق اسم نضال على ابنته البكر ليكنّى بها في ما بعد. وقال واصفا صديقه الراحل: «كان ساخرا ضاحكا بهيجا حتى تظن ان لا جدية في حياته. لكنه كان في الحقيقة مثل نواعير حماة قدمه في الماء ورأسه في السماء، لا يستوقفه حر ولا عاصفة، وخلق الابتسامة الكبرى والسخرية الممتعة والمذهلة كان هناك رجل قومي في صلابة الشهداء وسمو الشهادة». وأضاف: «كنا نحبه وكنا نغبطه. فرحه الدائم يجذبنا دوما الى حضوره الساحر، الأنيس، المبهج. وقوته الصوانية الداخلية تعلمنا كم من الصعب ان تجاريه مهما حاولنا التعلم منه. كان في امكانه ان يكون أمهر الكتّاب أو انجح الناشرين أو سيدا في الشعر او كبيرا في الادب أو سيدا في السياسة، لكننا نحن الذين عرفناه عن قرب نعرف كم رمى كل شيء بكل كبر من أجل ان يكون أبا. ولا يخطئن أحد في أبوة خالد، فما كان ابناؤه فقط أبناءه. كان أبا لكثيرين تدثروا بعطفه واتكلوا على كرم خلقه».
وختم بقوله: «كان وساما من اوسمة هذه المهنة ورائدا من روادها. لكن بالنسبة اليّ كان اكثر من ذلك بكثير. كان استاذا متواضعا وصديقا عملاقا ومؤنسا لا ينضب وقلبا سوف افتقده مثل نور وأحفاده... لا تأخذ راية هذه المهنة معك».
وجاء دور ابن الراحل مجد خالد القطمة الذي القى كلمة معبرة تحدث فيها عن والده الذي كان له قدرة عجيبة على الضحك، وبث الفرح في كل من حوله رغم ان الموت كان دائما صاحبه في حياته وكتاباته.
وقال: «لقد كان أكبر من الموت، كما كان أكبر من الحياة... ولم يكن يخيفه الموت، ولكن كان يخشى ان يمنعه رحيله من العطاء والحب».
وتحدث مجد القطمة عن صفات والده والتي من أهمها حبه للعائلة، الذي كان ينمو كل يوم، وحبه لعمل الخير، الذي كان يبعث فيه سعادة عارمة.
وما يجب ذكره ان احتفالية تأبين الراحل محمد خالد القطمة، غلبت عليها الدموع، التي زرفتها اعين الاصدقاء والاهل، حزنا على هذا الفقيد الذي ترك الذكرى بيضاء، محلقة في فضاء الطيبة والمحبة.