تنقلنا وسائل التواصل الاجتماعي - في كثير من الأحوال - إلى مسارات ليس في استطاعتنا أن نتجاوزها، رغم أننا لا نتقبلها، وهذه المسارات للأسف غير مقبولة - خصوصاً لدى الجيل الذي تربى على الجدية في التعامل مع الآداب والفنون بكل أشكالها - ومن ثم فإن حتمية الموقف قد ترغم البعض على التخلي عن أفكاره ومبادئه في اختيار وكتابة المحتوى الأدبي والفني، والانعطاف إلى مسالك غير مأهولة بالصدق والإخلاص والجدية.
أقول ما قلته وأنا في متابعتي المتقطعة لمواقع التواصل الاجتماعي، لاحظت مجارات أدباء وفنانين ومفكرين وكتاب كبار للمحتوى الذي تتضمنه منظومة المواقع الاجتماعية، من خلال الإعجاب وإبداء الرأي الإيجابي الذي فيه الكثير من التصنع والمجاملة، لمواضيع يقرأونها على صفحات البعض، والتي لا تنم عن أي فكر ولا أي مضمون، بغية أن يقابل هذا الفعل بفعل آخر، وإيجاد جمهور لكتاباتهم يجاملونهم مثلما جاملوهم، وهذه المتوالية الغريبة صنعها هذا الفضاء الإلكتروني الذي حتى هذه اللحظة لم استطع الاقتناع به، إلا أنني أراه حتمية لا بد من مجاراتها.
فقد تقلصت بشكل كبير وعاءات النشر التي كانت تتضمن المتابعة والمراقبة، ورفض النشر لأعمال هي دون المستوى، وعدم دخول النقاد في الكتابة عن أي عمل إلا إذا كان جيداً أو على الأقل مقبولاَ.
ولكن ماذا نفعل والفضاء مفتوح على مصراعيه، لكل من تخطر في ذهنه فكرة، ولم يرد أن يكتب، والانتظار لمن يبدي الإعجاب والتعليق، ومن ثم حصرهم من أجل أن يجاملهم بمثل ما جمل، ولا عزاء للجدية والصدق في الكتابة.
حقيقة لا أعرف إلى أين سنصل؟ ولكن الذي أتيقن منه أن الذوق العام تغير إلى الأسوأ وليس هناك من سبيل لتحسينه، فالمسألة غاية في التعقيد.
ومع ذلك هل يتوقف الجادون عن الكتابة والفنانون الصادقون عن الإبداع والمفكرون النابهون عن التفكير؟ بالطبع لا فيجب ان نستسلم، فلربنا تحدث في المستقبل طفرة أو هزة تغير المفاهيم وتحولها إلى إيجابيات تصب في الصالح الإبداعي الملهم.
فلندع الأمور تمضي في طريقها ربما نجد زمناً قد نعيشه نحن أو يتمتع به الأبناء أو الأحفاد من بعدنا، يعود فيه الإبداع إلى وضعه الحقيقي، وتتكشف المفاهيم، التي تنتصر للجدية، وترفض التبسيط والتسطيح والفوضى... ربما من يعلم!