... أمس، سقط رمز جديد من رموز الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، الذين يطالب المحتجون برحيلهم، باستقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، فقدم استقالته لرئيس الدولة الموقت عبدالقادر بن صالح.
والمجلس الدستوري، أعلى هيئة قضائية في الجزائر، هو المخول الموافقة على الترشيحات للانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو المقبل، وهو من يعلن نتائجها النهائية.
وتم تعيين بلعيز(70 عاماً) رئيسا للمجلس الدستوري في العاشر من فبراير خلفاً لمراد مدلسي المتوفى.
وأصبح بلعيز أحد «الباءات الأربع» التي يطالب الشارع بألا تقود المرحلة الانتقالية باعتبارها من نظام بوتفليقة الذي حكم 20 سنة، مع رئيس الوزراء نور الدين بدوي وبن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب.
وفي رسالة الاستقالة، دعا بلعيز إلى «أن يحفظ الله الجزائر ويقيها والشعب الجزائري الأبي من كل مكروه».
ويتألف المجلس الدستوري من 12 عضوا هم أربعة - بينهم رئيس المجلس ونائب الرئيس - يعينهم رئيس الجمهورية، وعضوان ينتخبهما مجلس النواب وعضوان يختارهما مجلس الأمة وآخران من المحكمة العليا، واثنان من مجلس الدولة، حسب نص الدستور.
وإثر إعلان استقالة بلعيز، رفع المتظاهرون في ساحة البريد المركزي وسط الجزائر العاصمة شعار «ما زال بن صالح... ما زال ما زال».
«شيطنة» الحراك
من ناحية ثانية، أثارت الممارسات القمعية التي ظهرت في المسيرة الشعبية الثامنة يوم الجمعة الماضي، غضباً وامتعاضاً عارمين داخل كوادر المديرية الأمنية بسبب اعتقاد لديها بأن جهات في السلطة «تريد خلط الأوراق»، بإضفاء أجواء من التوتر على الشارع وتشويه العلاقة التي تشكلت خلال الأسابيع الماضية بينه وبين قوات الأمن.
ونقل أحد المصادر الإعلامية عن مصدر أمني، أن «الممارسات القمعية التي وقعت في المسيرة الشعبية المليونية الثامنة، فاجأت الكوادر الأمنية التي كانت تدير التظاهرات الشعبية في العاصمة»، مشدداً على أن «العناصر التي ظهرت بزي مدني ترمي القنابل المسيلة للدموع، لا تمت بصلة للجهاز الأمني».
ولفت إلى أن «التعليمات التي وردت إلى المديرية العامة للأمن الوطني من وزارة الداخلية تنص على تطويق مداخل العاصمة وحصر المسيرات الشعبية في يوم الجمعة فقط، لكنها تضمنت مراعاة المعاملة القانونية مع المتظاهرين».
وأكد المصدر الأمني أن «جهة ما في السلطة تريد تشويه العلاقة بين الناشطين في الحراك الشعبي والجهاز الأمني، وأن التكامل الذي ظهر في المسيرات المليونية بين الطرفين يكون قد أزعجها كونها تتخوف أن تتحول تلك العلاقة بمرور الوقت إلى قوة ميدانية تسحب البساط من تحت الأجهزة الأخرى في المشهد القادم».
ولا يزال الغموض يلف مصدر الوقائع التي سجلت الجمعة لا سيما في ظل إشارة مصادر متابعة إلى «تدخل جهاز الأمن الرئاسي بتنفيذ تدخل ميداني والقيام بممارسات قمعية ذات دلالات سياسية تستهدف تحييد العائلات من المشاركة في المسيرات الشعبية ثم التصرف القمعي مع الشباب لاستفزازهم وجرهم إلى حالة من الفوضى».
تحوير المطالب
وفي السياق، لجأت الجهات التي تدير البلاد، إلى إبعاد الحراك الشعبي عن مساره السياسي وتغيير مطالبه إلى الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية وإغراقه في وحل الأوضاع اليومية، من خلال التخويف من الحالة الاقتصادية التي أفرزتها الاحتجاجات و المسيرات الشعبية التي بدأت منذ 22 فبراير 2019 مستغلة اقتراب شهر رمضان الذي يتزايد خلاله طلب المواد الاستهلاكية فترتفع الأسعار، حيث تسعى جهات مختلفة في السلطة إلى التحذير من أن البلاد مقبلة على أزمة اقتصادية وسنوات عجاف ثقيلة على الجزائريين، داعية إلى الاسراع في إيجاد حلول.