التصميم الاميركي ان تم التعبير عنه بصرامة عادة ما يفضي الى تراجع ايراني
رصدت الاوساط الأميركية المتابعة للشأن الايراني تصعيدا في خطاب طهران ضد الولايات المتحدة، وان كان التصعيد لم يتحول بعد الى تهديدات جدية.
يقول الخبراء ان ايران عمدت الى تصعيد خطابها في موضوعين: الاول في تصريحات مدير وكالة الطاقة الذرية الايرانية علي صالحي، والذي قال فيه ان لدى ايران مخزوناً من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة، وان طهران قادرة على انتاج يورانيوم مخصب الى هذه الدرجة في غضون أربعة أيام.
التصعيد الاميركي الثاني يأتي من العراق، حيث دأب السياسيون المحسوبون على طهران على اصدار تهديدات بحق القوات الأميركية، مطالبين اياها بالانسحاب، تحت طائلة استخدام القوة. في الاثناء نفسها يسعى اعضاء مجلس النواب العراقي، من المقربين من الجمهورية الاسلامية، الى التحريض ضد القوات الأميركية، والادلاء بتصريحات مفادها انهم ينوون مطالبة الحكومة العراقية بالطلب الى واشنطن سحب قواتها المنتشرة في العراق، والتي ساهمت في القضاء على تنظيم «داعش» غرب البلاد.
لكن التصريحات الايرانية لا تثير حفيظة المسؤولين الاميركيين، اذ يبدو ان واشنطن متمسكة بسياسة تجاه ايران مبنية على الحزم واستخدام القوة. وسبق لـ«الراي» ان اشارت الى ان الولايات المتحدة عقدت لقاءات مع حلفائها في الشرق الاوسط للاستعداد لسيناريو حرب مع ايران، فيما قامت صحيفة «نيويورك تايمز» بنشر تقرير، مطلع الاسبوع، ذكرت فيه ان مستشار الأمن القومي جون بولتون طلب من وزارتي الدفاع والخارجية تحديث خطط الحرب ضد ايران.
يعتقد الخبراء الاميركيون انه على الرغم من انسحاب اميركا من الاتفاقية النووية مع ايران، ما فرض تخفيض صادرات ايران النفطية بواقع مليون برميل يوميا، لا تزال طهران متمسكة بالاتفاقية، لأن الجمهورية الاسلامية «تحترم وتخشى قوة الولايات المتحدة». وكتب الخبير الايراني - الاميركي راي تقي، ان دروس التاريخ تشي بأن «التصميم الاميركي، ان تم التعبير عنه بصرامة، عادة ما يفضي الى تراجع ايراني».
وأورد تقي ثلاثة امثلة عمّا اعتبرها تراجعات ايرانية، قال ان اولها جاء بعدما أعلنت ايران نيتها محاكمة الديبلوماسيين الذين احتجزتهم بعد اجتياحها سفارة اميركا في طهران في العام 1979. وقتذاك، ارسلت واشنطن رسائل، بعيدة عن الاضواء الى الايرانيين، مفادها انه تعرضت طهران لأمن الديبلوماسيين، فان الولايات المتحدة ستشن عملا عسكريا ضد ايران، فتراجع الملالي عن موضوع المحاكمة.
التراجع الثاني تمثل بقبول ايران الهدنة مع العراق، على اثر قيام البحرية الأميركية في الخليج، عن طريق الخطأ باسقاط طائرة ركاب مدنية اعتقدت انها كانت صاروخا ايرانيا موجها ضدها. يقول تقي ان تلك الحادثة اقنعت ايران ان اميركا كانت في طريقها الى دخول الحرب الى جانب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهو ما دفع مؤسس الجمهورية الاسلامية الراحل الخميني الى قبول الهدنة وتشبيهها بتجرع السم.
التراجع الايراني الثالث، حسب تقي، جاء في العام 2002، بعدما استمع الايرانيون الى خطاب الاتحاد الذي ادلى به الرئيس السابق جورج بوش الابن ووضع فيه ايران في «محور الشر». يومذاك، اوقفت ايران برنامجها النووي السري، وتعاونت مع واشنطن في حرب افغانستان والعراق، ولم تتوقف ايران عن التعاون الا عندما تأكدت ان القوة العسكرية الأميركية كانت غرقت في المستنقع العراقي، وان الاميركيين لم يعودوا مستعدين لمواجهة عسكرية مع ايران بسبب التغيير الكبير في المزاج الشعبي الاميركي حول اشتراك اميركا في حروب حول العالم.
على هذا المنوال، يعتقد خبراء اميركيون، وعدد لا بأس به من المسؤولين في ادارة دونالد ترامب، ان ايران لا تفهم إلا لغة القوة، وانه لا بد انها سمعت من حلفاء الولايات المتحدة ان ادارة ترامب جدية في توجيه ضربة عسكرية لايران، وهو ما يعني ان طهران تعمل على تفادي استفزاز واشنطن، على الرغم من تواصل خطابها التصعيدي والتهديدي ضد الولايات المتحدة.