أقامت رابطة الأدباء، مساء أول من أمس - على مسرح الدكتورة سعاد الصباح - في سياق أنشطتها الثقافية - حواراً مفتوحاً مع الروائي طالب الرفاعي عنوانه «كتابة الراوية والجوائز»، أدارته الكاتبة جميلة جمعة.
تضمن الحوار نقاشات عدة مع الرفاعي حول الكثير من القضايا المتعلقة بالكتابة الروائية محلياً وخليجياً وعربياً، ومواصفات الإبداعات التي تستحق نيل الجوائز، والكثير من القضايا التي تطرق إليها الرفاعي من خلال هذا الحوار، الذي أبدى فيه أهمية كبيرة للقراءة في صقل المواهب والتحفيز على الكتابة، ضارباً المثل بالروائي العالمي نجيب محفوظ، الذي حرص على أن يعمل في مكتبة، ومن ثم طلبه من المسؤول عن هذه المكتبة أن يقضي بقية يومه فيها، ومن ثم انتهازه هذه الفرصة ليقرأ كل ما تحتويه المكتبة من كتب، ليبدع بعد ذلك ثلاثيته، التي كانت سبباً في حصوله على جائزة نوبل للآداب.
وأكد الرفاعي أنه لا يمكن لأي كاتب أن يتميز من دون القراءة، والاطلاع على إبداعات الكتاب الكبار، ومعرفتهم معرفة كبيرة، مؤكداً أن مران القراءة خير سبيل لتميز أي كاتب في بداية مشواره.
وطرحت جمعة سؤالاً حول الأسس التي تعتمد عليها أي جائزة لحصول كاتب عليها، فأوضح الرفاعي انه من خلال تجربته في رئاسة تحكيم جائزة بوكر العربية في 2009 – 2010، يرى أن تقييم أي عمل خاضع لمعايير اللجنة، وهي معايير تختلف من لجنة إلى أخرى، بناء على ما تعتمده الأعمال المتنافسة على الجائزة من حيث اللغة والرؤية وغير ذلك من المواصفات الأخرى.
ورفض الرفاعي مسألة أن يكون العمل الإبداعي بلغة عامية، مؤكداً على ضرورة الكتابة بالفصحى، من أجل حلم عربي واحد، مشيراً إلى الكتابة للطفل، والتي تتطلب مواصفات خاصة للكاتب، منوهاً إلى منهج اليونسكو، والذي يعتمد في الأساس على تربية الطفل على التخيل، حيث ان الخيال من الضروريات التي يجب الاعتماد عليها في تعليم الأطفال.
وأوضح الرفاعي أن اللغة عبارة عن شرارة يترجمها الوعي الإنساني، وأن التعليم لا يعتمد على التلقين في تطويره.
وأوضح الرفاعي في الجلسة الحوارية أن الكتابة - في المقام الأول - تحتاج إلى جذر كي تنطلق، وأن كتب الخيال العلمي من أهم الكتب التي يجب الاهتمام بها، ففي الدول الغربية يعد علماً مستقلاً بذاته، كاشفاً أن الرواية إن كانت مقنعة لا يهم وقتها هل هي خيالية أم واقعية.
وحول كثرة الجوائز ومدى تأثيرها على الساحة الإبداعية تطرق الرفاعي إلى مسألة عدم تفرغ الكتاب العرب للكتابة، فهم لديهم أسر، وعليهم التزامات مادية، والجوائز بالإضافة إلى أنها محفز معنوي فهي أيضاً عائد مادي يساند هؤلاء المبدعين في حياتهم الشخصية، متمنياً أن تزداد الجوائز في الكويت ومختلف الدول العربية والعالمية، منوهاً إلى الجوائز التي تقدم في الكويت مثل جائزة الدول التقديرية والتشجيعية، وجائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري وجائزة الدكتورة سعاد الصباح وجائزة ليلى العثمان وغيرها الكثير، بالإضافة إلى الجوائز العربية ومنها جائز العويس وجائزة الشيخ زايد وجائزة سويرس.
رافضا في الوقت نفسه أن يقوم الكاتب بكتابة عمل إبداعي ونظره متجه إلى الجوائز، فهذا ضد الإبداع، فمن المفترض أن يكتب من أجل الحياة.
وأجاب الرفاعي على سؤال مفاد: هل الجائزة قد تشجع الدخلاء على الإبداع في الدخول إلى الساحة الأدبية؟، بتأكيده أن الكتابة قادرة على أن تفرز الغث من السمين، لوجود قراء قادرين على التمييز بين الجيد والرديء.
وطرحت مديرة الجلسة سؤلاً قالت فيه: هل الرقابة تحد من الإبداع؟
ليجيب الرفاعي بأن الرقابة تمنع ولكنها لا تحد من الإبداع، فحينما يجد كاتب أن عمله مرفوض في بلد ما سيقوم بطباعته وتوزيعه في بلد آخر لا يمنعه، وقال: «لم تعد الرقابة الآن تحاكي لغة العصر، ففي ظل ثورة الإنترنت فإن الرقيب عاجز عن توقيف عجلة الزمن».
وأشار الرفاعي إلى موضوع يتعلق بتدخل الرقابة في الأعمال الأدبية والفنية المرشحة لنيل جائزة الدولة، وقال: «جوائز الدولة خاضعة لإجازة الرقيب، ومن هذا المكان أخاطب الإخوة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالسعي لإلغاء هذا الإجراء... فلا يجب أن تكون جوائز الدولة محتكمة إلى الرقيب»!
وأجاب الرفاعي على تساؤلات ونقاشات الحضور، ومنها إجابته عن سؤال يتعلق بالرقابة التي أكد فيها أنه ضدها وفي الوقت نفسه ضد الانفلات غير المحسوب، خصوصاً في من يتعرض لأمور تتعلق بالوحدة الوطنية، أو التعرض لمبادئ المجتمع وثوابته، أو البذاءة في الكتابة.
وأكد الرفاعي أن الترجمة مهمة لانتشار الإبداع، خصوصاً الرواية التي تضيف قراءتها عمراً آخر لحياة الإنسان فهي مغامرة بلا مخاطر.