وفقاً لاحصائيات منظمة الصحة العالمية، لوحظ أن متوسط أعمار مصابي السُّكَّري على مستوى العالم قد انخفض إلى 25 سنة خلال السنوات العشرين الفائتة، وهو الأمر الذي أسهمت وما زالت تسهم فيه اعتبارات عدة من أهمها نمط الحياة العصرية الذي يسيطر عليه الخمول وقلة النشاط البدني، والأغذية غير الصحية، فضلا عن التوترات التي تنجم عن الضغوطات النفسية. وبطبيعة الحال، لا يحتاج الأمر إلى كثير من التفكير كي نتصور حجم المضاعفات والمشاكل الصحية الوخيمة التي يمكن أن يعاني منها جسم أي انسان جراء ارتفاع مستويات غلوكوز الدم، والتي من أبرزها وأخطرها داء السُّكَّري بدرجاته وأنماطه المختلفة.
وفي ضوء ذلك، ليس من قبيل المبالغة تشبيه داء السُّكَّري بوحش مفترس يحتاج إلى كثير من الجهد من أجل ترويضه ووضعه تحت السيطرة على مدار الساعة كي لا يفتك بصاحبه.
وصحيح أن هناك عقاقير صيدلانية كثيرة يصفها الأطباء عادة كأسلحة في معركة ترويض داء السُّكَّري، لكن من الممكن أن يستعان في موازاتها بالأسلحة الذكية الأخرى المتمثلة في الأعشاب الطبية الطبيعة ومشتقاتها، وخصوصا تلك التي أثبتت نتائج أبحاث علمية نجاعتها في هذا المجال.
من هذا المنطلق، نضع بين أيديكم في حلقة اليوم عددا من الوصفات العشبية المقترحة لترويض داء السكري، مع بيان أشكالها وجرعاتها والتوقيتات المناسبة للتعاطي. لكننا في الوقت ذاته نكرر تأكيدنا على ضرورة استشارة الطبيب المعالج أولا قبل البدء في تعاطي مثل هذه الوصفات كوسائل ترويضية موازية للعقاقير التي يصفها الطبيب...
جيمنيما سيلفستر
تشتهر هذه النبتة في الهند بلقب «مدمرة السُّكَّر»، وذلك بسبب كونها غنية بغليكوسيدات أحماض الجيمنيميك التي تعمل على تخفيض حساسية براعم التذوق للأطعمة السكرية الحلوة، وهو الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تخفيض الرغبة الشديدة لدى الشخص في تناول السكريات. لذا، بوسع المصابين بالنوع الثاني من السُّكَّري السيطرة على مستويات الغلوكوز في الدم بهذه النبتة التي تعمل على تسريع استهلاك الغلوكوز الفائض في الجسم، علاوة على أنها تحفز البنكرياس على إفراز هرمون الإنسولين.
• أشكال التعاطي:
يمكنك تعاطي عشبة جيمنيما سيلفستر في شكل مسحوق، أو كشاي من أوراقها، أو كمكمل غذائي على شكل كبسولات. ويمكنك أن تصنع منها الشاي بأن تنقع أوراقها في ماء مغلي لمدة 10 دقائق، كما يمكنك أيضا أن تضيف مسحوق العشبة إلى كوب من الماء الفاتر ثم تحركه جيدا وتحتسيه.
• الجرعة اليومية:
- كبسولات: واحدة/ 100 مليغرام/ يوميا
- مسحوق: ½ إلى 1 ملعقة صغيرة
- أوراق: 1 ملعقة صغيرة
• أفضل توقيت:
في الصباح على معدة خاوية، أو قبل أي وجبة بـ 20 دقيقة.
المردقوش
تشتهر عشبة المردقوش بكونها غنية بالغليكوسيدات التي تسهم بشكل فعال في تخفيض مستويات سكر الدم في الجسم، فضلا عن أن حمض الروزمارينيك الذي يوجد في مستخلصها أثبت قدرة على زيادة نشاط إنزيم الأميليز البنكرياسي، كما يعزز مناعة الجسم ويساعد في زيادة فعالية استجابة هرمون الإنسولين.
• أشكال التعاطي:
يمكن لمريض السكري أن يمضغ أوراق المردقوش الطازجة أو المجففة أو أن يصنع منها شايا بنقعها في ماء مغلي لمدة 5 دقائق. ويمكن أيضا تعاطى زيت المردقوش المخفف أو حتى كبسولات المردقوش كمكمل غذائي.
• الجرعة اليومية:
- كبسولات: 600 مليغرام على مدار اليوم.
- زيت: 4 إلى 6 قطرات على مدار اليوم (مخفف).
- أوراق مجففة: 1 ملعقة صغيرة/مرتين يوميا.
- أوراق طازجة: 4 إلى 5 أوراق/ مرتين يوميا.
• أفضل توقيت:
من الأفضل احتساء شاي عشبة المردقوش مبكراً في الصباح، ويمكنك أن تمضغ أوراقها طازجة في الصباح، أو أن تضيف الأوراق المجففة إلى طعام وجبتي الغداء والعشاء.
الحلبة
بذور الحلبة وأوراقها الخضراء الطازجة مفيدة جدا لمعالجة اضطرابات التمثيل الغذائي ومشاكل الجهاز الهضمي. لكن ما يهمنا هنا هو أن بذور الحلبة تحوي مواد ومركبات عضوية ذات تأثيرات مخفضة لغلوكوز الدم، وهي المواد التي يمكن الاستفادة منها في ضبط وتنظيم النوع الثاني من داء السُّكَّري.
• أشكال التعاطي:
تؤكل أوراق الحلبة طازجة للاستفادة من خواصها المخفضة لسكر الدم. وأفضل طريقة للاستفادة من بذورها هي بأن يتم نقعها لمدة 12 ساعة ثم مضغها وشرب ماء منقوعها.
• الجرعة اليومية:
- بذور: 2 ملعقة صغيرة
- مسحوق: 1 ملعقة صغيرة
- أوراق طازجة: 200 غرام
• أفضل توقيت:
يستحسن احتساء ماء منقوع الحلبة على معدة خاوية في الصباح، كما يمكنك أن تمضغ بذور أو أوراق الحلبة مع وجبة الغداء أو العشاء.
الجينسِنغ
اشتُهرت عشبة الجينسنغ منذ قرون بفعاليتها في تقوية المناعة ومكافحة الأمراض، لكن باحثون اكتشفوا أخيرا أنها تحوي أيضا مكونات فعالة مضادة لداء السُّكَّري. فتعاطي الجينسنغ يبطئ امتصاص الكربوهيدرات، وبالتالي فإن خلايا الجسم تجد نفسها مضطرة إلى التعويض من خلال استهلاك غلوكوز (سكر) الدم. وإلى جانب هذا، يزداد إفراز هرمون الإنسولين في البنكرياس. وكل هذه العوامل تسهم في جعل الجسم أقل عرضة للإصابة بداء السُّكَّري. أما إذا كان الشخص مصابا فعليا بالسُّكَّري، فإن هذه العوامل ذاتها يمكن أن تساعد في تخفيض مستويات غلوكوز الدم بنسبة 15 إلى 20 في المئة وفقا لما أثبتته نائج دراسة أجراها فريق من جامعة تورنتو الكندية.
• أشكال التعاطي:
يمكنك أن تتعاطى الجينسنغ كجذور خام أو كمسحوق. قم بتقطيع جذور الجينسينغ إلى شرائح صغيرة وأضفها إلى ماء يغلي ثم اتركها تنتقع لمدة من 5 إلى 6 دقائق. ويمكنك أيضا أن تمزج مسحوق الجينسنغ في ماء دافئ ثم تشربه.
• الجرعة اليومية:
- مسحوق: 1 ملعقة صغيرة
- جذور: 2 إلى 3 غرامات أو 7 إلى 8 شرائح.
• أفضل توقيت:
مرة في الصباح الباكر، ومرة ثانية قبل وجبة العشاء.
ألو فيرا... الصبّار
تتميز نبتة الصبّار (ألو فيرا) بأوراقها اللحمية الغليظة المليئة بالعصارة الهلامية الغنية بالمواد والمركبات الطبية الفعالة. وعلى مر العصور، شاع استخدام الألو فيرا لمعالجة عدد كبير من المشاكل الصحية. وقد اكتشفت دراسات علمية حديثة أن هلام (جل) الألو فيرا يحوي مكونات عضوية طبيعية فعالة في تخفيض مستويات سكر الدم ودهون الليبيدات.
• أشكال التعاطي:
يستحسن استعمال عصارات ومستخلصات الألو فيرا كمستحضرات معتمدة من جانب السلطات الصحية، بحيث يكون التعاطي وفقا للتعليمات التي تكون مدونة عادة على العبوة.وهناك طرق معينة لاستخلاص عصارة الصبار منزليا. ومن الممكن أيضا أن تتعاطى الألو فيرا كمكمل غذائي على شكل كبسولات.
• الجرعة اليومية:
- كبسولات: 300 مليغرام على مدار اليوم.
- عصارة: وفقا للتعليمات المدونة على العبوة.
- هلام مستخلص منزليا: 100 غرام على مدار اليوم.
• أفضل توقيت
يوصى بتعاطي عصارات ومستخلصات وكبسولات الألو فيرا مبكراً في الصباح على معدة خاوية، أو يمكن أخذ كبسولة واحدة قبل وجبة الغداء.
القرفة
يُستخدم هذا البهار الزكي الرائحة في إعداد كثير من أصناف الأكلات والحلويات. لكن ما قد لا يعلمه كثيرون هو أن القرفة تحوي مكونات وخصائص فعالة مدهشة تسهم في كبح جماح داء السُّكَّري، فضلا عن أنها تفيد في معالجة السمنة وتشنجات العضلات والإسهال ونزلات البرد. فلقد أظهرت نتائج دراسات عدة أن تعاطي القرفة بانتظام يمكن أن يساعد في ضبط وتنظيم مستويات غلوكوز الدم إلى درجة يمكن معها في بعض الحالات استخدامه كدواء عضوي بديل لمعالجة السُّكَّري.
• الجرعة اليومية:
- قضبان مجففة: 5 سنتيمترا تقريبا
- مسحوق: ½ ملعقة صغيرة
- كبسولات: 500 مليغرام (مرة كل يومين)
• أفضل توقيت:
بوسع مريض السكري أن يحتسي شاي القرفة صباحا ومساء، كما يمكنه أن يضيف مسحوق القرفة إلى العصائر المخفوقة وتناولها مع وجبة الإفطار.
المريمية
تعاطي عشبة المريمية على معدة خاوية يسهم في تخفيض مستويات غلوكوز (سكر) الدم بشكل كبير، كما أنه يعزز إفراز ونشاط هرمون الإنسولين، وهو الأمر الذي يساعد على كبح غلوكوز الدم في مرحلة مقدمات السُّكَّري وتخفيضها لدى مرضى سكري النمط الثاني. وإلى جانب ذلك، فإن تعاطي المريمية يعزز وظائف الكبد بشكل إيجابي، ما يؤدي بالتالي إلى تحسين مناعة الجسم ضد الأمراض. وعلى الرغم من أن المريمية تكون شهية أكثر عند طبخها مع اللحوم، فإنها تكون في أفضل حالاتها الطبية عند تعاطيها كشاي.
• أشكال التعاطي:
أفضل طريقة لتعاطى عشبة المريمية هي عمل شاي منها. لكن يمكن أيضا مضغ أوراق المريمية أو إضافتها إلى الطعام أو أخذها كمكمل غذائي. ولإعداد شاي المريمية، صب ماء يغلي في كوب يحوي اثنتان من أوراق المريمية، ثم اترك الشاي لينتقع لمدة 5 دقائق.
• الجرعة اليومية:
- أوراق طازجة: 4 إلى 6 غرامات على مدار اليوم.
- مسحوق أوراق مجففة: سدس إلى نصف ملعقة صغيرة
- شاي: 2 إلى 3 أكواب على مدار اليوم
• أفضل توقيت:
يستحسن تعاطى شاي عشبة المريمية أو مضغ أوراقها على معدة خاوية مبكراً في الصباح. كما يمكنك أيضا أن تضيف أوراق المريمية إلى طعامك في وجبتي الغداء والعشاء.
الزنجبيل
من بين فوائده العلاجية الكثيرة، يسهم الزنجبيل في خفض مستويات سكر الدم، حيث أثبتت دراسات طبية أنه يقوم بذلك بفضل قدرته على زيادة وتحفيز إفراز الإنسولين طبيعيا فضلا عن دوره الفعال في تعزيز مستوى استجابة وفعالية ذلك الهرمون الحيوي.
• أشكال التعاطي:
يمكن مضغ الزنجبيل الخام، أو اضافته كبهار إلى الطعام عند طهيه، أو شربه في شكل شاي، أو تعاطي مسحوقه، أو استخدام زيته فمويا، أو حتى إضافة شرائح مفرومة منه كأحد مكونات العصائر الطازجة.
• الجرعة اليومية:
- شرائح: 2 إلى 5 سنتيمترات
- زيت: 3 إلى 4 قطرات
- مستخلص أو عُصارة: ملعقة متوسطة
- مسحوق: ½ إلى 1 ملعقة صغيرة
• أفضل توقيت:
من المفيد جدا لمريض السكري أن يبدأ نهاره بكوب من شاي الزنجبيل، لكن يستحسن عدم تعاطي أي زنجبيل بعد الساعة السادسة مساء.
الكُرْكُم
إلى جانب استخداماته المتعددة في وصفات الطهي، فإن الكركم كان وما زال من أهم أدوية طب الأيورفيدا الهندي القديم، حيث يوصف لمعالجة أمراض ومشاكل صحية كثيرة. ومن بين فوائده العلاجية، أثبتت أبحاث علمية أن الكركم يحوي مادة فيتوكيميائية طبيعية تعرف باسم الكركومين، وهي مادة ذات خصائص علاجية متنوعة من أهمها تخفيض مستويات غلوكوز الدم المرتفعة. وقد أكد أحد تلك الأبحاث أن مرضى النوع الثاني من السُّكَّري يتحسنون بشكل ملموس عند تعاطي الكركم بانتظام.
• أشكال التعاطي:
يمكن لمريض السكري أن يمضغ قليلا من جذور الكركم الخام، أو أن يأخذه كمكمل غذائي على شكل كبسولات، أو أن يتعاطاه كمسحوق.
• الجرعة اليومية:
- الجذور الخام: من 2 إلى 3 سنتيمترات.
- مسحوق: 1 إلى 2 ملعقة صغيرة
- كبسولات: 500 مليغرام (مرتين يوميا).
• أفضل توقيت:
إلى جانب استخدام الكركم في وصفات الطهي، يستحسن مضغ شرائح جذور الكركم على معدة خاوية صباحا. ويستحسن تعاطي كبسولة واحدة قبل وجبتي الغداء والعشاء بنحو 15 دقيقة.