في أمسية شعرية أقيمت ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب الـ43

الشاعر السعودي فواز اللعبون... تجوّل بقصائده في متون الحياة

1 يناير 1970 05:55 م

حضر الشعر مزهواً بعباراته، وإنشاده، وتطلعاته... في أمسية الشاعر السعودي فواز اللعبون، تلك التي أقيمت في إطار فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ43، وأدارها الدكتور طالب الشريف.
في المستهل تحدث الشريف عن قصائد اللعبون المغايرة لما هو مألوف من الشعر، من خلال استشرافها للمستقبل، بتطلعاته ورؤاه، ونظرتها العميقة إلى الماضي، والحاضر.
وقبل البدء في قراءة قصائده شكر اللعبون الكويت على استضافتها له في هذه الأمسية، مؤكداً بأنه ليس بغريب على هذا البلد وأهله، فعمه أمير شعراء النبط الشاعر بن لعبون عاش ردحاً من عمره في الكويت وتوفي فيها، ومن ثم ألقى قصيدته التي عنوانها «صباح السعود»، والتي اتسمت بالجمع بين الموطنين «الكويت والسعودية»، في حب واحد لا يمكن تفريقه ليقول:
لنا هنا موضع الذرى
حملته سيوف الحمى والرماح
بديع منيع رفيع الذرى
فتي أبيٌ قوي الجناح
خليج بهيج شريف الثرى
دجاه من المجد مثل الصباح
وطرح الشريف على اللعبون سؤالا مفاده: أين تجد الآن القصيدة الفصحى، في هذا الفضاء الإلكتروني الواسع، ومنافستها للقصيدة النبطية؟
وأجاب اللعبون بتأكيده أن القصيدة الفصحى أصبح لها حضور جيد مع النوافذ الجديد التي تمثلها مواقع الإنترنت، وأن الشعر النبطي كان سائداً قبل ذلك، والآن الفصحى في الشعر هي التي لها الحضور الأكبر.
لينشد الشاعر قصيدة «طلاسم على ألواح الشعر»، والتي تضمنت رؤى الشاعر الفلسفية، بالإضافة إلى ما تضمنته من حكمة، وتدفق وجداني جذاب:
وفي المدينة أحلام محطمة
أقمتها أبتغي من خالقي أجرا
وحول مدين ترعى الطهر سيدة
لا بد أمكث في جناتها عشرا
وتميزت قصيدة «غريب في زمن بعيد»، التواصل مع الماضي والحاضر، في سياق دلالي متناسق مع رؤية الشاعر ليقول:
أنا الغني هنا بئري ونخل أبي
ولي لم تنسني ناقلات السحب منقلبي
وما محى عصركم أمجاد تاريخي
أنساب من بين أطلالي إلى كتبي
وطُرح سؤال على الشاعر مفاده: كيف يؤثر الشاعر على مجتمعه، خصوصاً في ما يخص النشر على الميديا؟ كي يجيب بأن من المفترض على الشاعر أن يطرح قصائده بشكل يصل إلى المتلقي سواء استخدم لغة نخبوية أو لغة عامية، موضحاً أن مشكلة الأمية في المجتمع انتهت والكل يفهم الآن الفصحى، وأكد أن الشعر رسالة يجب أن تصل إلى المجتمع سواء كانت اجتماعية أو غيرها، وبالتالي قرأ اللعبون بعضاً من قصائده الاجتماعية ومنها قصيدة «وعد النهوض»، والتي يقول فيها:
لا تكترث بالهازئن فطالما
هزؤوا وفي أحشائهم نار الغضا
سينيلك الرحمن من أفضاله
ويرون كيف تدور أفلاك الرضا
وأنشد الشاعر قصيدة «سارق البياض»، والتي تحدث فيها الشاعر عن مشاعر الناس، وما يكتنفها من أحوال يصعب رصدها، كما قرأ قيدة «أفياء الروح».
وعرج الشاعر في قراءاته الشعرية إلى الغزل ليقرأ قصيدة «المسلوب»، بكل ما تضمنته من رومانسية هادفة، بعيدة عن الابتذال، وألقى قصيدة ترغب في تعدد الزوجات، وأخرى تنفر منه، من خلال ما يكتف البشر من أمزجة وقناعات.
وفي قصيدة «نقش على اليم» قال اللعبوني:
لست الضعيف الذي يخشى أعاديه
لنا من الحب جيشا لا عداد له
سجله يتباهى بالبطولات
وأنشد الشاعر الكثير من القصائد، تلك التي اتسمت بالقوة، في مفرداتها والبساطة في معانيها، تلك التي تتحاور مع الحياة بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء ليقول في قصيدة «خريف الأقنعة»:
ذاك الذي أهداك فؤادي فرحة
أتظنه لسواد عينك افرح
عما قريب سوف تتضح الرؤى
وترى وجوه الزيف تملا مسرحك
وتواصل الشاعر ليقرأ قصائد «صواغ الملك»، و«جدارية الليل»، و«أفراح اليقين»، و«براءة من زمن قديم»، تلك التي استلهمها اللعبون من مشاهد إنسانية متواصلة من الواقع، ومتفاعلة من الفلسفة ليقول في إحداها:
كانت جميلة طلعة بسامة
تمشي مخفرة بهالات المنى
ناديتها فرنت إليّ وسلمت
وكأننا من قبل نعرف بعضنا
ثم فتح باب النقاش للحضور كي يطرح الشاعر سالم الرميضي سؤالاً يتعلق بموسيقى الشعر ومدى حرص الشاعر على الالتزام بالشكل التقليدي للقصيدة من خلال الوزن والقافية، ليؤكد اللعبون أنه يبحث دائما عن المفردات والألفاظ التي تصل بسهولة إلى الجمهور، ولا يميل إلى استخدام ما هو عصي على فهمه، وأنه حريص على شكل القصيدة في شكلها التقليدي من وزن قافية.
وطُرح سؤال مفاده: أين أنت من الشعر العامي، ليجيب اللعبون بأنه لم يجرب الكتابة بالشعر العامي، حيث انه تشرب الفصحى من والده، رغم أنه عرف حينما كبر أن عمه أمير شعراء النبط.
وأكد الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور عيسى الأنصاري أن الشعر العامي كان له حضوره، وأن هناك رجعة أو عودة للشعراء إلى استخدام الفصحى في شعرهم، وقال: «هل تقوم بتشجيع مثل هذا الأمر خصوصا لدى الشعراء الشباب»؟
وأجاب اللعبون بأن الشعر الفصيح بالفعل يعود تدريجياً إلى سابق عهده، وأنه يشجع على ذلك، موضحاً أن بعض شعراء العامية الآن يطعمون أشعارهم بأبيات فصحى.