هل هناك فرق كبير بين «ذبحة الميموني» رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته، ووفاة اثنين من أبنائنا الطلبة الضباط في الكلية العسكرية؟
سؤال قاسٍ جداً فعلاً لكنه (يطحن) في رأسي منذ أيام مسترجعاً كل ما جرى في تلك الحادثة، ومهدّئاً النفس بضرورة تأجيل معرفة الحقيقة خصوصاً وأنني لا أمتلك إجابة شافية للسؤال ولا معلومات دقيقة تكفي لاطلاق الأحكام بجرأة مبكرة في قضية بهذه الحساسية.
لكن، من الواضح وفقاً للاجراءات التي اتخذها النائب الاول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الاحمد - شفاه الله وعافاه- خلال عودته القصيرة للبلاد لحضور تشييع الطالبين المتوفيين وزيارة الطلبة المنقولين الى المستشفى وتشكيل لجنة التحقيق وايقاف قيادات في كلية علي الصباح العسكرية عن العمل وكذلك فتح ملفات وفيات مشابهة وقعت سابقا وحسمت آنذاك بأنها طبيعية، وكذلك تصريح رئيس الاركان العامة للجيش الفريق الركن محمد الخضر بضرورة مراجعة ومتابعة جميع البرامج التعليمية والتدريبية للطلبة الضباط، من الواضح أن هذه النقاط كلها تصب في خانة (أن الأمور مهي طيبة). أضف الى ذلك ما تم تداوله على لسان طلبة بأن هناك قسوة مبالغ فيها وغير مدروسة العواقب طبياً وعلمياً تمارس مع الطلبة مع عدم جدية في التعامل مع حالات فقدان الوعي والميل الى التشكيك بأنها مفتعلة من الطالب للتهرب من التدريب... كل هذا يقودنا إلى ترجيح الظن بوجود أخطاء كبيرة داخل كلية علي الصباح العسكرية لا يمكن السكوت عنها بعدما (راحوا الشباب من كيس أهلهم) من دون ذنب اقترفوه.
ولا يُفتِينّ أحدهم ويفسر كلامي بأنه دعوة للتراخي في التدريبات والدلال في القطاع العسكري، فلا نحن ولا غيرنا يدعو إلى ميوعة في قطاع لا يقبل إلا الجدية والخشونة والقوة والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس والروح، إلا أن هذا لا يعني عدم الدعوة الى تقويم التدريبات إذا اعوجت، وعقلنتها إذا فقدت البوصلة السليمة، وتوفير الاسعاف الطبي، بل ومراجعة الفحص على الطلبة دورياً خصوصاً ممن تكثر عليهم علامات الارهاق، وهذا لمصلحتهم كطلاب ومصلحة ذويهم ومصلحة المؤسسة العسكرية ذاتها التي يضحي المنتسبون إليها بأرواحهم من أجل الوطن ولكنها لا يجب أن تزهق أرواح المنتسبين إليها.
ختاماً، إلى الشيخ ناصر نقول: نثمن إجراءاتكم ونتمنى أن تتوّج بالسرعة القصوى وإعلان النتائج قريباً بشفافية وتحويل من تثبت مسؤوليته إلى المحاكمة.