في إطار ما تقوم به رابطة الأدباء الكويتيين من أنشطة وفعاليات ثقافية غرضها تفعيل الدور الثقافي والإبداع في حياة المجتمع... أقيمت في ديوانيتها جلسة نقاشية عنوانها «العصف الذهني»، وذلك ضمن أنشطة صالون الرواية... وقدم الجلسة الكاتب حمد الشريعان، وفي حضور الروائية ليلى العثمان، التي شاركت بخبراتها في إثراء النقاش ورئيسة الصالون مريم الموسوي.
وأوضح الشريعان أن الجلسة تضمنت ثلاثة محاور، في كل أسبوع قاموا بمناقشة محور منها وهي«الفكرة»، و«الزمان والمكان»، ثم«الحبكة»... وأن الأساس الذي تُعتمد عليه إقامة هذه الجلسة هو النقاش المتبادل بين الحضور، وطرح الأسئلة ومن ثم الإجابة عنها بأوجه عدة، من أجل الاستفادة من وجهات النظر المتعددة، وتطوير الرؤية لتصل إلى النضج.
وأوضح الشريعان أن من أهم دعائم هذه الجلسة تنشيط العقل المبدع، والتشجيع على طرح الأفكار، والمشاركة الفعالة بين المجموعة... وهي مشاركة، تؤدي إلى تعزيز وتقوية روح العمل المشترك، المبني على تعددية الآراء، كي لا تستحوذ فكرة أحادية على كل الأفكار المطروحة، وكسر حاجز الخوف والتعبير عن الرأي وطرحه بشكل سليم.
وتضمنت الجلسة- كذلك- صناعة أفكار إبداعية وطرح أسئلة كثيرة من أجل تنشيط العقل، ومحاولة تغيير أو تنظيم الأفكار من خلال طرح الآخرين لوجهات نظرهم، من أجل الوصول إلى حالات متجددة من التطوير والتميز.
وفي سياق المحور الأخير«الحبكة»طرح الشريعان على الحضور عددا من الأسئلة، ومن ثم حرص على أن تكون إجاباتهم متغيرة، ومختلفة، مع ترك مسافة للتقابل والاتفاق، وذلك على سبيل استلهام مدلولات متنوعة يمكن على أساسها تطوير ملكة الإبداع بما يخدم الذهن، بمزيد من الخيال، الذي يعود بالفائدة على العمل الإبداعي الروائي.
وناقش الحضور- خلال المحور الأساسي للجلسة«الحبكة»- الكثير من القضايا والرؤى الأدبية مثل الخيال العلمي ودوره في تنشيط الذهن، والصدق الفني والآخر الحقيقي، وهل المطلوب من الروائي أن يكون صادقا في أحداث عمله، أم أن الأمر مباح له في ما يطلق عليه الكذب الفني، من خلال اختلاق أحداث غير واقعية، أو غير منطقية من أجل لفت انتباه القراء لعمله؟ ثم تناول الحضور بالبحث قصة«المتحول»، كي يؤكد بعض الحضور أن المهم في أي فكرة أن تكون مقنعة، وقتها لا يهم من أين أتت وما مدى مصداقيتها، فقدرة الروائي والكاتب على الإقناع هي المحك، والعنصر الأكثر أهمية في مختلف الأعمال الأدبية خصوصا الروائية منها.
وأوضح الحضور أن تفسير أو تبرير الحبكة غير المنطقية في جسد الرواية قد يفسد نكهتها، ويحولها إلى مضامين غير مهمة، بمعنى أن تبرير وقوع الحدث قد يفسد دهشته لدى المتلقي، ولا تكون له قيمة أدبية منشودة.
وأشارت العثمان في مداخلاتها أن كتابة الرواية لا تلتزم بقوانين محددة مثل الشعر الكلاسيكي مثلا الذي ربما يلتزم ببعض القوانين مثل الوزن والقافية، والمحك يقع على طرح الفكرة وتناولها الأدبي، وأوضحت أن الفكرة يجب أن تكون هي المحرك الأساس للعمل الروائي، رافضة مسألة الرقابة الذاتية عند كتابة النص الإبداعي، لأن ذلك قد يقتل الفكرة، أو- على الأقل- يقيدها، ويحكم مساحة انطلاقها، مؤكدة أن الإضافات التي يضعها الكاتب على روايته يجب أن تفيد عمله ولا تكون هامشية.
وتناقش الحضور في بعض المشاهد الروائية مثل مشهد«السماء تمطر سمكا»، وهو أمر غير المنطقي يحدث عند حضور أحد الأشخاص، ومن ثم اختلفوا في قيمة هذه الحبكة غير الواقعية، من خلال الإقناع من عدمه، بالإضافة إلى مساحة الإقناع في بعض الروايات التي تتسم باللامنطق، أو العبث مثل«سقف الكفاية»، وغيرها.
وأوضح أحد الحضور أن الحبكة الأدبية ضرورية للرواية ولكل الأجناس الأدبية الأخرى مثل المسرح والمقال والقصة القصيرة، فيما طرح الشريعان رؤية حول انتقال الحدث بشكل غير منطقي في فصول الرواية، بالإضافة إلى جدوى وجود الشخصية المرتبكة، في بناء النص الروائي، ليؤكد الحضور أنه ليس مطلوبا من المؤلف أن يكون منطقيا في طرحه للأحداث فالمهم فقط أن يكون مقنعا في طرحه، حتى من خلال تسلسل الأحداث غير المبررة، أو غير المنطقية.
فيما تحدث الشاعر عبد الله الفيلكاوي عن الحدث الذي يعد ما أهم عناصر أي عمل روائي، معطيا مثالا برواية«مزرعة الحيوان»، بالإضافة إلى التفاصيل التي يضعها الروائي في عمله، فيما دار نقاشا متعدد الأطراف حول مسألة كسر التوقعات في العمل الروائي، ومدى تقبل المتلقي له، ودور الشخصية الملهمة في الرواية، والكثير من النقاشات، التي نتجت عنها حصيلة متميزة في هذه الجلسة الأدبية المهمة.