رؤى تشكيلة / فنانة تشكيلية كويتية برعت في استخدام ألوان «الإكريلك» بتدرجاته

سوزان بشناق... ترصد المسكوت عنه في جسد المرأة

1 يناير 1970 06:49 م
  • تستعين بشناق في إبراز الجوانب المضيئة في أعمالها بلغة بصرية تتناغم فيها الإضاءة مع الخفوت  
  • عناصرها التشكيلية متحررة من فضاء اللوحة ومحفزة خيال المتلقي على التفكير من أجل كشف الرمز وفك غموضه 
  • تسعى الفنانة إلى توصيل معاني وأفكار الأنثى الجميلة من زوايا عدة وفي أعمال مختلفة

يتبدى الفعل التشكيلي في أعمال الفنانة التشكيلية الكويتية سوزان بشناق، متناسقا مع توهج الألوان، تلك التي تحرص الفنانة على تأطير مستوياتها وتدرجاتها وفق منظومة تشكيلية قريبة من الوجدان الإنساني العاشق للجمال، والمتواصل مع الرمز في تنقلاته وحيويته.
وبشناق شاركت - أخيراً- بأعمالها الفنية في معرضين، الأول استضافته قاعة بوشهري في الكويت ضمن مجموعة «انعكاس»، والتي تضم حزمة من التشكيليين، الطامحين إلى نشر ثقافة الألوان، تلك التي تنمي المهارات الذاتية، وتقوي المدارك الجمالية.
واحتوت أعمال بشناق في هذا المعرض الجماعي لـ «انعكاس» على لوحات جديدة تضمنت رموزاً تخص المرأة في تحولاتها وأحوالها، بالإضافة إلى الاحتفاء الضمني بالحياة عبر عناصر تشكيلية منتقاة من الواقع والخيال معاً.
والمشاركة الثانية جاءت خارج الكويت وتحديداً في معرض أقامه متحف فلسطين في ولاية كونيتيكت الأميركية، مع مجموعة من الفنانين التشكيليين من مختلف البلدان العربية والعالمية، بالإضافة إلى مشاركاتها الأخرى خلال معارض جماعية وأخرى شخصية أقيمت داخل وخارج الكويت في أزمنة مختلفة.
ومن اللافت في أعمال بشناق أنها تستعين - في إبراز الجوانب المضيئة لأفكارها- بلغة بصرية، تتناغم فيها الإضاءة مع الخفوت وفق تصورات تشكيلية، متحررة من فضاء اللوحة لتحلق في مساحات أكثر رحابة، مما يحفز خيال المتلقي على التفكير من أجل كشف الرمز وفك غموضه.
بالإضافة إلى أن المجاميع التي تقدمها بشناق في فضاءات لوحاتها تتسم بالتوهج الإنساني، وجمال الألوان وتناسقها على أسطح اللوحات، فيما تبقى المشاعر والعواطف ملتهبة بالحركة، تلك التي يمكن استشراف جمالها من خلال الإلهام التشكيلي.
وما نريد التأكيد عليه أن المرأة في أعمال بشناق هي الأساس الذي اعتمدته في رسم معظم لوحاتها، من خلال ما تتمتع به من تفاصيل تخص الجسد، وكذلك التحولات التي تتسم بها قسمات الوجه، والحركة، ومن خلال السرد التشكيلي حول علاقة المرأة بالطبيعة، وعلى هذا الأساس سنجد أن الفنانة تتحرك بفرشاتها ومن خلال ألوان «الإكريلك»، وفق منظومة فنية تتصارع فيها الأفكار من أجل الوصول إلى هدف واحد مفاده، إبراز الجوانب الخفية للمرأة، وإظهار المسكوت عنه، من خلال الرمز والإيحاء.
وتعد تقنية استخدام جسد المرأة في تفعيل الرموز والإيحاءات الإنسانية، من أهم ما يميز لوحات بشناق، وهو توظيف تشكيلي مبني في أساسه، على احترام هذا الجسد الذي ترى فيه الفنانة معنى للجمال، في حركته وانسجامه مع المحيط الخارجي، وفي الاستلهام التشكيلي الذي يضعه في مواقف رمزية مفعمة بالرمز.
وهذا المنهج يشير إليه تأكيد الفنانة أن المرأة عنصر أساسي يصعب تهميشه أو الاستغناء عنه في اللوحات، ومن خلال استخدامها لألوان «الأكريلك» التي تتناغم مع عذوبة ورقة المرأة، استطاعت التعبير عن المرأة والحب والسلام والرومانسية، وتوصيل معاني وأفكار الأنثى الجميلة من زوايا عدة وفي أعمال مختلفة.
وتتمسك بشناق - إلى جانب العنصر الأهم في أعمالها وهو المرأة - بعناصر أخرى ذات حيوية جذابة تلك التي تتمثل في الموسيقى والبيئة والرمزية التي تأتي في كثير من الأحوال شفافة وبعيدة عن التعقيد، بفضل ما تنعم به ألوانها من سيولة ومرونة على أسطح اللوحات.
كما تتميز أعمال بشناق بالرؤى الفنية، التي تتوغل في اعماق الفكرة، من اجل استلهام مدلولات حسية انسانية ذات علاقة وثيقة بالواقع والخيال معاً. وبالتالي القدرة على استلهام الرؤى من خلال افكار تتحرك في اكثر من اتجاه.
فبشناق دائمة التجديد في كل ما تطرحه على المتلقي من أعمال تشكيلية،، بفضل ما تتمتع به فرشاتها من مرونة وقدرة على الابتكار، والتجديد في أنسجة أفكارها، ورؤاها، ومشاريعها التشكيلية، التي تعمل فيها بصمت.
ومن خلال عناصرها الثلاث...«المرأة والطبيعة، والحياة»، أنتجت بشناق لوحات عامرة بالجمال والتنوع الدلالي... والولوج إلى عوالم خيالية، بأبعادها الإنسانية الجذابة.

سيرة ذاتية

تقول السيرة الذاتية أن سوزان محمد بشناق من مواليد الكويت وحاصلة على البكالوريوس ودرجة الماجستير من روسيا في عام 1982 -1989- وثماني شهادات من «نيوهورايزن» في الكمبيوتر- رئيسة قسم التربية الفنية نظام مقررات، ودبلوم لغة روسية - وأقامت دورات تصوير في قاعة بوشهري لمدة سنة، كما صممت أغلفة بعض الكتب الفنية والأدبية، ومنها تصميم غلاف كتابين للدكتورة سهام الفريح.
ونظمت ثلاث ورشات عمل فنية في مهرجان أحلى صيف في قاعة معجب الدوسري، وهي عضوة في الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وعضوة في الرابطة الدولية للفنانين - باريس- وعضوة في رابطة الحرف - آسيا- وعضوة في نادي الفتاة الرياضي، كما أقامت معارض خاصة منها معرض في قاعة بوشهري، معرض شخصي في صالة الفنون تحت رعاية المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون... وشاركت في العديد المعارض خارج وداخل الكويت، وحصلت على كثير من الشهادات التقديرية والجوائز.

أسرة فنية

الفنانة بشناق من أسرة فنية، فوالدها محمد بشناق، فنان تشكيلي يعد من الرواد الذين ساهموا في النهضة التشكيلية في الكويت، وساهم بشكل كبير في تأسيس الحركة التشكيلية في الكويت، وهو الذي عاصر ولادة الحركة التشكيلية في الكويت وكان له دور مهم في تكوين القاعدة الاساسية ويعتبر من مؤسسي المرسم الحر، فهو الذي اقترح عليهم المكان وساهم في تصميمه وايضا كان من رواده، فقد كان يمارس النحت مع اصدقائه من الرعيل الأول، وكان ينحت جنبا إلى جنب مع الفنان سامي محمد والفنان جواد بوشهري.
كما عمل والدها الفنان بشناق في المتحف العلمي، وكان يرسم الحوائط الداخلية والخارجية للمبنى، ويصنع المجسمات الكبيرة للمشاركة في مهرجانات الاعياد الوطنية، وتأثر بمدارس مختلفة وكان يعشق الفنان فان غوغ، ولكنه لم يتقيد بإحداها، واستخدم في أعماله الواقعية والتعبيرية والتجريدية وفن البوستر وفن النحت على الخشب، والنحت بالطين والحديد والنحاس، وكان يمزج المعدن بالعاطفة، ويحول المخلفات إلى قيمة ابداعية، وانه رسم الكثير من اللوحات عن البيئة والتراث الذي عاصره.