أصبوحة

مَن يقود الآخر العقل أم الإنسان؟

1 يناير 1970 10:26 ص

يعيش الناس حياتهم طبقاً لفلسفات مختلفة، تقودهم في ذلك ظروف بيئية ونفسية متنوعة، مثل الوعي والمعرفة والتركيبات النفسية المختلفة، والاستجابات العصبية الداخلية والخارجية، وهو ما يمنح حياة البشر تنوعاً وتلاوين مختلفة.
فبعضنا يستيقظ صباحاً، وهو لا يعرف ماذا سيفعل في هذا اليوم، ويسير في الحياة تلقائياً وحسب ما تأتي به الصدف، وهكذا تمر به الأيام والأشهر والسنوات دون تخطيط، وإنجازه في يومه هو ما يجلب له التسلية والمتعة وقضاء الوقت، فلا يشغله الواجب ولا يؤرقه ضياع الوقت.
بينما يعيش البعض الآخر وهو يشعر بثقل الالتزام، حتى وإن لم يدرك أو يعرف ماهية هذا الالتزام، فقط يشعر بضرورة الإنجاز، ويحس بوطأة السباق مع الزمن، فهو شديد الشعور بالضرورة، ويعتبر أنه يعيش لرسالة ما أو دور في هذه الحياة.
ومن دون الرجوع إلى الأسئلة الكبيرة في الحياة، حول قيمة وجودنا فيها أو حول رسالتنا في هذه الحياة، نلجأ إلى السؤال الأبسط، وهو أي من الطريقتين في العيش أصح أو أفضل؟ العيش بلا التزامات أم التفكير الدائم بجعل حياتنا مفيدة.
الأمر يتعلق في طريقة عمل عقولنا، فلدينا عقلان أحدهما واع وآخر باطن ولهما أدوار واختصاصات، العقل الواعي مختص بالمنطق إضافة إلى أشياء أخرى، والعقل الباطن مختص بالقناعات أو عاداتنا الذهنية، أي الشيء الذي نتمرن عليه حتى يصبح عادة، إضافة إلى وظائف أخرى.
الإنسان يعلو من مكانة العقل الواعي، فقط لأنه ظاهر لنا رغم أنه لا يقود حياتنا، بل القيادة الحقيقية هي للعقل الباطن غير الظاهر لنا، وتظهر مشاكلنا «النفسية» عندما يكون هناك صراع بين العقلين، فالمنطق يقول شيئا لكن العادة تبدو أقوى، والحالة النفسية المثلى هي في حالة السلام بين العقلين، عندما يكون المنطق والقناعة متوافقين، والتي تسمى شعبياً راحة البال.
فعندما نعود لطرق الحياة، نجد أن التوازن بين المتعة والإنجاز هو الأصح، فلا إفراط بالشعور بالمسؤولية ولا لامبالاة أو لا تفاعل مع الحياة، فالشخص الذي يشعر بالضرورة الدائمة، يسبب لنفسه مشكلات نفسية، أقلها الأرق والضغوط النفسية والقلق، واللا مبالاة تخرجنا من دائرة الأنسنة، وقد تدفع الإنسان للبحث الدائم عن الملذات البحتة، فتختفي الفروق بينه وبين الحيوان، الذي يقضي حياته بحثاً عن الطعام.
بالطبع الإنسان ككائن هو شديد التعقيد، بسبب من تركيبته العقلية المزدوجة، وفهمنا لهذه التركيبة، يجعلنا نستطيع أن نبرمج عقولنا وننمي ذواتنا، بطرق واعية ومقصودة، ولا نترك بناء عقولنا للصدفة والاستجابة التلقائية.

osbohatw@gmail.com