ولي رأي

سرطان الفساد

1 يناير 1970 06:08 م

يصف الأطباء مرض السرطان، بالخبيث القاتل الذي لا شفاء منه إلا إذا اكتُشف مبكراً واستُئصل الجزء المُصاب مباشرة. وأخطر أنواع السرطانات ذلك الذي يصيب الشعوب والدول، كسرطان الفساد الذي يبدو أنه استشرى في الكويت مع بداية سبعينيات القرن الماضي، وظهور طبقة اجتماعية جديدة تريد الحصول على كل شيء من دون أن تكون قد أعطت أي شيء، وأن الكويت «مرعى غني»، و«من سبق لبق»، و«خذ ما يتخذ».
وكان التزوير مفتاح مغارة «علي بابا» التي تحولت الكويت لها، فزوّرت شهادات الميلاد والوفاة، والجنسية والدراسة، والإعاقة والزواج والطلاق، وملكية الإبل والأغنام... إلخ.
وتواجد لدينا على الأوراق فقط إبل وأغنام أكثر مما هو موجود في الحقيقة في قارة استراليا والجزيرة العربية، ومن النخيل ما تجاوز عدده ما على ضفتي شط العرب ومنطقة القصيم.
ولو فتحنا ملفات الجنسية لرأينا العجب العجاب، إخوة أشقاء بينهم ثلاثة أو أربعة شهور في الولادة، بل ومنهم من يصغر أمه بثلاث سنوات! وصار لنا مواطنون لا يحفظون بيت شعر لـ «فهد بورسلي»، ولا يفرق بين «أم صجمة» و«أمصدة»، وكان يظن أحدهم أن «فيلكا» ملتصقة بـ «السالمية»، وأن «الخثرة» مشروب غازي، و«عوض الدوخي» لاعب كرة قدم!
وعندما ساد هؤلاء تلوثت مياه البحر وأصبحت أسماكنا مسرطنة، وأكلنا «الفطيس» من الأغنام والدواجن، وملأت أسواقنا مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري، فانتشر السرطان لدينا كانتشار الأنفلونزا، بل أكثر وأسرع، وتفشى التزوير في بلدنا بسرعة مذهلة كسرعة انتشار التكنولوجيا في العالم المتحضر، وانتُخب لنا مجلس أمة ذو أغلبية تدعم الفساد لتمرير المعاملات الممنوعة، وتقصي المصلحين الذين يقفون في وجوههم، فسُمي المجلس السابق بمجلس المناديب، وسمي الأسبق بمجلس القبيضة، ولا ندري بماذا سيُسمى مجلسنا الحالي.
أما حكومتنا فتدعي وعلى لسان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجيتها، بأنها أقرب إلينا من حبل الوريد، ولكنها للأسف لا ترانا إلا بـ «عين عذاري».