الحريري لن يعتذر ولن يشكّل حكومة تحت الضغط وتالياً كل العمل باتجاه العرقلة لا يفيد
ثمة أمر مستغرَب جداً... في كل مرة نقوم نحن وآخرون بمساعي التهدئة يخرج باسيل ويقوم بتفجير الوضع
كل ما يحاول باسيل فعله أن يحبس علينا مقعداً وزارياً بالطالع أو بالنازل والسؤال: هل هكذا تُكافأ «القوات»؟ هذا معيب جداً
وفق أرقام باسيل غير الدقيقة عن نسبة تمثيلنا بـ 31 في المئة من الصوت المسيحي تكون حصتنا 5 وزراء... على ماذا «يُشارِع»؟
ليس دور باسيل أن يقسّم ويحدّد حصة هذا الحزب وذاك في الحكومة... بل عمله أن يرى كيف يرتّب أمور حزبه
مهمة التأليف تقع على عاتق الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية ولماذا يتنطّح باسيل ويأخذ دور رئيس الجمهورية؟
للأسف حديث باسيل مليء بالمغالطات وتقريباً لا يمكن أن نستخلص منه كلمة حق واحدة
رفْضنا مناقصة بواخر الكهرباء هو أكثر تصويت مع العهد لأننا جنّبناه صفقة العصر وسنبقى نصوّت ضدّها إلى أبد الآبدين
متمسكون بتفاهم «معراب» وإذا كان باسيل راغباً في نقْضه فهو حرّ
نكنّ كل الاحترام والتقدير لرئيس الجمهورية وأقصى تمنياتنا أن ينجح هذا العهد
أكثر ما يقوّض العهد... تصرّفات باسيل وأقول ذلك بكل أسف
البعض في لبنان يحاول التطبيع وإضفاء نوع من الشرعية على نظام الأسد الذي فَقَد كل شرعيّته وهذا ما لن نقبل به
لا تدخلات إقليمية بمسار تأليف الحكومة وما يحصل هو في سياق عملية طَمَع داخلي لا حدود لها
ما من شيء في بيروت يوحي بأن المخاض السياسي - الدستوري يشي بولادةٍ قريبة للحكومة الجديدة التي دخلتْ مفاوضاتُ تشكيلِها الشهر الثالث وسط أجواء ملبّدة وفي أكثر من اتجاه.
فالصراع يزداد شراسة على أحجام القوى السياسية و«حصصها» في التشكيلة الثلاثينية التي يجهد الرئيس المكلف سعد الحريري لـ «المواءمة» بينها على طريقة لعبة مكعّب «روبيك».
والضغوط التي تُمارَس على مسار التشكيل بدأت تأخذ شكل «الأسلحة المحرمة» كالتلويح بإجراءات من خارج الدستور لإقصاء الحريري عن مهمّته أو البحث عن «فتاوى» لسحْب التفويض منه وما شابه.
وتقترن الأجواء المحمومة التي تحوط الملف الحكومي بتصاعُد الخلاف حول مسائل بالغة الحساسية كالتطبيع مع النظام السوري ومقاربة ملف النازحين السوريين، وكأن في الأمر سباقاً على جدولِ أعمال حكومةٍ لم تولد بعد.
والعلامة الفارقة الأكثر إثارة في غمرة كل ذلك، تتجلى في ما يشبه انهيار العلاقة بين القوّتيْن المسيحيتيْن الأقوى، «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل وحزب «القوات اللبنانية» برئاسة الدكتور سمير جعجع.
فـ «المساكنة الصعبة» بين الطرفين تحت ظلال «تفاهم معراب» الذي جمعهما منذ فتْح «القوات»الطريق أمام انتخاب الزعيم التاريخي لـ «التيار الحر» العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية تكاد ان تتحوّل طلاقاً الآن.
فرغم محاولات التهدئة التي تَشارَكَ فيها رئيس الجمهورية ورئيس «القوات» ودخول رأس الكنسية المارونية (البطريرك مار بشارة بطرس الراعي) على الخط، فإن النار السياسية غالباً ما تَتَجدّد بسبب الصراع على ما بات يُعرف بالتمثيل المسيحي في الحكومة أو بـ«حصة» حزب «القوات».
وفوجئ الدكتور جعجع مع تَسلُّل الصحف الى صباحات بيروت أمس بما وصفه بـ «الهجوم الصاعق» الذي شنّه الوزير باسيل على «القوات اللبنانية» وحجمها التمثيلي ومسؤوليتها في التصدّع الذي أصاب اتفاق معراب.
وقد كشف باسيل عن انه سبق أن أبلغ الى «القوات» وفي شكل رسمي «تعليق» اتفاق معراب بعدما ساق بحقها «مضبطة اتهام»، مشيراً الى ان حجمها التمثيلي لا يؤهلها المشاركة في الحكومة بأكثر من ثلاثة وزراء، عارضاً لمعادلات حسابية في هذا الشأن.
وعن مجمل هذا الواقع، تحدّث الدكتور جعجع الى «الراي» في إطلالة على عناوين «منتقاة» تحاكي يوميات بيروت التي يكاد ان يختزلها ملف تشكيل الحكومة.
وينطلق رئيس «القوات» من ان الرئيس المكلف سعد الحريري «يقوم بجهود جبارة، في الليل والنهار وفي كل مكان من أجل تشكيل الحكومة بأسرع وقت، لكن رغم ان كثيراً من القوى السياسية ونحن منهم نبدي تعاوناً معه ونعمل على تسهيل مهمته، فإن البعض يضع العراقيل ويمنعه من تحقيق التقدم في عملية التأليف»، راسماً علامات استفهام حيال مسار الأمور «إذا استمر هذا البعض على هذا المنوال».
جعجع، لم يَطْرح «من الفراغ» قبل فترة معادلة: الحريري لن يعتذر ولن يؤلف حكومة عوجاء غير مقتنع بها ولا تخدم صورة لبنان، فهل يعتقد في المبدأ ان هناك مَن يريد إحراج الحريري لإخراجه؟ يجيب: «للأسف يتبين أكثر فأكثر ان البعض وأمام مصالحهم مستعدّون للذهاب الى حدّ خراب البلد عبر مثل هذه الطروحات. ودعني أكون واضحاً منذ البدء، الرئيس المكلف، واستناداً الى الدستور، لا مهلة محدَّدة لإنجاز مهمته، وبغض النظر عما اذا كان هذا الأمر صحّ أم خطأ، فهذا بحث آخر. نحن نتحدث الآن وفق الدستور وكما هو سائد في الأعراف والتقاليد المعمول بها، فما من مهلة أمام الرئيس المكلف، ولا يمكن لأحد أن يسحب التكليف منه، وتالياً مهما جرّب البعض فإن الرئيس الحريري لا يمكن ان يفكّر في ترْك التكليف والاعتذار. وهذا البعض موجود بالتأكيد لكننا الى جانب الرئيس الحريري في الجهود التي يبذلها لتشكيل الحكومة، وما حدا يجرّب يدقّ، لا بالدستور ولا بالأعراف والتقاليد القائمة».
وأضاف: «إذا كان أحد يفكّر أنه يمارس ضغوطاً على الرئيس الحريري لتشكيل حكومة غير مقتنع بها، فهم مخطئون لأنه لن يشكل حكومة إلا إذا كان مقتنعاً بها، وتالياً كل العمل في اتجاه العرقلة لا يفيد. والرئيس الحريري لن يعتذر ولن يشكل حكومة تحت الضغط، ومن الأفضل لهؤلاء الكف عن تلك المحاولات وان يتحلوا بالحد الأدنى من المنطق وان يتركوا الحكومة تتشكل كما يجب بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية».
وعن كيفية تلقُّفه الهجوم اللافت (امس) من باسيل الذي تناول اتفاق معراب والأحجام في الحكومة قيد التشكيل، يقول: «بصراحة ثمة أمر مستغرب جداً جداً. ففي كل مرة نقوم نحن وآخرون بمساعي التهدئة يخرج الوزير باسيل ويقوم بتفجير الوضع، وهذا أمر غير مفهوم. ففي المرحلة الأولى قابلتُ رئيس الجهورية واتفقنا على ما اتفقنا عليه وبدأنا بالتهدئة الفعلية، وفور عودتي من القصر اتصلتُ بالوزير باسيل، لكن وبعد نحو 24 ساعة فوجئنا بشنّه هجوماً عاصفاً على«القوات اللبنانية».
ويضيف: «الآن، الجميع يعلمون ان غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي باشر ومنذ الخميس الماضي بمساعٍ للتهدئة، وشاءت الظروف ان التقيه مساء السبت في بقاعكفرا وتكلّمنا أكثر وأكثر عن التهدئة، الى أن فوجئنا اليوم (أمس) بهجوم صاعق من الوزير باسيل. ولا ادري صراحة على أي أسس يتحرك الوزير باسيل».
ويستحضر جعجع حكاية قديمة، وفيها أن فارساً عربياً كان يجتاز الصحراء وصادف على طريقه شخصاً مسافراً سيراً على الأقدام ومصابا بالإعياء، فسأله الفارس، ما بك؟ أجابه انه تعِب ومنهَك متمنياً عليه الصعود خلفه على الحصان، فما كان من الفارس إلا أن نزل عن الحصان لمساعدة المسافر على الصعود، وفي اللحظة التي كان يهمّ الفارس لركوب الفرس، سارع المسافِر الى الهرب مع الحصان، عندها صرَخ به الفارس «يا عم، يا عم، ما من مشكلة، خذ الحصان لكن لا تُخْبِر أحداً بما حدَث بيني وبينك»... فاستغرب المسافر المتعَب وسأله لماذا؟ فردّ عليه: أخاف إن سمِع أحد بما حدث ان تنقطع المروءة والشهامة في الدنيا.
العِبرة من هذه الحكاية في نظر رئيس القوات «تمنيه» لو أن «وسائل الاعلام لا تذكر ما قامت به القوات من جهود في وقت من الأوقات في سبيل انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية... هكذا نكافأ من الوزير باسيل الذي يهاجمنا مراراً وتكراراً. كل ما يفعله الآن هو محاولة لأن يأخذ من تمثيلنا الفعلي. ونحن بالمناسبة لا نريد شيئاً من الوزير باسيل الذي لا يملك بالمناسبة الحكومة ولا المقاعد الوزارية... وكل ما يحاول فعْله ان يحبس علينا مقعداً وزارياً بالطالع او بالنازل. والسؤال يبقى انه بإزاء كل الجهود التي قامت بها القوات هل تكافأ بهذه الشكل؟ هذا معيب جداً».
ولا يتوانى جعجع عن الاستعانة بالمنطق نفسه للوزير باسيل في ما خص الحصة التي ينبغي أن تحصل عليها «القوات» في الحكومة. ويقول: «الوزير باسيل أعلن ان القوات حصدت 31 في المئة من الصوت المسيحي ومع ان هذا غير صحيح اذ انها نالت نسبة 36 في المئة، ولكن سأعتمد أرقامه. الـ 31 في المئة، تعني بالنسبةِ ان القوات حصلت على ثلث الصوت المسيحي، وكم حصة المسيحيين في حكومة من 30 وزيراً؟ 15 وزيراً. وثلث الـ 15 هو 5 وزراء. وعلى ماذا يُشارِع الوزير باسيل إذاً؟ نحن لا نريد منه شيئاً، ولكن هذه نسبة تمثيلنا كما طرَحها هو رغم انها ليست دقيقة كما سبق ان قلتُ. وتالياً كيف يقسّم وعلى ماذا يستند للحديث عن 3 وزراء للقوات؟ وفي الأساس لم يكلفه أحد بذلك، وليس دوره ان يقسم ويحدد حصة هذا الحزب وذاك في الحكومة، بل عمله ان يرى كيف يرتّب أمور حزبه. أما مهمة التأليف فعلى عاتق الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية. ودائماً يتنطّح الوزير باسيل ويأخذ دور رئيس الجمهورية. لا يمكنه فعل ذلك، والآن رئيس الجمهورية هو رئيس الجمهورية ورئيس التيار الحر هو رئيس التيار الحر. وللاسف ان حديث الوزير باسيل (امس) مليء بالمغالطات، وتقريباً لا يمكن ان نستخلص منه كلمة حق واحدة».
ويضيف: «الوزير باسيل يقول انه لم يعد يريد تفاهم معراب لان القوات خرقتْه إذ كان يجب أن تكون مع العهد ولكنها وقفت ضدّه. وحين ندقق بكلامه أين كانت ضدّ العهد يأتي الجواب بأنها كانت تعارض دائماً وزراء العهد. وهذا غير صحيح على الإطلاق. فنسبة تصويتنا لمصلحة المراسيم التي طرَحها وزراء العهد والتيار الوطني الحر على مجلس الوزراء كبيرة جداً وتناهز 90 الى 95 في المئة. وأكبر مثال على ذلك مراسيم بالغة الأهمية مثل النفط والغاز وغيرها. وصحيح هناك مسألة واحدة صوّتنا ضدّها وسنبقى نصوّت ضدّها الى أبد الآبدين وهي مناقصات بواخر الكهرباء لأنها جريمة بحق لبنان... فهذه المناقصة تشوبها 100 شائبة».
ويتابع جعجع: «حتى حزب الله صوّت ضد بواخر الكهرباء. وتالياً هل الوزير باسيل شاطِر في قول إنه يريد إلغاء التفاهم مع القوات لأنهم صوتوا ضدّنا - علماً أن الأمر لم يكن موجهاً ضدّهم بل صوّتنا ضد بواخر الكهرباء - بينما لا يعتمد، أي باسيل، السلوك نفسه مع حزب الله؟ والسؤال هل التصويت ضد بواخر الكهرباء تصويب على العهد وتصويت ضده؟ في رأيي ان هذا أكثر تصويت مع العهد لأننا جنّبناه صفقة العصر. وبالتالي هذا كلام حق يراد به باطل وباطل جداً جداً».
ويتوقّف جعجع بإسهاب عند «مسألة أخرى يتطرق إليها دائماً الوزير باسيل وهي اننا أيّدنا استقالة الرئيس الحريري حين أقدم على هذه الخطوة في نوفمبر الماضي»، سائلاً «الآن صار الوزير باسيل يعرف بمصلحة الرئيس الحريري أكثر من الرئيس الحريري نفسه؟ وصار الوزير باسيل يعرف ماذا حصل مع الرئيس الحريري أكثر من الرئيس الحريري؟ أكيد لا. وهذا كله من باب التجني الخالص فقط لا غير».
ويضيف: «سأقول شيئاً في هذا المجال: حينها قلتُ نعم أنا مع الاستقالة وكان يجب أن تحصل منذ زمن لأن الوضع السيادي والوطني للحكومة كان صار بالأرض. وأذكر أنه في تلك المرحلة، كنا أمام وزير طالع على سورية ووزير نازل، وزير يريد زيارة سورية ووزير لا يريد. وكنا أمام فريق يحارب في اليمن وفريق يهاجم السعودية، في الوقت الذي لطالما اعتمد لبنان سياسة النأي بالنفس. وطبعاً الرئيس الحريري استقال لأن الوضع الحكومي لم يعد يُحتمل بهذا المعنى، وطبعاً كنا معه باستقالته حتى وصلنا الى ما وصلنا إليه في ضوء هذه الاستقالة، أي ما حصل من اتفاق بعدها على سياسة النأي بالنفس التي يمكن القول إنها نقلت الأمور على هذا الصعيد إلى مستوى أفضل بنسبة 60 الى 70 او 80 في المئة. وبالتالي كل ما يسوّقه الوزير باسيل هو مغالطات لا أساس لها، وكل ذلك لحجب مقعد أو حصة وزارية عن القوات اللبنانية».
وحين نسأله ان باسيل وكأنه لم يقفل الباب نهائياً بل لمح الى اتفاق سياسي جديد يقوم على احترام الميثاق والدستور والتنوع المسيحي والوطني، يسارع جعجع الى القول: «هل يَعتبر ان تفاهم معراب لا يحترم الميثاق والدستور والتنوع الوطني؟ اذا كان يريد ان يخرج من الشراكة هو حرّ ولكن نحن لن نخرج منها. وإذا كان يلمح إلى أن تفاهم معرب يمس بالدستور أو الميثاق الوطني أو الشراكة الوطنية، فكيف وقّع عليه؟ علماً انه في تفاهم معراب ثمة اعتراف واضح جداً بالتنوع المسيحي. وحين جرى الحديث عن طريقة التمثيل، تم ذكر حلفاء القوات اللبنانية والتيار الحر، أي لم تكن الأمور في سياقٍ حصري بالفريقين».
وعن تفسيره لهذه الحملة ما دام رئيس الجمهورية يقول ان «التيار الحر» «عين» و«القوات» عين أخرى، وماذا حلّ بخريطة الطريق التي تحدّثتَ عنها حين زرتَ رئيس الجمهورية وكأنها لتعويم اتفاق معراب أو ترميمه؟ يقول: «الوزير باسيل قطع الطريق على أي خريطة طريق، وهذا المستغرب. ولكن في رأيي ان سبب كل هذه الحملة التي لا تنطوي إلا على مغالطات مقعد وزاري بالطالع أو مقعد بالنازل».
وكيف يفسّر كلام باسيل عن «اننا قد لا ندخل الحكومة إذا كنا سندفع أثماناً نحن غير مسؤولين عنها»؟ يجيب: «ليس مطلوباً منه دفْع أثمان. المطلوب من الوزير باسيل ان يكون منطقياً بالحد الأدنى كما جاء على لسانه بقوله ان القوات«حصلت على 30 في المئة من الصوت المسيحي. وعظيم، هذا يعني انه يحق لها بـ 30 في المئة من التمثيل المسيحي. وعظيم لا نريد أكثر من ذلك».
ونسأله: جوهر اتفاق معراب أنكم وضعتم الخلاف الاستراتيجي جانباً (لانتخاب العماد عون) وذهبتُم الى شراكة. وفي الموضوع الاستراتيجي، الخلاف على حاله، وفي الشراكة يبدو كأن هناك نقضاً لهذا الاتفاق، هل تشعرون بأنكم خسرتم الرهان؟ يجيب: «لا. أبداً، لأن ما يهمنا بالدرجة الأولى قواعد التيار الحر، وهؤلاء مثل قواعدنا متمسكون جداً قلباً وقالباً أولاً بالمصالحة وثانياً بتفاهم معراب. ومن جهتنا نحن متمسكون بتفاهم معراب. واذا كان الوزير باسيل راغباً في نقضه فالسبب كما قلت (مقعد وزاري بالطالع او النازل) وهو حرّ».
وعن حرص «القوات» على التمييز بين الرئيس عون والوزير باسيل، وهل هذا الأمر واقعي؟ يقول: «نتصرف كما نرى الأمور بالصواب. فرئيس الجمهورية هو رئيس الجمهورية ونكنّ له كل الاحترام والتقدير وأقصى تمنياتنا ان ينجح هذا العهد. وفي رأيي أن أكثر من يقوّض العهد هو تصرفات الوزير باسيل، وهذا كلام أقوله مع الأسف. ولكن سنبقى نعتبر ان هذا العهد عهدنا».
وهل ينطوي هذا التصلب في مقاربة تأليف الحكومة على حسابات رئاسية للوزير باسيل؟ يجيب: «لا أعرف. ولو كانت المشكلة تقتصر على القوات والتيار، كان يمكن طرح مثل هذا السؤال. ولكن هناك مشكلة بين الوزير باسيل والقوات وبين الوزير باسيل والحزب الاشتراكي، وبين الوزير باسيل وحركة أمل وما أدراك حتى ماذا هناك أبعد من حركة أمل. وكانت هناك علاقة بين الوزير باسيل وتيار المستقبل، وها هو الآن مصرّ على تقويضها. وبالتالي لا أعرف الى أين تسير الأمور، وأتمنى على فخامة رئيس الجمهورية التدخل بسرعة كبيرة وبعملية إنقاذية لوقف مسلسل الصِدام مع الجميع لأن كل هذه الأمور تؤثر بالدرجة الأولى على عهده. فمثل هذا السلوك (من الوزير باسيل) لا يبني وطناً ولا عهداً ولا يسمح بتحسين واقع لبنان على كل المستويات».
وعن تقويمه لمعادلة باسيل ان التيار الحر حصد «دوبل» ما حققتْه «القوات»، يؤكد «نحن نسير بهذا الأمر. ولكن ليس التيار الحر هو الذي حصد بل التيار والمرشحون على اسم العهد هم الذين حصدوا الضعف تقريباً، وهذا صحيح ولهذا يحصلون على الدوبل (في الحكومة) وبالتالي من المقاعد الـ 15 المسيحية في الحكومة 5 تذهب الى القوات و10 يتصرف بها رئيس الجمهورية كما يراه مناسباً».
ونقول له: بدا واضحاً في مجال آخر ان باسيل أطلق مسار عودة الحياة السياسية بين لبنان وسورية، ناهيك عن ملامح سعي لتطبيع العلاقة مع نظام الرئيس بشار الأسد من بوابة ملف النازحين وكأن الامر ينطوي على محاولة لوضع أجنْدة مسبقة للحكومة العتيدة وتموْضعها الاقليمي، فيجيب: «القاصي والداني في الشرق والغرب يعرفون ان بشار الأسد لا يريد إعادة النازحين وهو أكثر طرف لا يرغب بعودتهم للأسباب الديموغرافية والسياسية والاستراتيجية المعروفة. هذا اولاً، وثانياً ان موضوعاً بهذا الحجم لا يمكن لأي فريق ان يتخذ قراراً في شأنه لوحده، فهذا يُترك للحكومة المقبلة لبحثه بين مختلف الأطراف تمهيداً لاتخاذ القرارات اللازمة. وأقول في هذا السياق ان النازحين الذين يرغبون بالعودة لا أحد يمنعهم في لبنان من ذلك، ولكن مَن يمنعهم بالفعل هو نظام الاسد، وبالتالي لمَن يقترح ان نتفاهم مع نظام الأسد على عودتهم، فالأخير لا يريد أساساً ان يعودوا وأعتقد ان الجميع يعرفون ذلك».
وأضاف: «أعطي مثالاً على ذلك ما حصل أخيراً حين تسجل قبل نحو 3 اشهر 3600 اسم لنازحين يرغبون بالعودة الى سورية (من عرسال). وأُرسلت اللوائح الى دمشق ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم، وافقوا نظرياً على 400، وصاروا موافقين على دخول 250 او 350. وبهذا المعدل، واذا كل 4 او 5 أشهر توافق دمشق على عودة 300 او 400، فهذا أقلّ بكثير من عدد الولادات السورية على الأراضي اللبنانية في الفترة نفسها. وتالياً هذه كلها مزحة كبيرة. وجلّ ما يحاول البعض القيام به على هذا الصعيد هو التطبيع وإضفاء نوع من الشرعية على نظام الأسد الذي فَقَد كل شرعيته. ومرة جديدة يحاولون على حساب لبنان وهذا ما لن نقبل به».
وهل يمكن عزل ملف تشكيل الحكومة عن الوهج الاقليمي للأحداث؟ يقول جعجع: «لا أعتقد ابداً ان ثمة تأثيراً للأحداث الإقليمية بمسار تشكيل الحكومة. والمسألة الأساسية في ملف التأليف ان هناك محاولة لتحجيم حضور القوات الوزاري، واستطراداً محاولة تحجيم بعض الأطراف. وهذا كل ما في الأمر. ومَن يفترض أن هناك تدخلات إقليمية يكون قد طرح الأمور في غير إطارها الصحيح. لأن ما يحصل هو في سياق عملية طَمَع داخلي لا حدود لها».