سلسلة ترسم كل حلقة منها خارطة طريق إلى تحسين أحد جوانب الصحة والعافية ... بدنياً ونفسياً

كيف «تُحاصِر» طنين الأذنين؟

1 يناير 1970 05:00 ص

ملف أسبوعي
من إعداد: عبدالعليم الحجار

طنين الأُذنين هو ذلك التصوّر اللحظي أو الدائم الذي يجعلك تتوهم أنك تسمع أصوات ضوضاء متداخلة أو رنينا أو أزيزا في داخل إحدى أذنيك أو كلتيهما معا، وهي الأصوات المزعجة التي تكون مكتومة داخليا ولا يسمعها إلا أنت فقط.
وطنين الأُذنين ليس حالة مرضية في حد ذاته - إنما يكون عادة أحد أعراض حالة مرضية أساسية، بما في ذلك حالات ضعف السمع الناجم عن تقدم السن، أو إصابات الأذنين، أو وجود اضطراب في الدورة الدموية التي تغذي الرأس عموما.
لكن على الرغم من كون طنين الأُذنين مزعجا، فإن الخبر السار هو أنه لا يكون عادة علامة تدل على وجود مرض خطير. وعلى الرغم من أنه قد يتفاقم مع التقدم في العمر، فإنه قابل للتحسن والانحسار لدى كثيرين عند معالجة مسبباته الأساسية.
وانطلاقا من حقيقة كون طنين الأذنين من المشاكل الشائعة - إذ إنه يصيب واحدا من بين كل 5 أشخاص على مستوى العالم، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية – فإننا نسلط الضوء في حلقة اليوم على كيفية مواجهة تلك المشكلة وعلى جوانب أخرى تتعلق بها...

الوقاية خير من العلاج

ذلك الطنين الذي قد تسمعه في داخل أذنيك تكون له أسباب عدة، من بينها حدوث ضرر موقت أو دائم في نهايات أعصاب الأذن الداخلية، أو قد يكون نتيجة لاضطراب في الدورة الدموية، أو غير ذلك من المسببات الأخرى.
وانطلاقا من قاعدة «الوقاية خير من العلاج»، فإن التصرُّف الأمثل لتفادي طنين الأذنين يتمثل في تفادي مسبباته في المقام الأوّل. لكن في حال ظهور الطنين فعليا، فإن هناك اجراءات من شأنها أن تساعدك على كبح أصوات الطنين وما يصاحبها من ازعاج. (طالع المسببات في الكادر المعنون «مشكلة طنين الأذنين... نظرة عامة»).

تفادي مُسببات التفاقم

في حال كانت مشكلة الطنين ملازمة لك فعليا، فإن تفادي مسببات تفاقم الطنين يكون هو التصرف الأنسب لك من أجل كبح تفاقم الأعراض المُصاحبة له. ومن بين مسببات تفاقم حدة الطنين نذكر التالي:
• الضوضاء المرتفعة: الموسيقى الصاخبة هي من بين أخطر المتّهمين في هذا الصدد، لكن هناك متهمين كثر آخرين، بما في ذلك: ضوضاء معدات مواقع البناء، والضوضاء المرورية، وأصوات الطائرات، وأصوت الطلقات النارية، وأصوت الألعاب النارية، وغير ذلك.
• السباحة: يمكن لماء أحواض السباحة الممتزج بالكلور أن يتسرب إلى الأذن الداخلية أثناء السباحة، وهذا بدوره يؤدّي إلى تفاقم مشكلة طنين الأذنين. لذا، عليك بتفادي حدوث ذلك عن طريق وضع سدادات للأذنين أثناء السباحة.
• التوتّر والضغط النفسي: من الممكن أن يتسبب التوتّر والضغط النفسي والعصبي في جعل مشكلة الطنين أكثر سوءا. لذا، حاول أن تبحث عن طُرُق للتنفيس عن التوتّر والضغط العصبي، كممارسة الرياضة وتمارين التأمّل وجلسات المساج.
• الكحوليات والكافيين والنيكوتين: تتسبب هذه المواد في زيادة الضغط على أوعيتك الدمويّة، وينعكس ذلك في صورة طنين في الأذن الداخلية على وجه الخصوص. لذا فإن تفادي تعاطي تلك المواد يسهم بشكل كبير في كبح أصوات الطنين.
• ملح الطعام: الإكثار من ملح الطعام يشكل عبئا سلبيا على الدورة الدموية بالجسم، ما يتسبّب بدوره في ارتفاع ضغط الدم وبالتالي زيادة سوء طنين الأذنين. ولهذا فإن الاعتدال في تناول ملح الطعام من شأنه أن يخفف مشكلة الطنين.

تخفيف الطنين اللحظي

عندما يكون طنين الأذنين حالة عارضة أو عابرة بسبب التعرض لمؤثر طارئ، فيمكنك استخدام إحدى الطرق التالية لمعالجته وتخفيفه:
• الاسترخاء: في معظم الحالات، يختفي صوت طنين الأذنين الحادث بسبب الضوضاء المرتفعة من تلقاء نفسه تدريجيا بعد مرور ساعات قليلة، لكن بشرط زوال المسببات. لذا، فالحل الأمثل في هذه الحالة هو الاسترخاء والابتعاد تماما عن مصادر الضوضاء. وإذا لم يختف صوت الطنين تدريجيا بعد 24 ساعة، فمن الأفضل أن تلجأ إلى طبيب مختص.
• طريقة نقر الجمجة: إن كنت عائدًا للتو من حفل موسيقي ولا يمكنك التخلّص من صوت الطنين المرتفع الذي ما زال عالقا بأذنيك، فسبب ذلك هو أن الأصوات العالية قد تسببت في إتلاف طفيف لبعض الشعيرات القصيرة والنهايات العصبية الكائنة في قوقعة الأذن. ويقوم الدماغ بترجمة هذا التلف على هيئة طنين أو أزيز موقت.
وفي مثل تلك الحالات، يمكنك أن تستخدم الطريقة التالية للتخلّص من ذلك الطنين العارض:
- قم بتغطية أذنيك براحتيّ يديك. ويجب توجيه أصابعك نحو الخلف مع تثبيتها على الجهة الخلفيّة من جمجمتك بحيث يتقابل إصبعيّ الوسطى في الجهة الخلفية من الجمجمة.
- من هذه الوضعية، ضع إصبعيّ السبّابة أعلى إصبعيّ الوسطى.
- بحركات متتالية مفاجئة، افرك إصبعيّ السبابة من على إصبعيّ الوسطى بحيث يصطدما بجمجمتك. ستسمع صوتًا يشبه صوت قرع الطبول عند فعل ذلك، لكن هذا أمر طبيعي.
-استمر بتكرار ذلك من 40 إلى 50 مرّة متتالية. بعد ذلك، توقف وراقب ما إذا كان صوت الطنين قد انحسر أم لا.
تخفيف الطنين المزمن

أما عندما يكون طنين الأذنين مزمنا، فإنه يوصى باتباع الإرشادات التالية للتعامل مع المشكلة:
• استشر طبيبا مختصا: في الحالات المزمنة، عادة ما يكون طنين الأذنين ناجما عن حالة مرضيّة تحتاج إلى علاج على يد طبيب. وفي معظم الحالات، يساعد علاج الحالة المسبّبة للطنين في التخلّص منه تماما، أو على الأقل تقليصه.
بعد الفحص، قد يقرر طبيبك إزالة الشمع الزائد المتراكم في أذنيك، فهذا من شأنه أن يقلل حدة الطنين. وقد يقرر الطبيب فحص أوعيتك الدمويّة لمعرفة ما إذا كانت هناك اضطرابات تقف وراء ذلك الطنين المستمر.
كما يحرص الطبيب عادة على التأكد من التداخلات الدوائية بين الأدوية التي تتناولها. فإذا كنت تتناول أدوية متعددة بشكل متزامن ولفترة طويلة، احرص على أن تتناقش مع طبيبك حول الآثار التداخلية المحتملة التي قد تنجم إذ أنها قد تكون هي المسؤولة عن ذلك الطنين.
• تقنيات تخفيف الضوضاء: يستخدم الأطبّاء عددا من تقنيّات تخفيف الضوضاء للتغطية على صوت طنين الأذنين الذي يعاني منه المريض.وتتضمّن هذه التقنيّات الأجهزة والطرق التالية:
- أجهزة الضوضاء التلطيفية: تقوم هذه الأجهزة بإنتاج ضوضاء تلطيفية في شكل أصوات «خلفية» هادئة وثابتة، كصوت هطول أمطار، أو هبوب الرياح. ويساعد سماع هذه الأصوات التلطيفية في إخفاء صوت طنين الأذنين.
- تعمل المراوح، وأجهزة ترطيب الجو، وأجهزة تخفيف الرطوبة، والمكيّفات أيضًا كأجهزة لإنتاج الضوضاء التلطيفية في الخلفية.
- أجهزة التغطية: هي أجهزة صغيرة الحجم ويتم تركيبها على الأذنين، وتقوم بإصدار ضوضاء تلطيفية بشكل مستمر للتغطية على صوت طنين الأذن.
- مُساعدات السمع: هذه الأجهزة فعّالة ومفيدة جدا سواء لمن يعانون من ضعف السمع أو من مشكلة طنين الأذنين.

المعالجة بالعقاقير

هناك بعض العقاقير التي يمكن أن تسهم في معالجة مشكلة طنين الأذنين. وصحيح أنّ مثل تلك العقاقير لن تخلّصك تماما من الطنين، لكن تناولها تحت اشراف طبيبك قد يسهم بشكل ملموس في تخفيف حدة المشكلة.
على سبيل المثال، اسأل طبيبك المعالج عن استخدام مُضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (tricyclic Antidepressants). فمن الممكن لهذا النوع من الأدوية أن يكون فعّالًا في تلطيف حالات طنين الأذنين الشديدة، على الرغم من أن لها آثار جانبية كجفاف الفم، والزغللة، والإمساك، وتسارع دقات القلب.
واسأل طبيبك أيضا عن امكانية المعالجة بمادة Alprazolam الفعالة التي توجد في عقاقير مثل Xanax و Alprazolam. فلقد أظهرت هذه الأدوية فعالية عالية في تخفيف حدة طنين الأذنين، لكن ينبغي الحذر من خطر الإدمان عليها في حال تعاطيها لفترات طويلة أو بجرعات عالية، بالإضافة إلى آثار جانبية أخرى.

مُستخلص عُشبة الجنكو

من الممكن أن يساعد تناول مستخلص عشبة الجنكو بمعدل 3 مرات يوميًا (مع الوجبات) على زيادة تدفق الدم في الرأس والرقبة، وهو الأمر الذي يساعد بشكل خاص في تقليص الطنين الناجم عن ارتفاع ضغط الدم. وينصح خبراء بأنه ينبغي تناول هذا المستخلص لمدّة شهرين على الأقل قبل تقييم مدى نجاعته وجدواه كعلاج.

 إضاءات

مشكلة طنين الأذنين... نظرة عامة

نُلقي في التالي نظرة عامة وسريعة على أعراض ومسببات مشكلة طنين الأذنين، مع توضيح الحالات المقلقة التي تستدعي منك اللجوء إلى طبيب متخصص:

أعراضها
في معظم الحالات، تشتمل أعراض مشكلة طنين الأُذنين على سماع درجات متفاوتة من الأنواع التالية من الأصوات التوهمية:
• رنين
• أزيز
• زئير (زمجرة)
• نقر
• صفير
• هسهسة
• هدير
في بعض الحالات، يمكن أن يكون صوت الطنين مرتفعا جدا بحيث يتداخل مع قدرتك على التركيز أو سماع الأصوات الفعلية، كما أنه قد يكون دائما ومستمرا طوال الوقت، أو لحظيا، أو قد يأتي ويذهب بشكل تناوبي.

مسبباتها
هناك مسببات عدة تقف وراء ظهور مشكلة طنين الأذنين، وهو الطنين الذي يكون موقتا ولحظيا في حالات التعرض لفترات قصيرة بينما يكون مزمنا في حالات التعرض المستمر أو المتكرر.
في التالي نسرد بإيجاز أبرز تلك المسببات وأكثرها شيوعا:
• ضعف السمع الناجم عن الشيخوخة (وخصوصا بعد سن الستين).
• التعرُّض المستمر لضوضاء عالية (وخصوصا أصوات المعدات الثقيلة، والمكائن والآلات الكهربائية، والقذائف النارية، والموسيقى العالية، وما شابه ذلك).
• انسداد القناة السمعية بالشمع: فشمع الأذن يحمي القناة السمعية من خلال احتجاز الأوساخ وكبح نمو البكتيريا. لكن عندما يتراكم الكثير من ذلك الشمع في القناة السمعية، فإن ذلك يتسبب في انسدادها جزئيا أو كلا وتكون نتيجة ذلك سماع طنين الأُذنين.
• تشوهات عظام الأذن الوسطى: فإصابة عظام الأذن الوسطى بالتصلُّب أو التشوه مثلا تؤدي إلى ضعف حاسة السمع، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى سماع طنين الأُذنين.
• مرض «مينيير»: هو اضطراب يصيب الأذن الداخلية بسبب ضغط غير طبيعي لسوائلها. وقد يؤثر هذا الاضطراب على السمع والتوازن، كما تنجم عنه نوبات من الدوار، وعادة ما يحدث في أذن واحدة).
• اختلالات المفصل الصدغي الفكي (TMJ): أبرز أعراضها آلام تتسبب في صعوبة المضغ مع صدور صوت من المفصل الصدغي الفكي أثناء حركة الفك، وهو الصوت الذي يسبب طنينا في الأذنين.
• إصابات الرأس والرقبة: فمثل هذه الاصابات قد تثير طنينا في الأذنين بسبب تأثيرها على الأذن الداخلية أو أعصاب السمع أو وظائف الدماغ المرتبطة بالسمع.
• أورام العصب السمعي: هي أورام حميدة تصيب العصب القحفي الذي يمتد من دماغك إلى الأذن الداخلية ويتحكم في مهام التوازن والسمع.
• اضطرابات الأوعية الدموية المرتبطة بطنين الأُذنين: في حالات ludkm، يكون طنين الأُذنين ناجما عن اضطراب في وظيفة أحد الأوعية الدموية. وهذا النوع من طنين الأُذنين يُعرف باسم «الطنين النابض»، إذ أنه يكون على هيئة نبضات نظرا لارتباطه بالدورة الدموية التي يحركها القلب.
• بعض العقاقير: هناك عدد من العقاقير التي قد تؤدي إلى ظهور طنين الأُذنين أو زيادة حدته. وعموما، تتراجع حدة الطنين عند التوقف عن استخدام تلك العقاقير أو تقليل جرعتها. ومن أبرز تلك العقاقير المضادات الحيوية، وأدوية السرطان، والعقاقير المُدّرة للبول، وبعض أنواع مضادات الاكتئاب، والأسبرين عند تعاطيه بجرعات عالية.

متى ينبغي اللجوء إلى طبيب؟
صحيح أن معظم حالات طنين الأذنين لا تنذر بوجود خطر يستدعي القلق، لكن الحالات التالية تحديدا تستدعي منك اللجوء في أقرب فرصة إلى طبيب متخصص:
• إذا ظهر طنين الأذنين لديك في أعقاب عدوى حادة في جهازك التنفسي العلوي، مثل نزلة البرد، ولم تتراجع حدة ذلك الطنين في غضون أسبوع.
• إذا ظهر طنين الأُذنين فجأة أو من دون سبب واضح.
• إذا صاحب الطنين شعور بالدوخة (الدوار) أو تراجع مستمر في قوة السمع.