مسؤوليتنا... رأب الصدع

1 يناير 1970 11:31 ص

في علم الطب كما العلوم الأخرى هناك  قواعد أساسية يتفق عليها علماء التخصص ويعرفها الجميع، ونحن هنا نشير إلى أحد أهم القواعد التي يذكرها أطباء الجراحة وهي:
إن الجرح المفتوح من الضروري احتياجه إلى التنظيف والتعقيم قبل إغلاقه حتى يلتئم وهو على نظافة تامة.
وإن غاب دور الطبيب أو المختص بالإشراف، سيتحول الجرح المغلق إلى بؤرة صديدية تقذف المكروبات داخل الجسم وتسبب نوبات من الحرارة وتدخل المريض في دوامة المضادات الحيوية القوية التي سيكون لها مضاعفات على الجسم، هذا اذ كان الجرح خارجيا فكيف اذ كان داخليا ويحتاج الى مُداواة ومُدارات وبذل أقصى الجهود على المــستوى  النفـــسي والفـــكري والســـلوكي.
تدفعنا هذه المقدمة للإقرار بأن هناك جرحا اجتماعيا سلوكيا قيميا قانونيا ينزف لمريض يحملنا المسؤولية والبحث عن حاجتنا الملحة  للعلاج ودراسة واقعنا المتغير والتفكير ملياً في ايجاد طرق جديدة تجعلنا نستجيب بشكل أفضل في تشريح الواقع المجتمعي والبحث عن مهارات وحلول تتناسب مع التحديات ومواجهة المشكلات ، والتصدي لها يتطلب مواجهة الحقائق القاسية ومقدرتنا على الاعتراف بالواقع و مسؤوليتنا في رأب الصدع بشجاعة.
علما بأن هناك من يعمل بقصد أو بجهل على «تشظي المجتمع ونشر الكراهية المقيتة والتحزب الطائفي والقبلي والمناطقي».
وهناك من يحمل بين جنبيه «حب الوطن» في قلبه وروحه وفكره وثقافته وفطرته الإنسانية، ونظام حياته الطبيعية ترشده للتعارف والتضامن والتآزر والتكافل الاجتماعي بالحوار والتواصل الإنساني.
وهي: نقاط مهمة تمثل جسراً للتواصل بين المكونات الاجتماعية وبين مختلف أوجه الحياة البشرية لبداية أي تحول في الاندماج الوطني المجتمعي والتواصل بين الشعوب علماً بأن المسؤولية والرقابة الذاتية وايفاء حقوق الآخرين وتعزيز روح المواطنة هي مقدمات وشروط لاستقرار وتنمية واستمرار هذا الإنسان في الألفة والعيش المشترك مع الآخرين.
كانت رحلتنا في المقالات السابقة وهذه السطور لإثراء وتوسيع مدارك وإثارة دفائن العقول اتجاه موضوع التعايش وهو في غاية الأهمية كمفهوم وشعار تم الحديث عنه على المستوى الفردي والاجتماعي والرسمي في جميع قنوات التواصل والمنتديات وعنوان تم الكتابة عنه.
هنا لا أريد أن اشير لعلاجات بعينها إنما نتساءل :هل التطبيق مازال هناك قصور وتقصير فيه ؟ ونحتاج إلى جهود من قبل المهتمين لإزالة كثير من العقبات مع العلم هناك جهات بدأت منذ زمن وهي: مشكورة لسعيها في هذا الصدد لرأب الصدع ونزع فتيل الكراهية والشتات كالجمعية الكويتية للإخاء الوطني و محبي الخير من أفراد وإعلام وعُلماء وكُتاب ولجان مجتمع مدني.
 لعلي لا أجافي الواقع إن كنت أقول: إن التعايش والاندماج المجتمعي شعورٌ يقلق كثيرا من الشعوب لأ نه عماد من أعمدة الفكر الوطني وقواعده في حال كان الشتات هو السائد فذلك يكون مُعول هدم  في البنية المجتمعية على جميع المستويات.  
من هذا المنطلق، كان لزاماً علينا ونحن نحتفل بمناسبتين مرت على الكويت في الايام الماضية نعمة الاستقلال «57» ونعمة التحرير»27» ندرك تشخيص الجرح المجتمعي النازف للمريض بـ «الطائفية والقبلية والمناطقية والانعزال والاقصاء...»، ووضع خطط مناسبة لتطوير آلية التواصل المجتمعي عبر رافعة أبوية وطنية آخذين في عين الاعتبار توجيهات صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، وهو يقول:
* علينا أن نتقبل الرأي الآخر كما علينا أن نتشاور، لا أن نتعادى وأن ننتقد بلا إشهار وأن نحاسب بلا انتقام فكلنا من الكويت نبدأ... إليها ننتهي... وهي الباقية ونحن الزائلون.
* فلتكن وحدتنا الوطنية غايتنا الاولى... وهدفنا الأعلى.
* تتنوع أصولنا وتتعدد طوائفنا ولكن الوطن والولاء والانتماء واحد... الكويت.
نعم على ضوء ما يشهده العالم من مستجدات مستمرة فإن الاندماج والتعايش الوطني يعتبر من المباني الأساسية والضرورية لقوام وتقويم المجتمع، وعلينا والأجيال القادمة تحمل المسؤولية والمساهمة والمشاركة بجدية وايجابية في تنمية طاقات أبناء الوطن وتجسيد ولائهم للوطن، وليس للطائفة أو القبيلة... ويتم ذلك بالمواطنة وتنمية الضمير المجتمعي الواعي بالتحولات النوعية في التوعية الحضارية ضمن قيم وعادات ديننا وأعرافنا والقانون وهو الحاكم على الجميع .
هناك من يستنكر أو يضع علامات تعجب! واستفهام؟ واثارة جدل حول تأثير ما يكتب وينشر على القنوات سواء من طرح سلبي أو ايجابي يحملنا:
1 - مسؤولية الكلمة والمطالبة والمساندة لمن يدرك أن قانون تجريم الكراهية يعيد نمط الحياة لطبيعتها.
2 - يشعر الجميع بأنهم مسؤولون ومتساوون  تحت قبة القانون.
3 - التحلي بروح المبادرة والمرونة وممارسة المسؤولية الشخصية بالانفتاح والتواصل بشكل جيد مع الآخرين لتحقيق الهدف من الوجود الإنساني.
4 - تحكم الإنسان بمشاعره وانفعالاته التي تمثل سلوكيات الفرد الإيجابية كالأخلاق الحميدة، الصدق، الأمانة، العدل، الترحم، التعاون، التسامح، التآخي... وانعدامها يمثل الجانب السلبي.
5 - التعاون لإشباع حاجات المجتمع الطبيعية، والنفسية والاجتماعية تحت مظلة روح المجتمع الواحد لوطن موحد.
6 - تحقيق التوازن الفكري لضمان الوحدة المجتمعية.
7 - المرونة في قبول الرأي الآخر الذي لا يمس بكرامة الإنسان ولا يقلل  من وطنيته واحترمه للقانون.  
8 - مراعات الفروق المجتمعية الفكرية.
9 - ضمان القانون في العقاب والجزاء من دون النظر إلى «العرق - القبيلة - المنطقة».
10 - تحويل جسد المريض النازف إلى محفز للنشاط والتعاون وايجاد منصة حوار مبني على التعددية ومد جسور التواصل والتلاحم مع جميع مكونات المجتمع وترجمة حلم العيش المشترك والاندماج المجتمعي إلى واقع من خلال مظلة القانون والدين والتنمية المستدامة والاستثمار في الإنسان والأعمال المشتركة الاقتصادية والصناعية والمجتمعية.

* كاتب من السعودية