وقّع كتابه في حفل حضره نخبة من المثقفين والإعلاميين

محمد خليفة... يكشف «لعبة الشيطان» في «الشرق الأسود»

1 يناير 1970 09:57 م

دشن الكاتب محمد خليفة إصداره الجديد «الشرق الأسود... لعبة الشيطان»، في حفل توقيع أقامه في قاعة المرجان لفندق «نيو بارك»، بحضور نخبة من المثقفين والإعلاميين، والمهتمين بالشأن المعرفي.
وأدار الحفل الزميل علاء السمان، الذي أشار إلى أهمية هذا الكتاب في توضيح ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أحداث متلاحقة تحتاج إلى من يلقي عليها الضوء من أجل فهمها فهماً حقيقياً، فيما تحدث المؤلف عن بعض ما تضمنه كتابه من مراجع استند عليها في سرد فكرته. كما تطرق الزميل فوزي عويس إلى مواضيع الكتاب وما يضمنه من رؤى مهمة في سياق الظروف الراهنة.
والكتاب في سياقه العام يتعرض بالبحث والدراسة والتحليل لقضايا راهنة من المتوقع أن يكون تأثيرها على منطقة الشرق الأوسط كبير، من خلال ما تتواتر من أحداث ذات أبعاد سياسية، بعضها يحمل في مدلولاته الغموض والبعض الآخر يمضي في طرق واضحة، وخطط محددة من أجل المحاولة الصارمة في قلب الموازين، وتحويل المسارات، وتغييب الضمائر، والزج بالمنطقة إلى أتون الشر المحدق، وذلك في مساع حثيثة لفرض رؤية بعينها، على مختلف الرؤى الأخرى.
وخليفة صدّر كتابه بالإشارة إلى الآية الكريمة التي تشير إلى «المكر»، فيما أهدى كتابه إلى «الذين لم تتلون قلوبهم وعقولهم بالكذب والخداع والمؤامرة... إلى الذين لم يولدوا بعد»!
إنه التصدير الذي انطلق من خلاله خليفة في توثيق رؤاه والتوسع في استلهام محتوى كتابه الذي كتبه كوثيقة تاريخية يمكن للأجيال القادمة أن تتخذها دليلا على ما ارتكبه البعض في حق مجتمعاته سواء من خلال التحرك والمشاركة، أو حتى من خلال الصمت.
وفي التقديم، أشار مدير تحرير مجلة «أسرتي» محمد مرعي تحت عنوان «حتى لا يصبح الشرق الأوسط شرقا أسود»، إلى إصدارات خليفة والتي بدأها بـ «يوميات ثورة 25 يناير... انتصار شعب وسقوط نظام»، ثم إصدار «ثورة أم الدنيا... حلم أم كابوس»، فالإصدار الثالث وعنوانه «365 إخوان... الصراع والحصاد المر في مصر»، موضحاً أن الإصدار الرابع استخدم فيه خليفة منهج التنقيب عن المعلومات والمعارف والبيانات والأحداث، متأثرا بذلك بتخصصه في دراسة الآثار المصرية القديمة.
وفي مقدمة الكتاب، أجاب خليفة عن سؤال: «لماذا هذا العنوان... الشرق الأسود»؟ ليجيب: «إننا في عالم اختلطت فيه المفاهيم وضاعت الأفكار وجنت الآراء، واختلط فيه الحابل بالنابل... عالم مليء بالمرارة والآلام، وأوطن تحيط بها المصائب والمصاعب من كل جانب... تعاني العراقيل والمتاعب، وصنوف من كل الأسقام من شتى الجوانب».
وأوضح أن كتابه يرصد بعض موجات المخططات والمؤامرات- القديم منها والجديد- على دول الشرق الأوسط بصفة عامة، والدول العربية بصفة خاصة، وذلك لوضعها أمام الأجيال القادمة من أجل فهم ما يدور من أحداث، ناصحا هذه الأجيال باليقظة في عالم يموج بالفتن والأحقاد كغاية يأكل فيها القوي الضعيف، والاستعداد الدائم لتوقع أسوأ الاحتمالات.
وقال: «الأحداث في بلداننا العربية كثيرة ومتلاحقة ومن خلالها اضطربت الكثير من عقول البشر واختلطت الأمور، حتى زاغت عنها الأبصار، وأصبح الكثير من الناس بين الشبهة والتهمة وتحولت المنطقة بأكملها إلى هرج ومرج، فلا منطق ولا عقل ولا تفكير، إنما اتهامات وتهديدات ووعيد... وتداعت الأمم وأصبحنا مثل الذي تتلاطم عليه الأمواج العاتية، من كل حدب وصوب لا يدري إلى أي اتجاه يسير».
ونظرا للأهمية التي تمثلها منطقة الشرق الأوسط في تاريخ الاستراتيجية الدولية، فقد كثرت فيها الأحداث والنزاعات والصراعات، مقارنة بمناطق أخرى في عالمنا الكبير، وهذا ما وضعه المؤلف في ترتيب فصول كتابه، متتبعا شريط الأحداث منذ الدولة العثمانية ثم سقوطها وما نتج عن ذلك من أحداث متلاحقة، احتوت على الحروب والاتفاقيات والمعاهدات والتدخلات الاستعمارية، وترسيم حدود وغير ذلك من الأحداث التي لم تترك المنطقة على هدوئها، بل وضعتها على سطح مائل لا يستقر على حال ولا يستمر على صيغة، فالأحداث لا تتوقف، والآمال تقتل قبل تشكلها.
ومن خلال متابعة حثيثة لتاريخ منطقة الشرق الأوسط، الذي حظي بقدر كبير من الأحداث - استلهم المؤلف رؤيته وبث هواجسه المبنية على حقائق، وليس من خلال تهم تلقى جزافا، وفق ما تضمنته تلك الأحداث من رياح عصفت بالمقدرات، وهدمت الأحلام، فيما اعتمد خليفة على الشخصيات التاريخية التي لعبت أدوارا في هذه الأحداث سواء بالسلب أم الإيجاب.
وافرد المؤلف لـ «بروتوكولات صهيون» الكثير من الصفحات، من خلال تحليل مضامينها وأهدافها، وتطلعاتها. كما أفرد مساحة كافية للمؤامرات التي ضرب شرها العالم العربي، ما أدى إلى تحويله إلى دويلات تكون فيها إسرائيل هي السيد المطاع، من خلال الخرائط والخطط التي أخذت دورها التاريخية في التنفيذ جيلا بعد جيل بينما المجتمعات العربية في غفلة، ومن ثم ظهور مصطلح الشرق الأوسط الجديد لأول مرة عام 2006، ثم... مصطلحات أخرى مرادفة مثل الشرق الأدنى، والشرق الأوسط الكبير، والنظام العالمي الجديد.
وتطرق المؤلف لحلم بن غوريون في «العراق ومصر وسورية»، هذا الحلم الذي أفرز الكثير من الأحداث العاصفة في تلك الدول العربية، وهي أحداث لم تتوقف وتيرتها إلى الآن.
وذكر خليفة قصيدة الشاعر نزار قباني «طعنوا العروبة في الظلام بخنجر»، والتي تلخص كل كالمآسي العربي، وقصيدة الشاعر أحمد مطر «أنا السبب»، وقصيدة الشاعر مصطفى الجزار.
ليصل المؤلف إلى مصر «الجائزة الكبرى» وحروب الجيل الرابع، مؤكدا أن مصر ستظل هدفا ومطمعا للقوى الشيطانية لما تتميز به من موقع جغرافي، كاشفا أن أخلاق المصريين تغيرت، والشارع المصري بناسه وأحداثه وأرقامه لم يعد كما كان في قديم الزمان. وختم خليفة كتابه بفصل «الدول العربية... بقايا أطلال»، ليقول في ختام كتابه: «... ورغم أن الشرور مسيطرة لكن يبقى لي تساؤل أخير، هل من بصيص أمل للعودة؟ وهل هناك من رغبة قد تسري في جسد هذه الأمة أملا في النهوض وسعيا نحو سيادة أو حتى لمجرد إثبات الوجود في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء»؟