على عكس الدعاية الإيرانية وما يقوله المسؤولون الايرانيون، ليس الصراع بين إيران وإسرائيل عقائدياً، بل هو صراع تحركه «عوامل جيوبوليتيكية»، حسب رأي رئيس «المجلس القومي الإيراني - الأميركي» تريتا بارسي، الذي كتب مقالاً في «واشنطن بوست»، حمل عنوان «دحض خمسة أوهام حول إيران».
وبارسي من المقربين من النظام الإيراني، وخصوصاً وزير الخارجية جواد ظريف، منذ كان الأخير يعمل موفداً دائماً لبلاده لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
وأظهرت مراسلات إلكترونية، كشفتها محكمة أميركية، أن بارسي كان يعمل بالتنسيق مع ظريف لتنظيم وتمويل رحلات لأعضاء في الكونغرس ومستشاريهم إلى إيران لاستمالتهم وتحويلهم حلفاء لطهران داخل الكونغرس.
وكتب بارسي في «واشنطن بوست» انه «تاريخياً، تمتعت إيران وإسرائيل بعلاقات قوية مدفوعة بالمخاطر المشتركة التي واجهتهما، من الاتحاد السوفياتي والدول العربية القوية، مثل مصر والعراق»، و«على الرغم من أن قادة إيران انقلبوا على إسرائيل لفظياً مع ولادة الدولة الدينية الايرانية في العام 1979، إلا أن الحقيقة الاستراتيجية لم تتغيّر، واستمرت الدولتان في التعاون خلف الكواليس».
واضاف بارسي، انه أوضح بالتفصيل في كتابه «التحالف الغادر»، كيف أن إسرائيل أوعزت للوبي المؤيد لها لحمل واشنطن على الحديث مع إيران وبيعها أسلحة، كما في فضيحة «إيران كونترا»، وكيف أن اللوبي الإسرائيلي طلب من واشنطن تجاهل الخطاب الإيراني المعادي للغرب.
وكتب بارسي أن القادة الإيرانيين يحاولون تصوير صراع إيران مع إسرائيل في إطار عقائدي، حتى يتمكنوا من الظهور بمظهر المنتصرين لفلسطين والمدافعين عن الإسلام في وجه الغرب.
وأشار إلى «وهم آخر» ينتشر بين الأميركيين ويتوجب دحضه، مفاده أن «إيران تكره أميركا».
وفي هذا السياق، كتب رجل طهران في واشنطن، أنه على الرغم من العداء المتبادل بين الحكومتين، إلا أن الشعب الإيراني يحب نظيره الأميركي، ويحب الثقافة والمبادئ الأميركية، لافتاً إلى أن الإعجاب الايراني لا يشمل سياسة الحكومة الأميركية.
أما الأوهام الثلاث الأخرى، التي حاول بارسي دحضها، فأولها أنه على عكس الاعتقاد السائد، خصوصاً بين أصدقاء إسرائيل في واشنطن، بأن الاتفاق النووي «يؤجّل فقط» حتمية وصول إيران إلى انتاج سلاح نووي، فإن الاتفاق يحرم الايرانيين من إمكانية صناعة هذا النوع من الاسلحة.
أما الوهمان الثاني والثالث، حسب بارسي، فهما الاعتقاد الأميركي بأن إنهاء الاتفاق النووي من شأنه أن يدعم المتظاهرين الإيرانيين، الذي وصفه بأنه اعتقاد خاطئ، وكذلك الاعتقاد بأن «الحركة الخضراء» التي قامت في العام 2009 انتهت إلى فشل، معتبراً أنها نجحت وتجلّى نجاحها بفوز حسن روحاني بالرئاسة الإيرانية.
بعدما أمضى بارسي واللوبي الإيراني في واشنطن، ولايتي الرئيس باراك أوباما وهما يهاجمان إسرائيل وأصدقاءها، بسبب الخلاف الذي كان سائداً آنذاك بين الرئيس الاميركي وتل أبيب، انقلب بارسي ولوبي إيران في موقفيهما، وراحا يسعيان لمصادقة اللوبي الإسرائيلي لعلمهما أن الأخير بات يتمتع بنفوذ أوسع بكثير مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيض الابيض، وأن المحرك الأكبر لمواقف ترامب ضد ايران هو اللوبي الاسرائيلي، وبالتالي، فإن مصادقة هذا اللوبي قد تعفي النظام الإيراني من الضغط الكبير الذي يتوعد به ترامب الحكومة الإيرانية.
أما العدو الدائم لايران وبارسي واللوبي الايراني في أميركا، على الرغم من تغيّر الرؤساء الاميركيين، فهي «الدول العربية القوية»، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، أو هذا ما يبدو على الأقل من مقال قائد لوبي طهران في واشنطن.