خلال جلسة حوارية أقيمت على هامش معرض الكويت الدولي للكتاب

محمد علوان: «موت صغير» رواية مستوحاة من سيرة ابن عربي

1 يناير 1970 07:24 م
حلّ الروائي السعودي محمد حسن علوان- الحائز على جائزة بوكر العالمية في نسختها العربية للعام الحالي- ضيفا على المقهى الثقافي الذي تنظم فعالياته على هامش معرض الكويت الدولي للكتاب الـ 42، من خلال جلسة حوارية حول روايته «موت صغير» الفائزة بالبوكر، أدارتها الكاتبة هدى الشوا، وأجاب فيها علون الكثير عن الأسئلة المتعلقة بظروف كتابته لهذه الرواية التاريخية التي تتناول أحداثها شخصية تاريخية مثيرة للجدل في مجال التصوف، هذه الشخصية يمثلها محي الدين ابن عربي الذي اشتهر في عصره بالشطحات التي أدت إلى اتهامه بالكثير من النعوت.

والرواية التي ناقشها الحوار تنتمي- فيما تنتمي- إلى رؤية تاريخية يدخل في منظومتها الخيال، متحدثة عن ابن عربي منذ نشأته الأولى وولادته في الأندلس، وصولا إلى دمشق التي شهدت قتله، ولقد تعرض علون في الرواية للكثير من المحطات الحياتية التي واجهها ابن عربي في إسقاطات تاريخية وإنسانية مختلفة، عارضا فيها تنقلات ابن عربي بين الأقطار والمدن بين الترحيب والرفض، وما كان يجنيه من استحسان أو استهجان نتيجة لأفكاره التي كان يرى فيها البعض ريادة فكرية والآخر يراها إرهاصات غير محمودة.

وأدارت الشوا دفة الحوار في الجلسة باقتدار من خلال ما طرحته من أسئلة على الضيف، ثم تحويل الدفة إلى الجمهور الذي طرح هو الآخر أسئلته، وأدلى برأيه في الرواية وما تتضمنه من أحداث ومشاهد متنوعة.

ولكن... في الاستهلال تحدث علوان عن الكرم الكويتي الذي حظي به منذ أن وطأت قدماه الكويت، وما شهده من حفاوة أدخلت البهجة إلى نفسه، ثم نوّهت الشوا إلى حصول الضيف منذ أيام قليلة على شهادة الدكتوراه في التسويق الدولي.

وطرحت الشوا على علون سؤالا يتعلق برواياته الأولى التي تنطلق من الزمن الراهن بينما جاءت الأخيرة في سياق تاريخي... وأجاب علون بأنه قطع الكثير من الوقت في حياته بحثا عن المنهجية التي يعتمدها في كتاباته التاريخ مقتنعا أن مهمته الأساسية تندرج ضمن مسؤولية الوصول مع القارئ إلى الحقيقة التاريخية، وحينما وصل إلى هذه القناعة بدأ البحث عن الحدث الأصلح بمعياره الفني، وذلك لخدمة القارئ، وأوضح أنه كان محتارا في توصيف روايته الأخيرة «موت صغير» بين السيرة والرواية، ليضعها في النهاية ضمن الرواية المستوحاة من سيرة ابن عربي.

وطرحت الشوا سؤالا يتعلق بالفعل الذي اعتمده علوان في روايته، ليؤكد علوان أنه كان يريد كتابة رواية فيها المصداقية الفنية كي يبدو الحدث واقعيا، حسب الفترة المعنية والظروف المحيطة بها وقال: «كل ما نعرف أن التاريخ هو الخيال، الذي لا يستطيع أحد أن يجزم بأنه حدث بالفعل»، كاشفا أنه خلال هذه القناعة كتب روايته، وكان يعنيه في المقام الأول اللغة، من منطلق أن المحكي في العالم العربي يكتب بلغة ويحكى بلهجات مختلفة، مشيرا إلى الاعتقاد الذي كان يتوقعه أن الأجيال القديمة كانت تعتمد الفصحى في أحاديثها اليومية، وبنفس خطابي، موضحا أن كتابه التاريخ الاجتماعي قليلة مقارنة بالسياسي.

وتحدثت الشوا عن المقابلة التاريخية بين ابن رشد الذي كان يستخدم العقل في تفسير الظواهر والأحداث وبين ابن عربي الذي كان يستخدم التصوف أو الإشراق، وما تضمنته المقابلة من تضاد في اتجاهين مختلفين، وقال علوان: «الأدب لا يحمل مسؤولية الإصلاح، فهناك مجال متسع لمحاولة الإصلاح في المجتمع، من خلال العنصر الإنساني، فحينما نشرت الرواية اتهمني البعض بمحاولة إحلال الفكر المتصوف على حساب أفكار أخرى سائدة، لدرجة أنهم جعلوا ذلك أشبه بمؤامرة عالمية، كاملة، مؤكدا أنه لم يكن صوفيا قبل وبعد كتابة روايته، ولكن القضية تندرج ضمن العلم والفلسفة والسلوك، وأوضح أن المقابلة التي حدثت بين ابن رشد وابن عربي اختزلها المؤرخون في ما يعادل نصف الصفحة، وذلك من خلال اختلافها في طريقة الوصول إلى الحقيقة».

فيما تطرقت الشوا إلى صورة المرأة في رواية«موت صغير»، من خلال شخصية القابلة فاطمة التي طرحت فكرة طهر قلبك على ابن عربي، وعمته الزاهدة المسنة، ليؤكد علون أنه في المرة الأولى التي صادف فيها كتابات ابن عربي قرأ مقولته:«كل ما لا يؤنث لا يعول عليه»، ليكشف أنه حينما قرأ لابن عربي منذ 15 سنة لم يكن يفهمه، وانه قرر أن يكتب عنه رواية حينما فهمه، وأن ابن عربي كان يذكر شيخاته مثلما يذكر شيوخه، فقد ذكر علاقته بأمه وزوجته وعمته، وغيرهن، وهو الذي قال عندي«أم ترابية»وهي والدته التي أنجبته و«أم روحانية»، التي علمته التصوف وأن أول من لقنته العلم كانت امرأة.

وتحدثت الشوا عن تأنيث المكان من خلال تقديم لوحة فنية في الجسد والتراكيب اللغوية، والدائرة التي تعني لابن عربي رمزا صوفيا وطواف النساء، كي يعلق علوان على هذه المسألة من منظور تاريخي وزمني، ثم فتح المجال للحضور كي يطرح أسئلته ويتحدث عن انطباعاته عن الرواية.